عنوان الموضوع : كيف نقيس درجة تأثر الأطفال بما يجري؟ وما نوع هذا التأثر؟
مقدم من طرف منتديات أميرات
أثر زلزال اليابان على دوران الكرة الأرضية؛ إذ قصر اليوم بمقدار 8،1 مليون من الثانية، كما زحزح محورها بما يقدر بـ 10 سنتمترات حسب ما أكده المعهد الإيطالي للجيوفيزياء ودراسة البراكين. فإن كان بالإمكان لمثل هذه المعاهد أن ترصد التغيرات الجيولوجية وتقدرها بالأرقام، فما السبيل وكيف بالإمكان أن نرصد التغيرات النفسية على جيل أبنائنا وإخواننا الأطفال بعد الثورات التي عرفتها الساحة العربية؟ وهل يمكن أن نقدر حجم هذا التأثير بالأرقام على نفسياتهم ونفسية الكبار قبلهم؟
لقد صرت ألمح وألمس، بحكم مهنتي، هذا التأثير على سلوكات التلاميذ، وعلى حواراتهم التي انحصرت في جديد الأحداث على الخريطة العربية؛ إذ تصل إلى مسامعي تعليقاتهم وآراؤهم وأنا داخلة أو خارجة من الثانوية، أوأثناء اصطفافهم إلى جانب الفصول الدراسية، أوفي أوقات الاستراحة الصباحية أو المسائية، بل حتى أثناء شرحي للدروس، أو الكتابة على السبورة... لقد صار من الملفت أن تحولت الحوارات وانتقلت من الحديث عن آخر صيحات الموضة، وآخر الفيديوكليبات، وأجمل تسريحات الشعر، أو آخر مستجدات الهواتف النقالة، ونتائج مباريات كرة القدم الوطنية والأوروبية، أو عن الشكوى من تصرفات بعض الأساتذة أو الإداريين، إلى الحديث عن آخر أخبار الثورات العربية، وأسماء القنوات العربية وغيرها التي تواكب هذه المستجدات بالصوت والصورة...
في البدء راقني أن أرى وجها آخر، وفكرا ناضجا لهؤلاء الصغار الذين اعتادوا أن يجعلونا نراهم بشكل سطحي، وأقنعونا بتصرفاتهم السابقة أنهم يهتمون بقشور الأمور دون لبها، حتى صرنا نحسبهم من دون ألباب، بل راقني أن ألمس هذا التبدل في أطفالي الصغار، رغم أن ابني، الذي لم يتم سنته السابعة بعد، استبدل قبلة وتحية دخوله إلى البيت بعد صبحية أو أمسية في المدرسة بسؤال: هل استسلم القذافي؟؟؟ مع جري نحو التلفاز وجهاز التحكم عن بعد في كفه يستطلع به الجواب قبل أن أرد على سؤاله، أو قبل أن أردعه، لأنني فرضت سياسة منع، لا نقاش بعدها، عن مشاهدة قناة غير قناتهما التي أسمح لهما بمشاهدتها خلال الأوقات المتفق عليها منذ سنوات ...
لكن ما راقني بدءا تحول هذه الأيام خوفا، بل رهبة رهيبة، صرت أسمع ضحكات بعض التلاميذ وهم يصفون مشاهد مرعبة، وأيقنت كما استغربت كيف حول هؤلاء الصغار جراح شعوب إلى مشاهد ساخرة... آخرها لقطة مدني بالكاد حمل نفسه وبمشقة عن الأرض حتى اخترقت رصاصة غادرة صدره فأوقعته ميتا في الحال... أرعبني ، وأنا على شرفة طابق علوي، أنتظر أن يصطف كل تلاميذ فصلي قبل أن آذن لهم بالدخول، أن ألمح تلميذا تتعالى ضحكاته وهو في ساحة المدرسة يمثل المشهد أمام أقرانه الذين التفوا حوله يستمتعون بمحاكاته الساخرة، إلى أن جاء الحارس العام وأمرهم بالالتحاق بأقسامهم، فتفرقوا والضحكات تزين شفاههم...
وبالمقابل، لدي يقين أن هذه الأحداث ستترك لدى غير هؤلاء ندبا في نفسياتهم وشخصياتهم، ويكفي أن أسمع توسلات ابنتي ذات العشر سنوات أن أقفل جهاز التلفاز قبل أن تدخل غرفة نومي لتقبلني ووالدها قبل أن تخلد إلى النوم، أو تطلب ذلك من والدها من خلف الباب في حال انشغالي خارج الغرفة ... ولست أنسى قط يوما كنا في زيارة بعض أفراد العائلة، ولحظة دخولنا غرفة الاستقبال انتبهت إلى أن فيلم "عمر المختار" يعرض على إحدى القنوات، أقصد نهاية الفيلم، وبالضبط مشهد أسر عمر المختار، التمست يومها من صاحبة البيت أن تقفل التلفاز كي نتحادث في هدوء، لكنها اعتذرت لأن ابنتها تابعت الفيلم من البداية، ووعدت بإقفال التلفاز بمجرد انتهاء الفيلم... بعد دقائق من التحية والسؤال انتبهت إلى بكاء ابنتي بشكل هستيري، علمت بعد دقائق من محاولات متنوعة لتهدئتها، انتهت باحتضانها والتماسي منها أن تتنفس بعمق، أنها تأثرت حين تخيلت لحظة إعدام الشهيد عمر المختار، وظلت تبكي طيلة تلك الليلة. وفي صباح اليوم التالي أمطرتني بوابل من الأسئلة عن عمر المختار، وتاريخه، وإنجازاته، وسبب إعدامه... وبين كل سؤال وجواب، أقصد مع كل سؤال وجواب كانت العبرات كالأمطار التي لا تنتهي... وزادت من خوفي عليها حين أنهت يوما واجباتها المنزلية، والتمست مني أن أسمح لها بنصف ساعتها اليومية لمتابعة برنامجها المفضل، وأشعلت التلفاز بعد موافقتي لأسمع صرخة كبرى وبكاء مريرا وأنا في المطبخ أعد العشاء، جريت نحوها، وجدتها تقفل التلفاز، وتصرخ باكية: أووووووووووووووف عليكم أن تغيروا القناة قبل إقفال التلفاز، كرهت هذه الأخبار، كرهتها كرهتها، لقد شاهدت يا أمي جثة مرمية على الأرض كلها دماء، وصرخت مجددا، ثم أجهشت في البكاء... ونامت يومها من دون عشاء ومن دون استمتاعها بحصتها من برنامجها التربوي المفضل، ومنذ ذاك صارت تقفل عينيها لحظة إشعالها التلفاز أو تطلب ذلك من أخيها.
أليس حقا من الفظيع أن تضع القنوات بعض العلامات على بعض الأفلام للدلالة على أنها غير صالحة للأطفال في سن معين، ولا تفعل ذلك مع بعض الوثائقيات أو نشرات الأخبار؟؟؟ وكيف يمنع الوالدان طفلهما من مشاهدة أفلام يعلمان ويعلم أنها تمثيل في تمثيل، ولا يمنعانه من متابعة نشرات الأخبار وبعض التقارير أو المتابعات المباشرة وكل مشاهدها حقة ومفزعة؟؟؟ كيف السبيل لإنقاذ نفسيات أطفالنا وإخواننا وهم في عمر البراءة والفرح؟؟
16 مارس 2017
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
كتبت بواسطة مغربية ملتزمة
فعلا لمسني وأثر في جدا ما جئت به
فرهبة ما نراه من مشاهد يبكي لها الجبين باحداث ايامنا هذه صعبة علينا نحن تحملها
فكيف ومابال أطفال لم يلمسهم سن دون سن السلم والبراءة
لابد وواجب على الآباء الحفاظ على هذا جمالية هؤلاء الأطفال
والحرص ثم الحرص على عدم وقوع ناظريهم على مشهد كتلك المشاهد وغيرها مما يحمل لهم من سوء أوعنف أوخروج عن الأخلاق
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
مقدم من طرف منتديات أميرات
أثر زلزال اليابان على دوران الكرة الأرضية؛ إذ قصر اليوم بمقدار 8،1 مليون من الثانية، كما زحزح محورها بما يقدر بـ 10 سنتمترات حسب ما أكده المعهد الإيطالي للجيوفيزياء ودراسة البراكين. فإن كان بالإمكان لمثل هذه المعاهد أن ترصد التغيرات الجيولوجية وتقدرها بالأرقام، فما السبيل وكيف بالإمكان أن نرصد التغيرات النفسية على جيل أبنائنا وإخواننا الأطفال بعد الثورات التي عرفتها الساحة العربية؟ وهل يمكن أن نقدر حجم هذا التأثير بالأرقام على نفسياتهم ونفسية الكبار قبلهم؟
لقد صرت ألمح وألمس، بحكم مهنتي، هذا التأثير على سلوكات التلاميذ، وعلى حواراتهم التي انحصرت في جديد الأحداث على الخريطة العربية؛ إذ تصل إلى مسامعي تعليقاتهم وآراؤهم وأنا داخلة أو خارجة من الثانوية، أوأثناء اصطفافهم إلى جانب الفصول الدراسية، أوفي أوقات الاستراحة الصباحية أو المسائية، بل حتى أثناء شرحي للدروس، أو الكتابة على السبورة... لقد صار من الملفت أن تحولت الحوارات وانتقلت من الحديث عن آخر صيحات الموضة، وآخر الفيديوكليبات، وأجمل تسريحات الشعر، أو آخر مستجدات الهواتف النقالة، ونتائج مباريات كرة القدم الوطنية والأوروبية، أو عن الشكوى من تصرفات بعض الأساتذة أو الإداريين، إلى الحديث عن آخر أخبار الثورات العربية، وأسماء القنوات العربية وغيرها التي تواكب هذه المستجدات بالصوت والصورة...
في البدء راقني أن أرى وجها آخر، وفكرا ناضجا لهؤلاء الصغار الذين اعتادوا أن يجعلونا نراهم بشكل سطحي، وأقنعونا بتصرفاتهم السابقة أنهم يهتمون بقشور الأمور دون لبها، حتى صرنا نحسبهم من دون ألباب، بل راقني أن ألمس هذا التبدل في أطفالي الصغار، رغم أن ابني، الذي لم يتم سنته السابعة بعد، استبدل قبلة وتحية دخوله إلى البيت بعد صبحية أو أمسية في المدرسة بسؤال: هل استسلم القذافي؟؟؟ مع جري نحو التلفاز وجهاز التحكم عن بعد في كفه يستطلع به الجواب قبل أن أرد على سؤاله، أو قبل أن أردعه، لأنني فرضت سياسة منع، لا نقاش بعدها، عن مشاهدة قناة غير قناتهما التي أسمح لهما بمشاهدتها خلال الأوقات المتفق عليها منذ سنوات ...
لكن ما راقني بدءا تحول هذه الأيام خوفا، بل رهبة رهيبة، صرت أسمع ضحكات بعض التلاميذ وهم يصفون مشاهد مرعبة، وأيقنت كما استغربت كيف حول هؤلاء الصغار جراح شعوب إلى مشاهد ساخرة... آخرها لقطة مدني بالكاد حمل نفسه وبمشقة عن الأرض حتى اخترقت رصاصة غادرة صدره فأوقعته ميتا في الحال... أرعبني ، وأنا على شرفة طابق علوي، أنتظر أن يصطف كل تلاميذ فصلي قبل أن آذن لهم بالدخول، أن ألمح تلميذا تتعالى ضحكاته وهو في ساحة المدرسة يمثل المشهد أمام أقرانه الذين التفوا حوله يستمتعون بمحاكاته الساخرة، إلى أن جاء الحارس العام وأمرهم بالالتحاق بأقسامهم، فتفرقوا والضحكات تزين شفاههم...
وبالمقابل، لدي يقين أن هذه الأحداث ستترك لدى غير هؤلاء ندبا في نفسياتهم وشخصياتهم، ويكفي أن أسمع توسلات ابنتي ذات العشر سنوات أن أقفل جهاز التلفاز قبل أن تدخل غرفة نومي لتقبلني ووالدها قبل أن تخلد إلى النوم، أو تطلب ذلك من والدها من خلف الباب في حال انشغالي خارج الغرفة ... ولست أنسى قط يوما كنا في زيارة بعض أفراد العائلة، ولحظة دخولنا غرفة الاستقبال انتبهت إلى أن فيلم "عمر المختار" يعرض على إحدى القنوات، أقصد نهاية الفيلم، وبالضبط مشهد أسر عمر المختار، التمست يومها من صاحبة البيت أن تقفل التلفاز كي نتحادث في هدوء، لكنها اعتذرت لأن ابنتها تابعت الفيلم من البداية، ووعدت بإقفال التلفاز بمجرد انتهاء الفيلم... بعد دقائق من التحية والسؤال انتبهت إلى بكاء ابنتي بشكل هستيري، علمت بعد دقائق من محاولات متنوعة لتهدئتها، انتهت باحتضانها والتماسي منها أن تتنفس بعمق، أنها تأثرت حين تخيلت لحظة إعدام الشهيد عمر المختار، وظلت تبكي طيلة تلك الليلة. وفي صباح اليوم التالي أمطرتني بوابل من الأسئلة عن عمر المختار، وتاريخه، وإنجازاته، وسبب إعدامه... وبين كل سؤال وجواب، أقصد مع كل سؤال وجواب كانت العبرات كالأمطار التي لا تنتهي... وزادت من خوفي عليها حين أنهت يوما واجباتها المنزلية، والتمست مني أن أسمح لها بنصف ساعتها اليومية لمتابعة برنامجها المفضل، وأشعلت التلفاز بعد موافقتي لأسمع صرخة كبرى وبكاء مريرا وأنا في المطبخ أعد العشاء، جريت نحوها، وجدتها تقفل التلفاز، وتصرخ باكية: أووووووووووووووف عليكم أن تغيروا القناة قبل إقفال التلفاز، كرهت هذه الأخبار، كرهتها كرهتها، لقد شاهدت يا أمي جثة مرمية على الأرض كلها دماء، وصرخت مجددا، ثم أجهشت في البكاء... ونامت يومها من دون عشاء ومن دون استمتاعها بحصتها من برنامجها التربوي المفضل، ومنذ ذاك صارت تقفل عينيها لحظة إشعالها التلفاز أو تطلب ذلك من أخيها.
أليس حقا من الفظيع أن تضع القنوات بعض العلامات على بعض الأفلام للدلالة على أنها غير صالحة للأطفال في سن معين، ولا تفعل ذلك مع بعض الوثائقيات أو نشرات الأخبار؟؟؟ وكيف يمنع الوالدان طفلهما من مشاهدة أفلام يعلمان ويعلم أنها تمثيل في تمثيل، ولا يمنعانه من متابعة نشرات الأخبار وبعض التقارير أو المتابعات المباشرة وكل مشاهدها حقة ومفزعة؟؟؟ كيف السبيل لإنقاذ نفسيات أطفالنا وإخواننا وهم في عمر البراءة والفرح؟؟
16 مارس 2017
==================================
فعلا لمسني وأثر في جدا ما جئت به
فرهبة ما نراه من مشاهد يبكي لها الجبين باحداث ايامنا هذه صعبة علينا نحن تحملها
فكيف ومابال أطفال لم يلمسهم سن دون سن السلم والبراءة
لابد وواجب على الآباء الحفاظ على هذا جمالية هؤلاء الأطفال
والحرص ثم الحرص على عدم وقوع ناظريهم على مشهد كتلك المشاهد وغيرها مما يحمل لهم من سوء أوعنف أوخروج عن الأخلاق
فرهبة ما نراه من مشاهد يبكي لها الجبين باحداث ايامنا هذه صعبة علينا نحن تحملها
فكيف ومابال أطفال لم يلمسهم سن دون سن السلم والبراءة
لابد وواجب على الآباء الحفاظ على هذا جمالية هؤلاء الأطفال
والحرص ثم الحرص على عدم وقوع ناظريهم على مشهد كتلك المشاهد وغيرها مما يحمل لهم من سوء أوعنف أوخروج عن الأخلاق
__________________________________________________ __________


فعلا لمسني وأثر في جدا ما جئت به
فرهبة ما نراه من مشاهد يبكي لها الجبين باحداث ايامنا هذه صعبة علينا نحن تحملها
فكيف ومابال أطفال لم يلمسهم سن دون سن السلم والبراءة
لابد وواجب على الآباء الحفاظ على هذا جمالية هؤلاء الأطفال
والحرص ثم الحرص على عدم وقوع ناظريهم على مشهد كتلك المشاهد وغيرها مما يحمل لهم من سوء أوعنف أوخروج عن الأخلاق
صحيح غاليتي مغربية ملتزمة،
جميل أن يعايش الأطفال ما تمر به خريطة العالم من أحداث، لكن لابد من تأطير الأمر كي لا تكون العواقب عكسية خصوصا على نفسياتهم الهشة.
شكرا لمرورك الكريم، أكرمك الله في الدنيا والآخرة.
جميل أن يعايش الأطفال ما تمر به خريطة العالم من أحداث، لكن لابد من تأطير الأمر كي لا تكون العواقب عكسية خصوصا على نفسياتهم الهشة.
شكرا لمرورك الكريم، أكرمك الله في الدنيا والآخرة.
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________