إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ألف عابد وفقيه .. أيهما تحب .. ؟! ( تعلم كيف تعبد الله ) - تم الرد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ألف عابد وفقيه .. أيهما تحب .. ؟! ( تعلم كيف تعبد الله ) - تم الرد

    عنوان الموضوع : ألف عابد وفقيه .. أيهما تحب .. ؟! ( تعلم كيف تعبد الله ) - تم الرد
    مقدم من طرف منتديات أميرات

    بسم الله الرحمن الرحيم ..
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين بكرة وأصيلا ..
    وعلى أزواجه وآل بيته وصحابته المكرمين ..

    قد يتساءل الإنسان كثيرا عن أمور تحصل له في حياته ..
    ويستهين بتلك الأمور حتى يتخذ لنفسه عادة وهي السؤال وطلب الفتوى ..
    وكأن السؤال عن الدين أصبح من الواجبات الشرعية .. !

    صحيح أن السؤال لأهل العلم مطلوب شرعا ..
    لإرشاد الله تعالى الناس إلى ذلك بأن طلب منهم سؤال أهلم العلم ..
    لكن فلتتنبه فالسؤال المأمور به هنا أن تسأل عن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
    مع دليله الشرعي الذي يطلب ذلك الأمر منك ..

    لكن لا يمكن أن يغفل المرء عن واجب آخر ..
    ألا وهو وجوب تعلم المسلم أو المسلمة ما يقيم به دينه الذي ارتضاه الله عز وجل لعباده ..

    فكل مسلم يجب عليه أن يتعلم كيف يعبد الله ..
    في صلاته وفي صيامه وفي حجه ..

    وإن كان ذو مال فيجب عليه أن يتعلم الزكاة والمعاملات المالية الشرعية وما فيها من حرام وحلال ..
    ومن التحق بالقضاء وجب عليه أن يتعلم القضاء الإسلامي وما فيه ..

    وهكذا ..

    هذا الحد الادنى الذي يجب عليك ..
    ولو زاد المسلم لكان نفعه عاما على المسلمين جميعا ..
    فينتفع منه أولاده وأزواجه وأقرباءه ومجتمعه ..

    فكل إنسان يعمل بما يستطيع لايصال الحق إلى الناس ..
    وأولى الناس بالنسبة لك فهو أنت فالأقرب والأقرب ..
    فنحاول تعلم ديننا على بصيرة ..
    فيكفينا الله الكثير من السؤال ..

    وقد يعتذر البعض منا بصعوبة دراسة الفقه الإسلامي من كتبه القديمة ..
    وهذا حق لا أنكره وقد يصعب ذلك أحيانا على بعض طلبة العلم ..
    إلا أن الواجب على طلبة العلم التيسير للناس وتبسيط المسائل ليفهمها القارئ العادي ..

    فالفقيه لا يعني أنه متعمم وذو لحية طويلة وثوب قصير ..
    وإنما الفقيه من علم الحلال وأتاه وعلم الحرام واجتبه ..
    وذلك الذي يفيد دينه وأمته ونفسه ..

    وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ..
    لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ..
    أو كما قال ـ بأبي هو وأمي ـ ..

    لذلك أحبتي في الله ..
    أحببت أن اكتب هذا المقال الذي أظنه سيفيد الأخوة والأخوت في مسائل العبادات ..
    وهي خلاصة لا غنى عنها لو تأملها القارئ جيدا ..
    وسأضعها على شكل حلقات أو جلسات لمن أراد المتابعة ..
    ولو لم تكن هناك متابعة ورغبة ستتوقف الحلقات رغما عني ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ ..

    فأسأل الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم ..
    وأن يفيد بها ولو رجلا أو امرأة ..

    وسنتكلم بحول الله وقوته بمقدمة لابد منها في موضوع تعلم العبادات ..
    وستكون بعبارات مبسطة تسهل على القارئ العادي بإذن الله ..
    وستكون المقدمة عن ..

    تعريف الطهارة ..
    وأنواع الطهارة ..
    وحكم الطهارة ..
    ووسائل الطهارة ..

    لأن العبادة يجب لها التطهر ..
    وإن كان ذاك فلا بد من معرفة الطهارة وكل ما يتعلق بها ..

    ***


    الموضوع الأول ..
    تعريف الطهارة ..


    أما تعريف الطهارة ..
    فهو واضح ويدور حول النظافة والتنزه عن الأقذار في الفقه ..

    وقد يطلق في الشرع على أمور أخرى ..
    ومنها على سبيل المثال لا الحصر ..

    الأمر الأول ..
    الطهارة من الشرك والأوثان ..

    لقوله تعالى : { أن طهرا بيتي للطائفين } سورة البقرة (125) ..

    الأمر الثاني ..
    الطهارة من الفاحشة ..
    لقوله تعالى : { يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك } سورة آل عمران (42) ..



    الأمر الثالث ..
    الاغتسال ..
    لقوله تعالى : { وإن كنتم جنبا فطهروا } سورة المائدة (6) ..

    الأمر الرابع ..الطهارة من الأحداث عموما ..
    لقوله تعالى : { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } سورة الأنفال (11) ..


    الموضوع الثاني ..
    أنواع الطهارة ..

    الطهارة تنقسم إلى قسمين ..

    القسم الأول ..

    الطهارة الحسية ..
    وهي طهارة الشيء حقيقة وإزالة النجاسة عنه ..
    بأن تكون هناك نجاسة على البدن وتزال بالماء وغيرها من وسائل التطهر والتطهير أو تكون على الثوب أو المكان كالأرض ونحوها ..

    والقسم الثاني ..

    الطهارة المعنوية ..
    وهي تطهير الشيء مجازا ..
    بأن لا نعلم نجاسة حقيقة معينة واضحة على البدن أو نحوه ويأمرنا الله تعالى بالتطهر منها كالوضوء ..
    فالجميع يعلم أن من لم ينتقض وضوءه ثم نام يكون وضوءه منتقضا ..

    والنوم ليس بنجس يقينا وبالاتفاق ..
    لكن يطلب من النائم الوضوء لأنه يظن أنه قد خرج منه الريح مثلا أو مس مكاناً بيده دون أن يعلم ..
    وإن توضأ فلن يغسل دبره أو فرجه الذي ظن أنه خرج من الريح أو مسه ..
    فنعلم هنا أن الوضوء طهارة لأعضاء معينة في البدن رغم عدم وجود نجاسة حقيقة على تلك الأعضاء ..
    وإنما قد تخرج أو توجد النجاسة في مكان آخر كمن دخل الخلاء ـ أي الحمام ـ ليقضي حاجته ..
    فلا الوجه ولا الرأس ولا اليدين ولا الرجلين مسهما النجس الخارج ..

    بل أعضاء بعيدة عنه تماما تعبدا لله تعالى ..
    فالشارع ألحق بعض الأشياء بالنجاسة الحقيقة وأمرنا بالاحتراز منها والتطهر إن حصلت أو خرجت منا لاستباحة الصلاة ..

    فلا يقبل الله صلاة مسلم أو مسلمة إلا بالطهارة المعنوية بعد إزالة النجاسة الحقيقية ..


    الموضوع الثالث ..
    حكم الطهارة ..


    فيجب التطهر من الأنجاس والأحداث الأصغر منها والأكبر (1) ..
    عند إرادتنا الصلاة وغيرها من العبادات التي يجب أن تكون فيها على طهارة ..
    لذلك تبدأ كتب الفقه بهذا الباب لأنه شرط من شروط الصلاة (2) ..


    الموضوع الرابع ..
    وسائل الطهارة ..


    يكون التطهر أو التطهير سواء تطهير البدن أو المكان أو الأشياء عموما ..
    بأحد هذه الأمور ..


    أولا ..
    بالماء ..

    كالوضوء عند الحدث الأصغر ..
    والغسل للبدن عند الحدث الأكبر ..
    أو غسل مكان النجاسة إن وقعت النجاسة في مكان ما ..
    أو النضح وهو الرش الخفيف بالماء على مكان النجاسة من الثياب ..
    أو صب الماء مكان النجاسة كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حين بال أعرابي في المسجد فلما قضى بوله ..
    أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه (3) ..
    أو المكاثرة ..
    بأن يكون لديك نجاسة وقعت في سائل كالماء مثلا ..
    فإن أضفت عليه الماء الكثير زالت صفة النجاسة التي غلبت على الماء ..


    ثانيا ..
    بالتراب ..
    بأن تستعمله حين يتم فقد الماء للوضوء ..
    فقد أباح الشارع لنا التيمم بالتراب رخصة ..

    أو حين المشي فتطهر الأرض ما أصاب النعل وطرف الثياب من النجاسة ..
    كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ..
    (( إذا وطئ أحدكم بنعله في الأذى .. فإن التراب له طهور )) (4) .. وهو صحيح لغيره ..
    وهذا يتعلق بالنعل ..

    وحديث طرف الثوب :
    لحديث حميدة أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ..
    (( إني امرأة أطيل ذيلي ـ أي طرف ثوبها ـ وأمشي في المكان القذر ؟ فقالت أم سلمة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يطهره ما بعده )) (5) ..


    ثالثا ..
    الاستحالة ..

    بأن يتحول الشيء النجس إلى طاهر من خلال تحوله إلى أمر آخر ..
    فالماء النجس لو سقينا به الزرع فيجوز أكل هذا الزرع بعد أن يثمر ..
    لأن النجاسة تحولت من أجزاء عالقة في الماء إلى أمر آخر فزال حكم النجاسة لتغيره الكيماوي ..
    كأن تحرق النجاسة ونحوها ..


    رابعا ..
    المسح

    كمسح القبل أو الدبر بما لا يتشرب النجاسة كالحجارة ونحوها ..


    خامسا ..
    الدباغة .

    لتطهير جلود الميتة التي يجوز استعمال جلودها بعد أن تدبغ ..

    سادسا ..
    الذكاة الشرعية ..

    فالتذكية تطهر لحوم الحيوانات وتجعلها مباحة ..
    وبعدم التذكية يكون الحيوان المذبوح نجسا ..


    وما دمنا تكلمنا عن الماء فلابد من الحديث عن أنواعه وحكم التطهر بكل نوع منه ..
    ويأتي في الجلسة الثانية إن شاء الله تعالى ..
    وهي التي ستكون البداية الحقيقية لموضوع العبادات ..

    والله تعالى أعلم ..


    الهامش ..

    ـــــــــــــــــــــــــ

    (1) الحدث هو : كل نجاسة حكمية تمنع من الصلاة وتوجب الغسل أو الوضوء ..
    وينقسم الحدث إلى قسمين ..
    الأول الحدث الأصغر .. ويكون بكل ما يبطل الوضوء ولا يوجب الغسل ..
    والثاني الحدث الأكبر .. ويكون بالوطء أو إنزال المني بشهوة أو الحيض أو النفاس أو الموت ..
    (2) الشروط تنقسم إلى شروط صحة وشروط وجوب ..
    فشرط الصحة بمعنى أنه لا تصح الصلاة إلا بهذا الشرط ..
    وأما شرط الوجوب فإن الصلاة لا يطلبها الله ممن لم تتوفر فيه شروط الوجوب أصلا ..
    كالإسلام ونحوها ..
    (3) أخرجه البخاري رقم 221 ؛ ومسلم رقم 284 ؛ والترمذي رقم 148 ؛ وغيرها من كتب السنة ..
    (4) أخرجه أبو داود رقم 385 ؛ وابن حبان رقم 248 ؛ والحاكم في المستدرك 1/166
    (5) أخرجه أبو داود رقم 365 ؛ والترمذي رقم 143 ؛ وابن ماجه رقم 531 ؛ وغيرها من كتب الحديث ..

    >>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
    ==================================

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

    أثابكَ الرحمن أخي الفاضل .. وجعل هذا الموضوع في ميزان حسناتك ..

    __________________________________________________ __________
    وإياك أختي الفاضلة ..
    أسأل الله أن يوفقكِ ويرزقك القول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ..
    بارك الله جهودكم ..

    __________________________________________________ __________
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


    اليوم سأكمل تلك الحلقات بإذن الله تعالى ..
    فسأتكلم عن أنواع المياه وحكم كل نوع منها ..

    أعلموا أحبتي في الله أن هذا الباب فيه الكثير من الخلاف ..
    وإني سأتجاوز الخلاف الذي فيه وأذكر ما له دليل وأشير إلى من قال بخلاف هذا من أهل العلم ..

    وهذه مسميات الماء وأنواعه عند الفقهاء ..
    فهناك الماء المطلق ..
    والماء المستعمل ..
    والماء النجس ..

    وبعض العلماء يضيف عليها لكن المضاف يدخل تحت هذه الأنواع ..




    فأولا ..
    الماء المطلق ..
    تعريف الماء المطلق ..
    هو كل ماء باقٍ على أصل خلقته سواء لحقه وصف أو لم يلحقه (*) ..

    فانظروا إلى قيد ( باقٍ على أصل خلقته ) ..
    فمن المياه ما يلحقه ـ أو يضاف إليه ـ شيء أو وصف بحيث يغير هذا الشيء أو الوصف أصل خلقة الماء ..
    ومن المياه ما يلحقه ـ أو يضاف إليه ـ شيء أو وصف ولكن لا يغير أصل خلقة الماء ..

    ومعنى أصل خلقته ..
    الشكل والوصف الذي خلقه الله عليه أول الأمر ..

    مثال ذلك ..
    عندما تقول ماء فقط ..
    فهنا لم تصف الماء بشيء غير أنه ماء ..
    وعندما تقول ماء البحر .. أو ماء النهر ..
    فإنك وصفت الماء بأنه من البحر ..
    أو أنه ماء من النهر ..

    وعندما تقول ماء الورد ..
    فإنك وصفت الماء بأنه ماء وأضيف له رحيق أو ماء الورد ..

    فإن طبقنا تعريف الماء المطلق ..
    فنرى أن لفظ ( ماء ) بلا وصف تنطبق على الحالة التي لم يتغير فيها أصل خلقة الماء ولم نصفه بشيء ..
    ونرى أن لفظ ( ماء البحر .. أو ماء النهر ) لحقه وصف وهو البحر .. أو النهر ..
    لكن هل تغير أصل خلقة الماء بهذا الوصف .. ؟!

    طبعا لا ..
    فماء البحر بقي كما خلقه الله تعالى ماء مالحا ..
    فهو وإن وصف بكونه من البحر إلا أن هذا الوصف لم يغير في أصل خلقته ..

    وكذلك الأمر بالنسبة لماء النهر ..
    فأصل خلقته أنه ماء عذب ..

    ونرى أن لفظ ( ماء الورد ) لحقه وصف وهو الورد ..
    أي أضيف للماء وصف الورد ..

    فلننظر ..
    هل تغيرت خلقة الماء بهذا الوصف وهذه الإضافة .. ؟!
    طبعا تغير الماء وصار له اسم آخر ..
    ولم يبق كما خلقه الله تعالى أول الأمر ..
    فقد أضيف الورد للفظ ( الماء ) فتغير بالورد أصل خلقة الماء ..

    وهكذا طبق هذا في كل ماء تراه ..
    وهذه زبدة وخلاصة كلام الفقهاء في أنواع المياه ..
    أحفظها جيدا تغنم في مسائل كثيرة ..

    ***


    أنواع الماء المطلق ..
    أي ما هي المياه التي تسمى ماء مطلقا في الشريعة الإسلامية .. ؟!
    1- ماء البحر والنهر ..
    2- ماء المطر والثلج والبرد ..
    3- ماء الآبار والعيون ..
    4- ماء زمزم ..
    5- الماء الذي خالطه شيء طاهر ـ وهو نوعان يأتي ذكرهما ـ ..
    ***


    حكم الماء المطلق ..

    أي حكم الوضوء والغسل واستعمال الماء المطلق في أمورالعبادة والعادة ..
    وسنأخذ الأحكام بالتسلسل بحسب أقسام الماء المطلق السابقة ..


    أولا ..
    ماء البحر والنهر ..

    يجوز استعمال ماء البحر والنهر في أمور العبادات ..
    لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال ..
    (( سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ؛ إنا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ..
    فهل نتوضأ من ماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو الطهور ماؤه الحل ميتته )) (1) ..



    ثانيا ..
    ماء المطر والثلج والبرد ..


    ويجوز الوضوء والغسل أيضا بماء المطر والثلج والبرد ..
    لقوله تعالى : { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } سورة الأنفال رقم (11) ..
    أي لولا أن ماء المطر طاهر لما قال الله تعالى أنه أنزله ليطهرنا به ..

    ودليل جواز الوضوء والاغتسال بماء البرد والثلج ..
    حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة أنه قال ..
    (( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ..
    اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني بالماء والثلج والبرد )) (2) ..

    أي باعتبار ما سيكون عليه ..
    فأن الثلج والبرد سيكون ماء بعد ذوبانه ..
    وهو في الأصل كماء المطر نازل من السماء فيأخذ حكمه ..


    ثالثا ..
    ماء الآبار والعيون ..

    يجوز الوضوء والغسل بماء الآبار والعيون إن لم تغلب النجاسة عليها ..
    وغلبة النجاسة عليها بأن يتغير لون الماء أو رائحته أو طعمه ..
    فإن تغير الماء بذلك فلا يجوز الوضوء به ولا الغسل ..
    لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
    (( قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من بئر بضاعة ؟ وهي تلقى فيها الحَيِضُ ولحوم الكلاب والنتن ؟ ..
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الماء طهور لا نجسه شيء )) (3) ..

    وهناك زيادة في الحديث أجمع عليها الحفاظ وهي ..
    (( إلا ما غير لونه أو رائحته أو طعمه )) ..

    إذاً ..
    يبقى ماء البئر وغيره من المياه طاهرا وإن وقعت فيه النجاسة ..
    ما دامت لم تغير بأوصافه الثلاثة وهي ..

    1- اللون ..
    2- الرائحة ..
    3- الطعم ..

    أما لو تغير لون الماء بما هو طاهر فيسأتي الكلام عليه بعد حين ـ بإذن الله ـ ..


    رابعا ..
    ماء زمزم ..

    يجوز الوضوء والاغتسال بماء زمزم ..
    لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    (( ثم أفاض فدعا بسجل من ماء زمزم ، فشرب منه وتوضأ )) (4) ..


    خامسا ..
    الماء الذي خالطه طاهر ..

    وهو نوعان ..

    1- الماء الذي خالطه طاهر لا يمكن الانفكاك عنه غالبا ..
    وهو الماء المتغير بطول المكث في مكان ما ..
    فأحيانا يكون الماء مستقرا في مكان ولا يتحرك كثيرا ..
    فتعلق به أمور لا يمكن الانفكاك عنها كالطحالب أو أوراق الشجر والغبار الساقطة فيه ..

    وهذا النوع من المياه يدخل في الماء المطلق فيجوز الوضوء به عند الجمهور ..
    وباستثناء قول لابن سيرين كان يرى الكراهة وعده البعض أنه قول شاذ (5) ..

    2- الماء الذي خالطه طاهر ممكن أن ينفك عنه غالبا ..

    وهو الماء الذي يختلط أحيانا بعض الأشياء كالصابون أو العجين أو غيرها ..

    وهو قسمان ..
    القسم الأول ..
    ما غيرت هذه الإضافة من خلقة الماء الأصلية ..

    والقسم الثاني ..
    ما لم تغير هذه الإضافة من خلقة الماء الأصلية ..
    كإضافة الصابون أو المعطرات للماء مثلا أو العجين أو أي أنواع من البقول وغيرها من الأشياء الطاهرة ..
    فإن غير الصابون أو العجين أصل خلقة الماء فلا يجوز الوضوء به ..
    أو الاغتسال به للعبادات ..

    وإنما يجوز استعماله في الأمور العادية الحياتية اليومية ..
    لأن الماء خرج عن اسم الماء المطلق فلم يجز استعماله في العبادات وجاز استعماله في الأمور العادية ..
    لأن النص ورد بوجوب الوضوء والاغتسال بالماء المطلق فقط ..
    فإن تحول الماء إلى أمر آخر فلا يجوز الوضوء به ..

    وهذا إن كان المضاف طاهر فلتتنبه ..
    أما إن كان المضاف نجسا وغير لون أو رائحة أو طعم الماء فلا يجوز استعماله حتى في أمور الحياة اليومية ..
    فالفرق هنا أن المضاف طاهر ، وقبل قليل كان المضاف نجسا ..

    وإن لم يغير الصابون أو العجين وما أضيف للماء من أصل خلقة الماء فيجوز الوضوء به والغسل ..
    لأن الماء لم يتغير وبقي على وصف خلقته الأولى فجاز استعماله في العبادة ..

    لحديث أم هانئ رضي الله عنها : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل هو ميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر العجين )) (6) ..

    فهنا نرى أن العجين خالط الماء لكنه لم يغير من أصل خلقة الماء ..
    فبقي الماء كما هو لأن العجين كان قليلا ..

    ***

    الخلاصة ..
    ***
    تغير الماء بإضافة أمر آخر له ..
    إما أن يكون المضاف نجسا وإما أن يكون المضاف طاهرا ..
    والنجس قد علمنا حكمه من عدم جواز استعماله في العبادات كالوضوء والغسل وغيرها ..
    لتنجس الماء بهذا المضاف سواء بلونه أو رائحته أو طعمه ..

    والمضاف الطاهر كذلك علمنا حكمه من عدم جواز استعماله في العبادات ، وجواز استعماله في العادات والأمور الحياتية الأخرى كالطبخ وغسل الثياب ونحوها ..

    فالقاعدة في إضافة الطاهر كما يلي ..
    إن لم يتغير الماء عن أصل خلقته بقي اسمه ماء مطلقا ونطبق حكم الماء المطلق السابق ..
    فإن تغير الماء بأمر طاهر فلم يعد يطلق عليه ماء عند الناس ..

    فإما أن يكون ما أضيف له قليلا فلم يغيره ..
    وهذا يجوز الوضوء والاغتسال به أي استعماله في العبادات والعادات ..

    وإما أن يكون كثيرا فغير من أصله ..
    وهذا لا يجوز الوضوء والاغتسال به ويسمى عند البعض الماء الطاهر ..
    الذي هو طاهر في نفسه ولا يطهر غيره ..
    فيستعمل في الأمور العادية كالطبخ ونحوها ..

    أعدت هذه القاعدة كثيرا ..
    وذلك لأن كثير من طلبة العلم يخطئ فيها ويجد صعوبة في جمعها وتبسيطها وفهمها فهما دقيقا دون الحاجة لحفظها ..


    وإن شاء الله في الخميس القادم سنتحدث عن الماء المستعمل ..
    لأنه يكثر فيه الخلاف والتفصيل الذي يحتاج إفراده بموضوع ..
    فلابد أن نعلم متى يكون الماء مستعملا .. ؟!
    وهل يجوز الضوء والغسل بالماء المستعمل هذا .. ؟!
    وهل إن قلنا يجوز فنطلق الجواز كذلك على الماء المستعمل من المرأة .. ؟!
    فيأتي الرجل فيتوضأ به .. ؟!
    كل ذلك سهل بإذن الله لكن يحتاج المتابعة ..



    ***

    وأرجو إن كان هناك أمر غامض أو كان هناك لبس التنبيه عليه لأوضحه بمعونة من الله ..
    وفقنا الله للخير دائما ..

    فمن سلك طريقا يلتسم به علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ..
    وحفته الملائكة بأجنحتها رضا بما يفعل ..

    وبالله تعالى التوفيق ..

    الهامش
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    (*) ويعرفه البعض بأنه : الماء الطاهر في نفسه المطهر لغيره ..
    لكني أفضل التعريف الأول لأنه يبين حقيقة الماء فنعرفها تماما ..
    لأنك ستسأل بناء على هذا التعريف : متى يكون الماء طاهرا ومتى يكون مطهرا لغيره .. ؟!
    فيضطر المجيب أن يبين الأحوال التي يأخذ بها هذا الحكم أو ذاك ..
    لذلك التعريف الذي ذكرته أسبك وأمتن ..
    (1) حديث صحيح : أخرجه أبو داود رقم 83 وصححه ؛ والنسائي رقم 59 ؛ وغيرها ..
    (2) حديث صحيح : فقد أخرجه البخاري رقم 744 ؛ وأخرجه مسلم رقم 598 وغيرها ..
    (3) حديث صحيح : أخرجه أبو داود رقم 67 ؛ والترمذي رقم 66 وحسنه ؛ وغيرها ..
    (4) حديث حسن : أخرجه عبدالله بن حنبل في زوائد المسند ؛ وقال الشوكاني اسناده مستقيم في النيل 1/108 ؛ وحسنه الألباني في الإرواء رقم 13 ..
    (5) الإجماع لابن المنذر صفحة 33 ؛ بداية المجتهد لابن رشد 1/72
    (6) حديث حسن : أخرجه النسائي رقم 240 ؛ وابن ماجه رقم 378 ؛ وغيرها ..

    __________________________________________________ __________
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


    بخصوص أقوال أهل العلم ..
    لم أذكرها مع تقديمي أني سأذكرها في الحلقة الثانية ..
    وذلك لأنني قدرت أن لو نقلتها سيشتت ذلك عقل القارئ ..
    فمن شاء من القراء معرفة رأي كل مذهب بإمكانه سؤالي عن ذلك فأجيبه بإذن الله تعالى ..

    __________________________________________________ __________
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    جزاك الله بكل حرف حسنة ورفع الله قدرك يوم القيامة .
    فوائد قيمة واصل بارك الله فيك

    الله يبارك فيكم.. ويزيدكم من فضله يا أخي الفاضل .. ويشرح صدرك وييسر أمرك.. وكتبها الله لك في موازين أعمالك
    تابع جزاكم الله خيراً


يعمل...
X