إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بالله عليكم لا تقلبوا الموازيين !!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بالله عليكم لا تقلبوا الموازيين !!!

    عنوان الموضوع : بالله عليكم لا تقلبوا الموازيين !!!
    مقدم من طرف منتديات أميرات

    بالله عليكم لا تقلبوا الموازين

    للأسف الشديد ، هناك الكثير من التصرفات و الأفعال الخاطئة ، و التي أصبحت جزءا من حياتنا ، و إيمانا راسخا في قلوبنا . فمثلا ، تجد أحدهم في رمضان يسئ معاملة الناس ، و يسب ، و يشتم ، ثم يقول بكل برود : " اعذروني ، فأنا صائم !! " . والأدعى من ذلك أنك تسمع إحدى المعلمات تقول لتلامذتها : " أنا صائمة ، فاتقوا شري !! " . و الله ، مفاهيم غريبة و عجيبة ، لا أدري من أين جاؤوا بها ، علاوة على أنها منافية لأمر نبينا عليه الصلاة و السلام ، حين قال : " إذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أوقاتله ، فليقل : " إنـي صائـم " . و لـيس أن أرفث أنـا وأصخب و أقاتـل النـاس ، ثم أقول بكـل غطرسة و تكبـر : " اتقوا شري ، فأنا صائمة " ، و من المفترض على الناس بعد ذلك أن يسامحوني بغض النظر عما فعلت ، و ذلك فحسب لأني صائمة . سبحان الله ، و كأننا نمن على الله بصيامنا ، أو كأننا وحدنا الصائمون لا غير . فهذه المدرسة مثلا ـ و التي أوردت ذكرها آنفا ـ لم تراعي بأن الطلاب الذين أمامها هم كذلك متعبون و صائمون مثلها تماما . كما أن المسلم في الأصل هو من سلم المسلمون من لسانه و يده ، فكيف بأفضل الشهور ، وأكثرها بركة ، وتحصيلا للأجر والمغفرة ؟! و قد قال صلى الله عليه و سلم : " رب امرئ ليس له من صيامه إلا الجوع و العطش " .

    و هناك ميزان آخر قد قلب ، و هـو الطريقـة التـي يتم بهـا تقدير النـاس و احترامهم ، و خاصة بين الصغير و الكبير . فمثلا ، أذكر أننا عندما كنا صغارا ، و إلى أتممنا المرحلة الثانوية ، كنا عندما يدخل علينا أي مدرس أو مدرسة في الفصل نسرع بالوقوف ، مقدمين بذلك فروض الولاء و الطاعة . وتبين لي مؤخرا ، عندما كنت أقرأ سيرة نبينا صلى الله عليه و سلم ، أن هذه العادة خاطئة و لا تعبر عن أي نوع من الاحترام أو التقدير . و ذلك فضلا عن أنها ليست من الإسلام في شئ ، فقد حدث أبو أمامة فقال : " خرج علينا الرسول صلى الله عليه و سلم متوكئا على عصا ، فقمنا له ، فقال : " لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضا " ، و قال ( من فرط تواضعه صلى الله عليه و سلم ) : " إنما أنا عبد ، آكل كما يأكل العبد ، و أجلس كما يجلس العبد " . و قال كذلك : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، و إنما أنا عبد فقولوا : عبد الله و رسوله " ، و نلاحظ أن جميع صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم كانوا ينادونه : " يا رسول الله " .

    وفي سياق حديثنا عن احترام و تقدير الآخرين ، إنه ليحزنني أن أرقب كبار المسؤولين ، والرؤساء ، والمدرسين كذلك ، ممن اغتروا بأنفسم و ركبهم مرض الكبريـاء و العجـب ( بضم العين و سكون الجيم ، وهو الكبر و الزهو ) بالنفـس و بغير مبرر . و مع هذا نرى الكثير من ضعاف النفوس ( و الأجدر تسميتهم المنافقين ، فهم يقدمون لهم فروض الاحترام و يبجلونهم ، وهم من ورائهم يحملون لهم كل الكـره والضغينة ، مع الملاحظة أن هذا التصرف الأرعن ، والـذي يتككـرر كثيـرا ـ للأسف ـ و بطرق مختلفة ، هو من أسباب ضعف الأمة و هوانها ) . و أذكر هنا موقف نبينا عليه الصلاة و السلام ، عندما دخل عليه رجل ، فأصاب الرجل من هيبة النبي صلى الله عليه و سلم رعدة ، فقال عليه أفضل الصلاة و السلام : " هون على نفسك ، فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد " ، فما أعظمك يا رسول الله صلى الله عليه و سلـم ، فرغم علـو مكانتـك وقدرك لم تنس ماذا كنت في الأصل ، و كيف أكرمك الله سبحانه و تعالى كما قال تعالى في سورة الضحى ، يخاطب نبينا عليه الصلاة و السلام : " ألم يجدك يتيما فئاوى ، و وجدك ضالا فهدى ، و وجدك عائلا فأغنى " . لم ينس النبي صلى الله عليه و سلم ( رغم عظمه ، و جلاله ) ماذا كان في الأمس ، و كيف غدا اليوم بفضل الله ، فأكرمه الله سبحانه و تعالى في الدنيا و الآخرة .

    و في ذات السياق ، أذكر أنه في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، بالغ النساء في مقدار المهور فخطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الناس خطبة حدد فيها مقدارا معينا للمهر ، فقامت واحدة من النساء ، وقالت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن الله سبحانه و تعالى يقول : " وإن أردتم استبـدال زوج مكـان زوج و آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينـا " سورة النسـاء ( الآية :20 ) . فما كان منه رضي الله عنه وأرضاه إلا أن قال : " أصابت امرأة و أخطأ عمر " ، وفي رواية : " كل الناس أفقه منك يا عمر " . هكذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو واحد من أعظم صحابة رسول الله صلى الله عليـه وسلم ، ومن العشرة المبشرين بالجنة ، وخليفة المسلمين و أميرهم آنذاك . قالها بكل قوة و شجاعة و دونما جبن و ارتباك : " أصابت امرأة وأخطأ عمر " ، و لم يقل لتلك المرأة ـ مثلا ـ : " كيف تجرئين و تجادليني و أنا الخليفة ، وأنت امرأة ؟! "

    و روي كذلك ، أنه رضي الله عنه كان يحادث نفسه ذات مرة ، فقال : كنت وضيعا فرفعك الله ، وكنـت ضالا فهداك الله ، و كنت ذليلا فأعـزك الله ، فمـا تقول لربـك ؟
    تصوروا إخواني في الله أن هذا سؤال يسأله لنفسه أحد الصحابة الكرام ، وأحـد العشـرة المبشرين بالجنة ، فيقول: فما تقول لربك غدا ؟! و من هنا أدعو كل متكبر و معجب بنفسه إلى يتوب إلى الله و يعود غليه ، و أن يتذكر أصله ومن كان قبل أن يكرمه يمن عليه ، سواء بالمال ، أو الجاه ، أو العلم ، أو الغنى .

    أما الميزان الثالث ، و الذي قلب كذلك فهو عدم سيرنا على نهج نبينا ، والسير تبع أهوائنا ، و ما تمليه عليه نفسنا الأمارة بالسوء . فقد حكـا لي أخي الصغير إنه عندما ذهب مـرة المسجد مبكرا ، وقف في الصف الأمامـي . فلما امتـلأ المسجد بالمصلين ، أمـر أحد المصلين أخـي الصغير بالرجوع إلـى آخر الصفوف ، و ذلك بحجة أن يستـوي الصف ( فأخي قصير القامة ، باعتباره صغيرا ) . وهذا يناقض مـا قام به نبينا عليه الصلاة والسلام مع اختلاف غير جوهري في الموقف ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلـي وهـو يحمل أمامـة بنت زينب ابنته رضي الله عنها و أرضاها ، فكان يحملها علـى عاتقه وهـو يصلـي ، فـإذا سجـد و ضعها ، وإذا قام حملها على عاتقه . ولم يمنعه هذا من الخشوع في الصلاة .

    و آخر ما أرويه لكم عن الموازيين المقلوبة في حياتنا ، هو قـول البعض ـ هداهـم الله ـ وأغلبهم من النساء المسلمات : أن التديـن الحقيقـي ليـس الحجـاب ، ولا اللحية ، ولا الصلاة ، و لكن الأخلاق الحسنة ....إلخ هذه الاسطوانة المشروخة ـ رغم ما فيها من صحة ـ و هم يستشهدون في مقالتهم هذه بقول الرسول صلى الله عليه و سلـم : " إن الله لا ينظـر إلـى صوركم و أشكالكم ، و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم " . و رغم هذا ، فمقالتهم مردود عليها ، و أقول في الرد على هؤلاء ( و أرجو أن تسامحوني في مقولتي هذه ) : " هل تقبلون أن تخرج امرأة عارية إلى الشارع ، و إذا سألت عن سبب ذلك قالت بكل بساطة : " ليس المهم المظهر بل الجوهر ؟! " أو " العبرة ليست بالظاهر و لكن بالبطن " ، و هو بالضبط ما يزعمه هؤلاء . و أرد عليهم كذلك بحديث نبينا صلى الله عليه و سلم : " الإيمان ما و قر في القلب ، و صدقه بالعمل " ، فلو كان باطن الإنسان سليما ، وجب أن يكون ظاهره كذلك . كما أن عليهم ألا ينسوا أنهم يجادلون في فروض الله ، و أوامر النبي صلى الله عليه السلام ، و هذا ما ليس لهم حق الخوض فيه ، كما قال تعالـى في سورة الحشر : " و ما آتاكم الرسول فخذوه ، و ما نهاكم عنه ، فانتهوا " ، و كذلك قوله تعالى في سورة الأحزاب " ما كان لمؤمن و لا مؤمنة غذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهه الخيرة من أمرهم " . فأما مـاورد فـي القرآن عن الصلاة و الحجاب فهو واضح و بين . و إنما أكتفي هنا بذكر حديث الرسول صلـى الله عليهو سلم عن اللحى : " أعفو الشوارب ، و أرخو اللحى " . و كذلك حديثه عن حسن الخلق لتمام المعنى ، و للتأكيد على أهمية كل من مظهر المسلم أو المسلمة ، وأفعالهمـا ، وخلقهمـا، فيقول صلى الله عليه و سلم : " ما من شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق " . وكذلك : " إن من أحبكم إلي ، و أقربكم مني مجلسا يوم القيامة ، أحاسنكم أخلاقا " . وقال كذلك : " أنا زعيم لبيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ، وإن كان محقا . وزعيم لبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ، وإن كان مازحا. وزعيم لبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " ، ( وزعيم أي ضامن ) .

    فبالله عليكم لا تجادلوا في فروض الله ، و أوامر النبي صلى الله عليه وسلم . و إذا أردتم وعظ الناس ، فقولوا التي هي أحسن . و أخيرا و ليس آخرا ، لا تقلبوا الموازيين .

    " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "


    >>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
    ==================================

    العزيزة عين التسنيم

    حقيقة كم نفخر بكونك عضوة منتسبة لهذا المنتدى الذي تميز ولا يزال
    بأقلام منيرة هادية ..
    لقد كتبت فأجدتِ.. ودخلنا معك في عدة حلقات وكنا نخرج منها بسلام...
    موضوع شيق وايجابي جدا

    وينقل الى روضة السعداء

    بارك الله فيكِ ونفع بكِ.


    __________________________________________________ __________
    جزاكي الله خيراً أختي عين التسنــيم
    على الموضوع الراقي والفكــر المستنير


    __________________________________________________ __________

    __________________________________________________ __________
    مشكوووووووووور علي الموغصه

    __________________________________________________ __________
    بالله عليكم لا تقلبوا الموازين

    للأسف الشديد ، هناك الكثير من التصرفات و الأفعال الخاطئة ، و التي أصبحت جزءا من حياتنا ، و إيمانا راسخا في قلوبنا . فمثلا ، تجد أحدهم في رمضان يسئ معاملة الناس ، و يسب ، و يشتم ، ثم يقول بكل برود : " اعذروني ، فأنا صائم !! " . والأدعى من ذلك أنك تسمع إحدى المعلمات تقول لتلامذتها : " أنا صائمة ، فاتقوا شري !! " . و الله ، مفاهيم غريبة و عجيبة ، لا أدري من أين جاؤوا بها ، علاوة على أنها منافية لأمر نبينا عليه الصلاة و السلام ، حين قال : " إذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أوقاتله ، فليقل : " إنـي صائـم " . و لـيس أن أرفث أنـا وأصخب و أقاتـل النـاس ، ثم أقول بكـل غطرسة و تكبـر : " اتقوا شري ، فأنا صائمة " ، و من المفترض على الناس بعد ذلك أن يسامحوني بغض النظر عما فعلت ، و ذلك فحسب لأني صائمة . سبحان الله ، و كأننا نمن على الله بصيامنا ، أو كأننا وحدنا الصائمون لا غير . فهذه المدرسة مثلا ـ و التي أوردت ذكرها آنفا ـ لم تراعي بأن الطلاب الذين أمامها هم كذلك متعبون و صائمون مثلها تماما . كما أن المسلم في الأصل هو من سلم المسلمون من لسانه و يده ، فكيف بأفضل الشهور ، وأكثرها بركة ، وتحصيلا للأجر والمغفرة ؟! و قد قال صلى الله عليه و سلم : " رب امرئ ليس له من صيامه إلا الجوع و العطش " .

    و هناك ميزان آخر قد قلب ، و هـو الطريقـة التـي يتم بهـا تقدير النـاس و احترامهم ، و خاصة بين الصغير و الكبير . فمثلا ، أذكر أننا عندما كنا صغارا ، و إلى أتممنا المرحلة الثانوية ، كنا عندما يدخل علينا أي مدرس أو مدرسة في الفصل نسرع بالوقوف ، مقدمين بذلك فروض الولاء و الطاعة . وتبين لي مؤخرا ، عندما كنت أقرأ سيرة نبينا صلى الله عليه و سلم ، أن هذه العادة خاطئة و لا تعبر عن أي نوع من الاحترام أو التقدير . و ذلك فضلا عن أنها ليست من الإسلام في شئ ، فقد حدث أبو أمامة فقال : " خرج علينا الرسول صلى الله عليه و سلم متوكئا على عصا ، فقمنا له ، فقال : " لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضا " ، و قال ( من فرط تواضعه صلى الله عليه و سلم ) : " إنما أنا عبد ، آكل كما يأكل العبد ، و أجلس كما يجلس العبد " . و قال كذلك : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، و إنما أنا عبد فقولوا : عبد الله و رسوله " ، و نلاحظ أن جميع صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم كانوا ينادونه : " يا رسول الله " .

    وفي سياق حديثنا عن احترام و تقدير الآخرين ، إنه ليحزنني أن أرقب كبار المسؤولين ، والرؤساء ، والمدرسين كذلك ، ممن اغتروا بأنفسم و ركبهم مرض الكبريـاء و العجـب ( بضم العين و سكون الجيم ، وهو الكبر و الزهو ) بالنفـس و بغير مبرر . و مع هذا نرى الكثير من ضعاف النفوس ( و الأجدر تسميتهم المنافقين ، فهم يقدمون لهم فروض الاحترام و يبجلونهم ، وهم من ورائهم يحملون لهم كل الكـره والضغينة ، مع الملاحظة أن هذا التصرف الأرعن ، والـذي يتككـرر كثيـرا ـ للأسف ـ و بطرق مختلفة ، هو من أسباب ضعف الأمة و هوانها ) . و أذكر هنا موقف نبينا عليه الصلاة و السلام ، عندما دخل عليه رجل ، فأصاب الرجل من هيبة النبي صلى الله عليه و سلم رعدة ، فقال عليه أفضل الصلاة و السلام : " هون على نفسك ، فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد " ، فما أعظمك يا رسول الله صلى الله عليه و سلـم ، فرغم علـو مكانتـك وقدرك لم تنس ماذا كنت في الأصل ، و كيف أكرمك الله سبحانه و تعالى كما قال تعالى في سورة الضحى ، يخاطب نبينا عليه الصلاة و السلام : " ألم يجدك يتيما فئاوى ، و وجدك ضالا فهدى ، و وجدك عائلا فأغنى " . لم ينس النبي صلى الله عليه و سلم ( رغم عظمه ، و جلاله ) ماذا كان في الأمس ، و كيف غدا اليوم بفضل الله ، فأكرمه الله سبحانه و تعالى في الدنيا و الآخرة .

    و في ذات السياق ، أذكر أنه في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، بالغ النساء في مقدار المهور فخطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الناس خطبة حدد فيها مقدارا معينا للمهر ، فقامت واحدة من النساء ، وقالت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن الله سبحانه و تعالى يقول : " وإن أردتم استبـدال زوج مكـان زوج و آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينـا " سورة النسـاء ( الآية :20 ) . فما كان منه رضي الله عنه وأرضاه إلا أن قال : " أصابت امرأة و أخطأ عمر " ، وفي رواية : " كل الناس أفقه منك يا عمر " . هكذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو واحد من أعظم صحابة رسول الله صلى الله عليـه وسلم ، ومن العشرة المبشرين بالجنة ، وخليفة المسلمين و أميرهم آنذاك . قالها بكل قوة و شجاعة و دونما جبن و ارتباك : " أصابت امرأة وأخطأ عمر " ، و لم يقل لتلك المرأة ـ مثلا ـ : " كيف تجرئين و تجادليني و أنا الخليفة ، وأنت امرأة ؟! "

    و روي كذلك ، أنه رضي الله عنه كان يحادث نفسه ذات مرة ، فقال : كنت وضيعا فرفعك الله ، وكنـت ضالا فهداك الله ، و كنت ذليلا فأعـزك الله ، فمـا تقول لربـك ؟
    تصوروا إخواني في الله أن هذا سؤال يسأله لنفسه أحد الصحابة الكرام ، وأحـد العشـرة المبشرين بالجنة ، فيقول: فما تقول لربك غدا ؟! و من هنا أدعو كل متكبر و معجب بنفسه إلى يتوب إلى الله و يعود غليه ، و أن يتذكر أصله ومن كان قبل أن يكرمه يمن عليه ، سواء بالمال ، أو الجاه ، أو العلم ، أو الغنى .

    أما الميزان الثالث ، و الذي قلب كذلك فهو عدم سيرنا على نهج نبينا ، والسير تبع أهوائنا ، و ما تمليه عليه نفسنا الأمارة بالسوء . فقد حكـا لي أخي الصغير إنه عندما ذهب مـرة المسجد مبكرا ، وقف في الصف الأمامـي . فلما امتـلأ المسجد بالمصلين ، أمـر أحد المصلين أخـي الصغير بالرجوع إلـى آخر الصفوف ، و ذلك بحجة أن يستـوي الصف ( فأخي قصير القامة ، باعتباره صغيرا ) . وهذا يناقض مـا قام به نبينا عليه الصلاة والسلام مع اختلاف غير جوهري في الموقف ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلـي وهـو يحمل أمامـة بنت زينب ابنته رضي الله عنها و أرضاها ، فكان يحملها علـى عاتقه وهـو يصلـي ، فـإذا سجـد و ضعها ، وإذا قام حملها على عاتقه . ولم يمنعه هذا من الخشوع في الصلاة .

    و آخر ما أرويه لكم عن الموازيين المقلوبة في حياتنا ، هو قـول البعض ـ هداهـم الله ـ وأغلبهم من النساء المسلمات : أن التديـن الحقيقـي ليـس الحجـاب ، ولا اللحية ، ولا الصلاة ، و لكن الأخلاق الحسنة ....إلخ هذه الاسطوانة المشروخة ـ رغم ما فيها من صحة ـ و هم يستشهدون في مقالتهم هذه بقول الرسول صلى الله عليه و سلـم : " إن الله لا ينظـر إلـى صوركم و أشكالكم ، و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم " . و رغم هذا ، فمقالتهم مردود عليها ، و أقول في الرد على هؤلاء ( و أرجو أن تسامحوني في مقولتي هذه ) : " هل تقبلون أن تخرج امرأة عارية إلى الشارع ، و إذا سألت عن سبب ذلك قالت بكل بساطة : " ليس المهم المظهر بل الجوهر ؟! " أو " العبرة ليست بالظاهر و لكن بالبطن " ، و هو بالضبط ما يزعمه هؤلاء . و أرد عليهم كذلك بحديث نبينا صلى الله عليه و سلم : " الإيمان ما و قر في القلب ، و صدقه بالعمل " ، فلو كان باطن الإنسان سليما ، وجب أن يكون ظاهره كذلك . كما أن عليهم ألا ينسوا أنهم يجادلون في فروض الله ، و أوامر النبي صلى الله عليه السلام ، و هذا ما ليس لهم حق الخوض فيه ، كما قال تعالـى في سورة الحشر : " و ما آتاكم الرسول فخذوه ، و ما نهاكم عنه ، فانتهوا " ، و كذلك قوله تعالى في سورة الأحزاب " ما كان لمؤمن و لا مؤمنة غذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهه الخيرة من أمرهم " . فأما مـاورد فـي القرآن عن الصلاة و الحجاب فهو واضح و بين . و إنما أكتفي هنا بذكر حديث الرسول صلـى الله عليهو سلم عن اللحى : " أعفو الشوارب ، و أرخو اللحى " . و كذلك حديثه عن حسن الخلق لتمام المعنى ، و للتأكيد على أهمية كل من مظهر المسلم أو المسلمة ، وأفعالهمـا ، وخلقهمـا، فيقول صلى الله عليه و سلم : " ما من شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق " . وكذلك : " إن من أحبكم إلي ، و أقربكم مني مجلسا يوم القيامة ، أحاسنكم أخلاقا " . وقال كذلك : " أنا زعيم لبيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ، وإن كان محقا . وزعيم لبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ، وإن كان مازحا. وزعيم لبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " ، ( وزعيم أي ضامن ) .

    فبالله عليكم لا تجادلوا في فروض الله ، و أوامر النبي صلى الله عليه وسلم . و إذا أردتم وعظ الناس ، فقولوا التي هي أحسن . و أخيرا و ليس آخرا ، لا تقلبوا الموازيين .

    " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "




يعمل...
X