عنوان الموضوع : أشياء تعين على الصبر!!!!! مجابة
مقدم من طرف منتديات أميرات
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
مقدم من طرف منتديات أميرات
أخواتي الحبيبات
السلام عليكن ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد
يعد الصبر علاجاً للكثير من المشكلات ، ولكن كيف يمكننا أن نصبر؟؟!!!
أدعو الله تعالى أن ينفعنا بالسطور التالية ،إنه على كل شيء قدير.
الحمد لله ، ثم الحمد لله ، ثم الحمد لله الذي هدانا لهذا ، و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا ، وما توفيقي و لا اعتصامي ولا توكُّّلي إلا على الله ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بربوبيته ، وإرغاما لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمدا صلَّى الله عليه وسلم رسولُ الله سِّيدُ الخلق والبشر ، ما اتَّصلت عينٌ بنظر أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلِّ ، وسلِّم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذرِّيته ، ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علّمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقا ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا ، وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخِلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة المؤمنون ، الموضوع الذي بين أيدينا اليوم يتعلق بالأشياء التي تعيننا على الصبر:
1-إذا عرفتَ طبيعة الحياة الدنيا هانت عليك المصائب !!!!
إن الكون والحياة و الإنسان ، هذه موضوعات كبرى في العقيدة الإسلامية ، إذا امتلك الإنسان تصوُّرا صحيحا لحقيقة الكون ، ولطبيعة الحياة ، و لجوهر الحياة الإنسانية ، إذا امتلك التصوُّر الصحيح فعرف أن هذه الدنيا ليست دار نعيم ، إنما هي دار ابتلاء ، ليست دار جزاء ، إنما هي دار ابتلاء ، ليست دار تشريف ، إنما هي دار تكليف ، ليست مستقرا بل هي ممرٌّ ، إذا عرف الإنسان طبيعة الحياة الدنيا تلقى المصائب بصبر جميل ، بل رأى المصائب جزءا من طبيعة الحياة ، قال تعالى في سورة المُلك :" اّلَذي خلَقَ الموتَ والحياةَ ليَبلوَكُم أيُّكُم أحسنُ عملاً وهوَ العزيزُ الغَفور"(3)
فبقدر ما تملك صحة في تصور الحياة وتصور سبب وجودك فيها ، بقدر ما يعينك هذا على الصبر .
يا أيها الأخوة المؤمنون ، الحياة الدنيا دار تكليف ، ومتى كان التكليف يسيرا ، ومتى التكليف مريحا ، ومتى كان التكليف نعيما ، فالدنيا دار تكليف ، أما إذا أردت التشريف ، والرفاهية ، والنعيم ، والتكريم فهو في الآخرة ، الدنيا دار تكليف و الآخرة دار تشريف ، الدنيا دار ابتلاء ، والآخرة دار جزاء ، حينما تختلط الأمور ، حينما يتوهَّم الإنسان أن هذه الدنيا للتشريف ، وأنها لتكريم ، وأنها للجزاء فإذا أصابته مصيبةٌ يسيرة انقلب على عقبيه ، خسر الدنيا و الآخرة ، يجب أن يعرف المؤمن طبيعة الحياة الدنيا . لماذا هو فيها ؟هو فيها لشيء واحد :
ليُبتلى، ليمتحن ، ليظهر معدنُه ، النفيس أو معدنه الخسيس ، لتظهر مروءته أو دناءته ، ليظهر صِدقه أو كذبه ، ليظهر وفاؤه أو خيانته ، ليظهر ورعه أم فسقه ، فإنما وُجد في هذه الدنيا من أجل أن يظهر على حقيقته ، إذن لا بد من المصائب ، و المصائب محكُّ الرجال .... يا أيها الإخوة المؤمنون يقول الله عز وجل في سورة البلد :" لقد خَلقنا الإنسانَ في كَبَد"...أي:خلقنـا الإنسان في هذه الدنيا ليتكبَّد المصاعب و من خلال تكبد المصاعب تظهر حقيقته، فيسعد بهذه الحقيقة أو يشقى بها، ومن خلال تكبده المتاعب يستحق الحياة الأبدية السعيدة .
إن تكبُّد المتاعب ثمن للجنة ، إن تكبد المتاعب طريقة لكشف حقيقتك ، إن تكبد المتاعب امتحان لصدقك ، امتحان لصبرك، امتحان لتوكلك ، امتحان لمعرفتك ، امتحان لمجمل إيمانك ..يقول الله عزوجل في سورة آل عمران:"إن يَمسَسكُم قَرحٌ، فقد مَسَّ القومَ قَرحٌ مِثلُه،و تك الأيامُ نداولها بين الناس "
الناس يُبتلون بالقوة ، و يبتلون بالضعف ، و يبتلون بالرخاء ، ويبتلون بالضيق ، ُيبتلون أن تأتي الأمور كما يشتهون ،و يُبتلون بأن تأتي الأمور على خلاف ما يشتهون وعلى المستوى الفردي: أنت مستقيم في حالة الفقر ، فكيف أنت في حالة الغِنَى ؟!! و أنت مستقيم في حالة الغنى فكيف إذا كنت فقيرا ، أنت شاكر في حالة الصحة ، فما قولك لو لاح شبحُ مرض ، ماذا تقول ؟ أتستقبله بتسليم و رضى، أم يضج الإنسان ويكفر ، إذا عرفت طبيعة الحياة الدنيا تعرف أيضا أن المصائب جزء منها ،ولمجرد أن يُمتحن الإنسان ، وأن ينجح في هذا الامتحان فقد استحق رضوان الله عز وجل .
يا أيها الإخوة الأكارم ، اللذائذ في الدنيا اختلطت بالآلام ، والمحبوبات اختلطت بالمكاره، فما من لذة إلا و يشوبها ألمٌ ، وما من صحة إلا و يكدِّرها سقمٌ ، وما من سرور إلا و ينغِّصه حزنٌ ، وما من راحة إلا و يخالطها تعب ، وما من اجتماع إلا و يعقبه افتراق ، وما من أمن إلا و يتبعه خوفٌ ، ليرى ماذا تفعل في الأمن و الخوف ، في الصحة و المرض ، في اللذة و الألم ، في المحبوبات والمكاره ، في الصحة و السقم ، في السرور و الحزن ، لذلك ربنا سبحانه و تعالى وصف المؤمنين الصادقين فقال في سورة الأحزاب: " مِن المؤمنين رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عليه*فمِنهُم مَن قَضى نَحبَهُ ومِنهُم مَن ينتظر* وما بدَّلوا تبديلاً"(23)
أما هؤلاء الذين إذا زُلزلوا تزلزل إيمانهم ، و ضاعت الثقةُ بربهم ، إذا زلزلوا انقلبوا على أعقابهم ، إذا زلزلوا جأروا إلى الله بالشكوى ، ضجرين ، إذا زلزلوا تزعزعت ثقتُهم بعدالة السماء ، هؤلاء كأن الله سبحانه و تعالى يقول لهم : بينكم و بين الإيمان الكامل شوط طويل ، إنطلِقوا ، جدِّدوا إيمانكم ، جددوا إسلامكم .
أيها الأخوة المؤمنون ، لا ينبغي للمؤمن أن يسأل اللهَ المصيبة ،لقد نهى النبيُّ عن ذلك حين قال:" سلوا الله العافية "، فسلوا الله الصحة ، سلوا الله الكفاية ، سلوا الله التوفيق ، و لكن إذا جاء شيءٌ على خلاف ما تريد ، فكن بطلا ، و أظهِر لربك أنك في مستوى هذه المصيبة ، و أن الله سبحانه و تعالى أغلى عندك من الدنيا و ما فيها ، و قد أُثِر عن سيدنا الصدِّيق رضي الله عنه أنه ما ندم عن شيء فاته من الدنيا قط ، سيدنا عليٌّ كرم الله وجهه سئل و قيل له : صِف لنا الدنيا ، فقال : ماذا أصف لكم الدنيا ، و أولُّها بكاء ، وأوسطها عناء ، و آخرها فناء " كل فرحة تعقبها ترحة ، الإنسان إذا وضع كل ثقته في الدنيا ، إذا عقد كل إيمانه عليها ، إذا جعلها منتهى آماله ، محط رحاله ، يأتي الموتُ لينقله من كل شيء إلى لا شيء ، أما إذا وضعت آمالك في الآخرة ، وسعيت لها يأتي الموتُ فينقلك من شيء يسير إلى كل شيء .
لو أن إنسانا نجا من المصائب ، لنجا النبي عليه الصلاة و السلام ، قال : ((أوذي النبيون ، و ما أوذي أحد مثلي)) ، اقرأ سيرة النبي عليه الصلاة و السلام ، أليس لك به أسوة حسنة ؟ اقرأ سيرته قراءة متبصِّرة تجد أنه صبر على حكم الله ، و استقبل الشيء الذي يريد و كأنه يريده ، فعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)) [رواه مسلم ].
هكذا طبيعة الحياة ، لخَّصها النبيُّ في خطبة شهيرة قال فيها: "إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، و لم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى ، و جعل الآخرة دار عُقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، و يبتلي ليجزي " .
2- إن فهم طبيعة الإنسان يعين على الصبر .
يلخِّص الحديثٌ الشريف طبيعة النفس البشرية ، يقول عليه الصلاة و السلام : ((إن لله ما أخذ - هذا الذي أخذه منك هو له في الأصل - وله ما أعطى)) ، الذي بين يديك من عطاء الله ، والذي أخذه منك استردَّه الله عز وجل ، يعني أنت عبدٌ لله ، قال تعالى في سورة آل عمران:"قُلِ اللهمَّ مالكَ المُلك*تؤتي المُلكَ مَن تشاء*وتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تشاء *وتُعِزُّ مَن تشاء* وتُذِلُّ مَن تشاء* بيدِكَ الخير* إنكَ على كُلِّ شيءٍ قدير"(26)
و الذي يملك كل شيء ، هو الذي يملك وجودك ، ويملك أعضاءك ، ويملك سمعك ، ويملك بصرك ، ويملك عقلك ، ويملك أجهزتك ، يملك كلَّ شيء في حياتك ، يملك مالَك ، يملك أهلك ، يملك بيتك
فهل عرفتَ مَن أنت ؟؟!!! أنت عبد لله ، لا تملك شيئا ، لقد خلق الله الإنسان من عدم ، قال تعالى في سورة الإنسان :"هل أَتَىعلى الإنسانِ حِينٌ مِن الدَّهرِ لَم يكُن شيئاً مَذكورا"(1)
قُل لي: دفعت ثمن وجودك لِمَن ؟ هذا الذي يدفع ثمن الشيء يقول : أنا أملكه ، دفعت ثمنه ،بينما كنت َ أنت َلا شيء فأصبحتَ بفضله خير شيء ، منحك الوجود و منحك الحياة ، ووهبك السمع والبصر والفؤاد وأسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة ، فأنت لله مُلكا ، وتصرفا ، ومصيرا ، إذا عرفت من أنت تستقبل الذي أخذه منك بالرضا ، إن لله ما أعطى و له ما أخذ ، هذا الذي بين يديك من عطاء الله، أعطاني إياه بفضله ، و هذا الذي أخذه مني أخذه مني بعدله ، هكذا قل : أعطاني إياه بفضله ، وأخذه مني بعدله ، يقول الله عز وجل في سورة النحل :"وما بِكُم مِن نِعمةٍ فَمِن الله" ]
وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوما أن تُردَّ الودائع
ودائع عندك ، أعطاك المال و استرده ، استرد جزءا منه ، استرده كله ، استرد بعضا منه، أعطاك صحة تامة ، واسترد أحد فقراتها ، لك الحمد يا رب .
يتبع
السلام عليكن ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد
يعد الصبر علاجاً للكثير من المشكلات ، ولكن كيف يمكننا أن نصبر؟؟!!!
أدعو الله تعالى أن ينفعنا بالسطور التالية ،إنه على كل شيء قدير.

الحمد لله ، ثم الحمد لله ، ثم الحمد لله الذي هدانا لهذا ، و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا ، وما توفيقي و لا اعتصامي ولا توكُّّلي إلا على الله ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بربوبيته ، وإرغاما لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمدا صلَّى الله عليه وسلم رسولُ الله سِّيدُ الخلق والبشر ، ما اتَّصلت عينٌ بنظر أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلِّ ، وسلِّم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذرِّيته ، ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علّمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقا ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا ، وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخِلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة المؤمنون ، الموضوع الذي بين أيدينا اليوم يتعلق بالأشياء التي تعيننا على الصبر:
1-إذا عرفتَ طبيعة الحياة الدنيا هانت عليك المصائب !!!!
إن الكون والحياة و الإنسان ، هذه موضوعات كبرى في العقيدة الإسلامية ، إذا امتلك الإنسان تصوُّرا صحيحا لحقيقة الكون ، ولطبيعة الحياة ، و لجوهر الحياة الإنسانية ، إذا امتلك التصوُّر الصحيح فعرف أن هذه الدنيا ليست دار نعيم ، إنما هي دار ابتلاء ، ليست دار جزاء ، إنما هي دار ابتلاء ، ليست دار تشريف ، إنما هي دار تكليف ، ليست مستقرا بل هي ممرٌّ ، إذا عرف الإنسان طبيعة الحياة الدنيا تلقى المصائب بصبر جميل ، بل رأى المصائب جزءا من طبيعة الحياة ، قال تعالى في سورة المُلك :" اّلَذي خلَقَ الموتَ والحياةَ ليَبلوَكُم أيُّكُم أحسنُ عملاً وهوَ العزيزُ الغَفور"(3)
فبقدر ما تملك صحة في تصور الحياة وتصور سبب وجودك فيها ، بقدر ما يعينك هذا على الصبر .
يا أيها الأخوة المؤمنون ، الحياة الدنيا دار تكليف ، ومتى كان التكليف يسيرا ، ومتى التكليف مريحا ، ومتى كان التكليف نعيما ، فالدنيا دار تكليف ، أما إذا أردت التشريف ، والرفاهية ، والنعيم ، والتكريم فهو في الآخرة ، الدنيا دار تكليف و الآخرة دار تشريف ، الدنيا دار ابتلاء ، والآخرة دار جزاء ، حينما تختلط الأمور ، حينما يتوهَّم الإنسان أن هذه الدنيا للتشريف ، وأنها لتكريم ، وأنها للجزاء فإذا أصابته مصيبةٌ يسيرة انقلب على عقبيه ، خسر الدنيا و الآخرة ، يجب أن يعرف المؤمن طبيعة الحياة الدنيا . لماذا هو فيها ؟هو فيها لشيء واحد :
ليُبتلى، ليمتحن ، ليظهر معدنُه ، النفيس أو معدنه الخسيس ، لتظهر مروءته أو دناءته ، ليظهر صِدقه أو كذبه ، ليظهر وفاؤه أو خيانته ، ليظهر ورعه أم فسقه ، فإنما وُجد في هذه الدنيا من أجل أن يظهر على حقيقته ، إذن لا بد من المصائب ، و المصائب محكُّ الرجال .... يا أيها الإخوة المؤمنون يقول الله عز وجل في سورة البلد :" لقد خَلقنا الإنسانَ في كَبَد"...أي:خلقنـا الإنسان في هذه الدنيا ليتكبَّد المصاعب و من خلال تكبد المصاعب تظهر حقيقته، فيسعد بهذه الحقيقة أو يشقى بها، ومن خلال تكبده المتاعب يستحق الحياة الأبدية السعيدة .
إن تكبُّد المتاعب ثمن للجنة ، إن تكبد المتاعب طريقة لكشف حقيقتك ، إن تكبد المتاعب امتحان لصدقك ، امتحان لصبرك، امتحان لتوكلك ، امتحان لمعرفتك ، امتحان لمجمل إيمانك ..يقول الله عزوجل في سورة آل عمران:"إن يَمسَسكُم قَرحٌ، فقد مَسَّ القومَ قَرحٌ مِثلُه،و تك الأيامُ نداولها بين الناس "
الناس يُبتلون بالقوة ، و يبتلون بالضعف ، و يبتلون بالرخاء ، ويبتلون بالضيق ، ُيبتلون أن تأتي الأمور كما يشتهون ،و يُبتلون بأن تأتي الأمور على خلاف ما يشتهون وعلى المستوى الفردي: أنت مستقيم في حالة الفقر ، فكيف أنت في حالة الغِنَى ؟!! و أنت مستقيم في حالة الغنى فكيف إذا كنت فقيرا ، أنت شاكر في حالة الصحة ، فما قولك لو لاح شبحُ مرض ، ماذا تقول ؟ أتستقبله بتسليم و رضى، أم يضج الإنسان ويكفر ، إذا عرفت طبيعة الحياة الدنيا تعرف أيضا أن المصائب جزء منها ،ولمجرد أن يُمتحن الإنسان ، وأن ينجح في هذا الامتحان فقد استحق رضوان الله عز وجل .
يا أيها الإخوة الأكارم ، اللذائذ في الدنيا اختلطت بالآلام ، والمحبوبات اختلطت بالمكاره، فما من لذة إلا و يشوبها ألمٌ ، وما من صحة إلا و يكدِّرها سقمٌ ، وما من سرور إلا و ينغِّصه حزنٌ ، وما من راحة إلا و يخالطها تعب ، وما من اجتماع إلا و يعقبه افتراق ، وما من أمن إلا و يتبعه خوفٌ ، ليرى ماذا تفعل في الأمن و الخوف ، في الصحة و المرض ، في اللذة و الألم ، في المحبوبات والمكاره ، في الصحة و السقم ، في السرور و الحزن ، لذلك ربنا سبحانه و تعالى وصف المؤمنين الصادقين فقال في سورة الأحزاب: " مِن المؤمنين رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عليه*فمِنهُم مَن قَضى نَحبَهُ ومِنهُم مَن ينتظر* وما بدَّلوا تبديلاً"(23)
أما هؤلاء الذين إذا زُلزلوا تزلزل إيمانهم ، و ضاعت الثقةُ بربهم ، إذا زلزلوا انقلبوا على أعقابهم ، إذا زلزلوا جأروا إلى الله بالشكوى ، ضجرين ، إذا زلزلوا تزعزعت ثقتُهم بعدالة السماء ، هؤلاء كأن الله سبحانه و تعالى يقول لهم : بينكم و بين الإيمان الكامل شوط طويل ، إنطلِقوا ، جدِّدوا إيمانكم ، جددوا إسلامكم .
أيها الأخوة المؤمنون ، لا ينبغي للمؤمن أن يسأل اللهَ المصيبة ،لقد نهى النبيُّ عن ذلك حين قال:" سلوا الله العافية "، فسلوا الله الصحة ، سلوا الله الكفاية ، سلوا الله التوفيق ، و لكن إذا جاء شيءٌ على خلاف ما تريد ، فكن بطلا ، و أظهِر لربك أنك في مستوى هذه المصيبة ، و أن الله سبحانه و تعالى أغلى عندك من الدنيا و ما فيها ، و قد أُثِر عن سيدنا الصدِّيق رضي الله عنه أنه ما ندم عن شيء فاته من الدنيا قط ، سيدنا عليٌّ كرم الله وجهه سئل و قيل له : صِف لنا الدنيا ، فقال : ماذا أصف لكم الدنيا ، و أولُّها بكاء ، وأوسطها عناء ، و آخرها فناء " كل فرحة تعقبها ترحة ، الإنسان إذا وضع كل ثقته في الدنيا ، إذا عقد كل إيمانه عليها ، إذا جعلها منتهى آماله ، محط رحاله ، يأتي الموتُ لينقله من كل شيء إلى لا شيء ، أما إذا وضعت آمالك في الآخرة ، وسعيت لها يأتي الموتُ فينقلك من شيء يسير إلى كل شيء .
لو أن إنسانا نجا من المصائب ، لنجا النبي عليه الصلاة و السلام ، قال : ((أوذي النبيون ، و ما أوذي أحد مثلي)) ، اقرأ سيرة النبي عليه الصلاة و السلام ، أليس لك به أسوة حسنة ؟ اقرأ سيرته قراءة متبصِّرة تجد أنه صبر على حكم الله ، و استقبل الشيء الذي يريد و كأنه يريده ، فعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)) [رواه مسلم ].
هكذا طبيعة الحياة ، لخَّصها النبيُّ في خطبة شهيرة قال فيها: "إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، و لم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى ، و جعل الآخرة دار عُقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، و يبتلي ليجزي " .
2- إن فهم طبيعة الإنسان يعين على الصبر .
يلخِّص الحديثٌ الشريف طبيعة النفس البشرية ، يقول عليه الصلاة و السلام : ((إن لله ما أخذ - هذا الذي أخذه منك هو له في الأصل - وله ما أعطى)) ، الذي بين يديك من عطاء الله ، والذي أخذه منك استردَّه الله عز وجل ، يعني أنت عبدٌ لله ، قال تعالى في سورة آل عمران:"قُلِ اللهمَّ مالكَ المُلك*تؤتي المُلكَ مَن تشاء*وتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تشاء *وتُعِزُّ مَن تشاء* وتُذِلُّ مَن تشاء* بيدِكَ الخير* إنكَ على كُلِّ شيءٍ قدير"(26)
و الذي يملك كل شيء ، هو الذي يملك وجودك ، ويملك أعضاءك ، ويملك سمعك ، ويملك بصرك ، ويملك عقلك ، ويملك أجهزتك ، يملك كلَّ شيء في حياتك ، يملك مالَك ، يملك أهلك ، يملك بيتك
فهل عرفتَ مَن أنت ؟؟!!! أنت عبد لله ، لا تملك شيئا ، لقد خلق الله الإنسان من عدم ، قال تعالى في سورة الإنسان :"هل أَتَىعلى الإنسانِ حِينٌ مِن الدَّهرِ لَم يكُن شيئاً مَذكورا"(1)
قُل لي: دفعت ثمن وجودك لِمَن ؟ هذا الذي يدفع ثمن الشيء يقول : أنا أملكه ، دفعت ثمنه ،بينما كنت َ أنت َلا شيء فأصبحتَ بفضله خير شيء ، منحك الوجود و منحك الحياة ، ووهبك السمع والبصر والفؤاد وأسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة ، فأنت لله مُلكا ، وتصرفا ، ومصيرا ، إذا عرفت من أنت تستقبل الذي أخذه منك بالرضا ، إن لله ما أعطى و له ما أخذ ، هذا الذي بين يديك من عطاء الله، أعطاني إياه بفضله ، و هذا الذي أخذه مني أخذه مني بعدله ، هكذا قل : أعطاني إياه بفضله ، وأخذه مني بعدله ، يقول الله عز وجل في سورة النحل :"وما بِكُم مِن نِعمةٍ فَمِن الله" ]
وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوما أن تُردَّ الودائع
ودائع عندك ، أعطاك المال و استرده ، استرد جزءا منه ، استرده كله ، استرد بعضا منه، أعطاك صحة تامة ، واسترد أحد فقراتها ، لك الحمد يا رب .
يتبع

==================================
عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ لِأَهْلِهَا لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ قَالَ فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَقَالَ ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ فَوَقَعَ بِهَا فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا قَالَتْ يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ قَالَ لَا قَالَتْ فَاحْتَسِبْ ابْنَكَ قَالَ فَغَضِبَ وَقَالَ تَرَكْتِنِي حَتَّى تَلَطَّخْتُ ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي ؟! فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا قَالَ فَحَمَلَتْ قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللــَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْـهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتــَى الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لَا يَطْرُقُهَا طُرُوقًا فَدَنَوْا مِنْ الْمَدِينَةِ فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ فَاحْتُبِسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَـةَ وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ إِنـَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ وَقَدْ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى قَالَ تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا أَبَا طَلْحـــَةَ مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا قَالَ وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ حِينَ قَدِمَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ لِي أُمِّي يَا أَنَسُ لَا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتـُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ قُلْتُ نَعَمْ فَوَضَعَ الْمِيسَمَ قَالَ وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ وَدَعَا رَسُولُ اللَّــهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَجْوَةٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلَاكَهَا فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ قَالَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ)) [رواه مسلم]
.إن صاحب الفضل إذا منـح فبفضله ، وإذا استرد فبعدله ، و في كلا الحالين هناك حكمة بالغة ، لو اطَّلعت عليها لذابت نفسك حبا لله عز وجل ،اجعل شعارك في الحياة الدنيا : إن لله ما أعطى ، و لله ما أخذ
3 - إن اليقين بحسن الجزاء يعين على الصبر:
فإذا طُلب منك ليرة ، وأنت موقن يقينا قطعيا أنك ستأخذ مقابلها عشرا ، تعطيها بيسر ، اليقين بالعوض ، اليقين بحسن الجزاء ، هذا شيء ثابت في الدين ، لماذا يصبر الصابرون ، لماذا يحتسب المؤمن مصابه عند الله ؟ لأنـه يعلم علم اليقين أن الله سيعوِّضه عن مصيبته خيرا ، لذلك ورد في الحديث الصحيح أن أهل العافية (( هؤلاء الذين عاشوا في بحبوحة ، عاشوا في صحة تامة ، عاشوا في زواج سعيد ، عاشوا في دخل كبير ، عاشوا في مكانة اجتماعية )) يتمنون يوم القيامة لو أن أجسامهم كانت تُقرض بالمقاريض في الدنيا لِما يرون من عظيم ثواب الله لأهل البلاء "!!! يعني لو أنك تقف أمام إنسان ، جاء إنسان و أخذ منه مائة ليرة بالقوة ،و أنت لم يأخذ منك ،ثم بعد أيام أُعطِي مكان هذه المائة مليون ، ألا تتمنى لو كنت مكانه؟؟!!
سيدنا عمر رضي الله له قولة شهيرة كان يقولها كلما أصابه البلاء : (الحمد لله إذ لم يكن في دينــي ، و الحمد لله إذ لم يكن أكبر منه ، و الحمد لله إذ لم أُحرم الرضا به و إني أرجو لأرجـو ثواب الله عليه) " أن ترضى بالمصاب هذا علم كبير ، و هذا يقين شديد ، حينما يرجو الإنسان ثواب هذه المصيبة ، نُقلت هذه المصيبة من دائرة البلاء إلى دائرة النِعَم ، لذلك :
إذا أحبَّ اللهُ عبده ابتلاه ، فإن صبر اجتباه ، فإن شكر اقتناه .
امرأة صالحة كانت تمشي فتعثَّرت ، فانقطع ظفرُها ، وفي هذا من الألم ما فيه ، و لكنها حمدت اللهَ عزوجل ، و ضحكت ، فقيل لها : أما تجدين الوجع ؟ فقالت : إن لذة ثوابه أزالت عني مرارة وجعه ، ولا تنسوا دعاء النبي عليه الصلاة و السلام الشهير ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ : ((اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا)) [رواه الترمذي]
وهل نسيتم أن الصابرين يوفَّوْن أجرهم بغير حساب ؟! ما من قُربة إلى الله إلا ولها رزق معلوم ، إلا الصبر فإنه بغير حساب ، ألا ترضى أن تستحق معية الله عزوجل ؟ تلك المعية الخاصة ، معية التأييد و النصر و الحفظ ،لقد جاءت عبارة:" إن الله مع الصابرين "، في أربعة مواضع من القرآن الكريم!!!!
أحد العارفين بالله يقول : أصل قلة الصبر ضعف اليقين بحسن جزاء الله في الجنة " أصل قلة الصبر ضعف اليقين بحسن جزاء من صبر له ، لأنــه لو قويَ يقينك كان الآجلُ عندك كالعاجل ، إذا كان الواعدُ صادقا ، إذا وضعت مبلغا لتأخذه أضعافا مضاعفة ، وهذا الذي وعدك صادق عندك ، كأنك أخذت المبلغ الكبير ، تضعه في حساباته ، تقول : سيأتيني مبلغ كذا مقابل هذا الذي دفعت ، يعني إذا كان يقينك بعوض الله عز وجل يقينا قطعيا فإن الآجِل سيغدو عاجلا ، هذا ما دام الله عز وجل أصدق القائلين ، ومن أوفى بعهده من الله ؟!!!! إذًن يحسُن الصبر لقوة الثقة بالعطاء ، ولا يصبر العبد إلا بأحد معنيين ، المعنى الأول : أن يشاهد العوَض ، وهذا مقام أصحاب اليمين و إما أن ينظر إلى المعوِّض فهذا مقام السابقين ، يعني إما أن تنظر إلى ثواب الله الجزيل ، فهذا يجعلك من أصحاب اليمين ، وإما أن تنظر إلى الله الجليل ، فهذا يجعلك من السابقين ، لذلك الآية الشهيرة قال تعالى في سورة البقرة :" إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إليهِ راجعون"(156) هذه الكلمة ، هذه الآية سنَّها النبي عليه الصلاة والسلام أن يقولها عند المصيبة ، إنا لِلَّه ، أي نحن ملكٌ لله عزوجل ، أخذ شيئا منحنا إياه ، فالحقُّ حقه ، و إنا إليه راجعون ، راجعون لنأخذ العوض .
وإليك هذه القصة الرائعة لأمُّ سلمة تلك الصحابية الجليلة كان لها زوج من أفضل الأزواج ، أبو سلمة ، صحابي جليل و متفوِّق في كل الميادين،وتوفِّي هذا الزوج وها هي تروي بقية القصة: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
((مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُهَا فَجَعَلْتُ كُلَّمَا بَلَغْتُ وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهـَا قُلْتُ فــِي نَفْسِي :"وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ؟!!" ثُمَّ قُلْتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعَثَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ يَخْطُبُهَا فَلَمْ تَزَوَّجْهُ فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَخْطُبُهَا إَلَيْهِ فَقَالَتْ أَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى وَأَنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَقُلْ لَهَا أَمَّا قَوْلُكِ إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى فَأَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَسَتُكْفَيْنَ صِبْيَانَكِ وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ)) [رواه مسلم]
ثم كانت المفاجأة ، لقد طلبها النبي عليه الصلاة و السلام !!!!! و كانت زوجة رسول الله ، ورسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل من أبي سلمة !!!!
فإذا ألَّمت بالمؤمن مصيبةٌ فليدعُ بهذا الدعاء : ((مَنْ أَصَابَتــْهُ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَأَبْدِلْنِي خَيْرًا منها))هذا كلام النبي عليه الصلاة و السلام ، والحديث صحيح رواه الإمام مسلم ، وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .
..فإذا صبرت ابتغاء وجه الله فلابد من أن يعوِّضك الله عزوجل جزاء صبرك على الذي فقدته خيرا من الذي فقدته ، النبي عليه الصلاة و السلام نوَّه إلى هذا المعنى فقال : ((من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا في دينه ودنياه)). فإذا عرفت حكمة المصيبة تلقَّيتها بصبر جميل ، و الله سبحانه و تعالى أمر النبي عليه الصلاة والسلام - ونحن بالتبعية -أن نصبر صبرا جميلا .
4-إن اليقين بالفرج يعين على الصبر:
فنصر الله قريب ، و الفرج آتٍ ، وما بعد الضيق - كما يقول عامة الناس - إلا السعة ، و بعد العسر اليسر ، و أن ما وعد اللهُ المؤمنين من النصر و ما وعد المبتلين من العوض و الإخلاف ، لا بد أن يتحقق ، هذا اليقين أيها الإخوة ، هذا اليقين بمجيء الفرج على مستوى كل مؤمن ، كل مؤمن يعاني من ضائقة أو من مشكلة أو من مرض أو خلاف ذلك يجب أن يوقن بالفرج ، وهذا اليقين ليس من عندي ،بل من عند الله عز وجل ، بنص القرآن الكريم ، فربنا سبحانه و تعالى يقول في سورة الشرح:"فإنَّ مع العُسرِ يُسرا"(5)
عظمة هذه الآية أن الله عزوجل لم يقل : إن بعد العسر يسرا ، بل قال : إن اليسر مع العسر ، ليُطمئنك ، ليبثَّ في نفسك الرضى ، ليبث في نفسك الأمل !!!!
يتبع
.إن صاحب الفضل إذا منـح فبفضله ، وإذا استرد فبعدله ، و في كلا الحالين هناك حكمة بالغة ، لو اطَّلعت عليها لذابت نفسك حبا لله عز وجل ،اجعل شعارك في الحياة الدنيا : إن لله ما أعطى ، و لله ما أخذ
3 - إن اليقين بحسن الجزاء يعين على الصبر:
فإذا طُلب منك ليرة ، وأنت موقن يقينا قطعيا أنك ستأخذ مقابلها عشرا ، تعطيها بيسر ، اليقين بالعوض ، اليقين بحسن الجزاء ، هذا شيء ثابت في الدين ، لماذا يصبر الصابرون ، لماذا يحتسب المؤمن مصابه عند الله ؟ لأنـه يعلم علم اليقين أن الله سيعوِّضه عن مصيبته خيرا ، لذلك ورد في الحديث الصحيح أن أهل العافية (( هؤلاء الذين عاشوا في بحبوحة ، عاشوا في صحة تامة ، عاشوا في زواج سعيد ، عاشوا في دخل كبير ، عاشوا في مكانة اجتماعية )) يتمنون يوم القيامة لو أن أجسامهم كانت تُقرض بالمقاريض في الدنيا لِما يرون من عظيم ثواب الله لأهل البلاء "!!! يعني لو أنك تقف أمام إنسان ، جاء إنسان و أخذ منه مائة ليرة بالقوة ،و أنت لم يأخذ منك ،ثم بعد أيام أُعطِي مكان هذه المائة مليون ، ألا تتمنى لو كنت مكانه؟؟!!
سيدنا عمر رضي الله له قولة شهيرة كان يقولها كلما أصابه البلاء : (الحمد لله إذ لم يكن في دينــي ، و الحمد لله إذ لم يكن أكبر منه ، و الحمد لله إذ لم أُحرم الرضا به و إني أرجو لأرجـو ثواب الله عليه) " أن ترضى بالمصاب هذا علم كبير ، و هذا يقين شديد ، حينما يرجو الإنسان ثواب هذه المصيبة ، نُقلت هذه المصيبة من دائرة البلاء إلى دائرة النِعَم ، لذلك :
إذا أحبَّ اللهُ عبده ابتلاه ، فإن صبر اجتباه ، فإن شكر اقتناه .
امرأة صالحة كانت تمشي فتعثَّرت ، فانقطع ظفرُها ، وفي هذا من الألم ما فيه ، و لكنها حمدت اللهَ عزوجل ، و ضحكت ، فقيل لها : أما تجدين الوجع ؟ فقالت : إن لذة ثوابه أزالت عني مرارة وجعه ، ولا تنسوا دعاء النبي عليه الصلاة و السلام الشهير ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ : ((اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا)) [رواه الترمذي]
وهل نسيتم أن الصابرين يوفَّوْن أجرهم بغير حساب ؟! ما من قُربة إلى الله إلا ولها رزق معلوم ، إلا الصبر فإنه بغير حساب ، ألا ترضى أن تستحق معية الله عزوجل ؟ تلك المعية الخاصة ، معية التأييد و النصر و الحفظ ،لقد جاءت عبارة:" إن الله مع الصابرين "، في أربعة مواضع من القرآن الكريم!!!!
أحد العارفين بالله يقول : أصل قلة الصبر ضعف اليقين بحسن جزاء الله في الجنة " أصل قلة الصبر ضعف اليقين بحسن جزاء من صبر له ، لأنــه لو قويَ يقينك كان الآجلُ عندك كالعاجل ، إذا كان الواعدُ صادقا ، إذا وضعت مبلغا لتأخذه أضعافا مضاعفة ، وهذا الذي وعدك صادق عندك ، كأنك أخذت المبلغ الكبير ، تضعه في حساباته ، تقول : سيأتيني مبلغ كذا مقابل هذا الذي دفعت ، يعني إذا كان يقينك بعوض الله عز وجل يقينا قطعيا فإن الآجِل سيغدو عاجلا ، هذا ما دام الله عز وجل أصدق القائلين ، ومن أوفى بعهده من الله ؟!!!! إذًن يحسُن الصبر لقوة الثقة بالعطاء ، ولا يصبر العبد إلا بأحد معنيين ، المعنى الأول : أن يشاهد العوَض ، وهذا مقام أصحاب اليمين و إما أن ينظر إلى المعوِّض فهذا مقام السابقين ، يعني إما أن تنظر إلى ثواب الله الجزيل ، فهذا يجعلك من أصحاب اليمين ، وإما أن تنظر إلى الله الجليل ، فهذا يجعلك من السابقين ، لذلك الآية الشهيرة قال تعالى في سورة البقرة :" إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إليهِ راجعون"(156) هذه الكلمة ، هذه الآية سنَّها النبي عليه الصلاة والسلام أن يقولها عند المصيبة ، إنا لِلَّه ، أي نحن ملكٌ لله عزوجل ، أخذ شيئا منحنا إياه ، فالحقُّ حقه ، و إنا إليه راجعون ، راجعون لنأخذ العوض .
وإليك هذه القصة الرائعة لأمُّ سلمة تلك الصحابية الجليلة كان لها زوج من أفضل الأزواج ، أبو سلمة ، صحابي جليل و متفوِّق في كل الميادين،وتوفِّي هذا الزوج وها هي تروي بقية القصة: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
((مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُهَا فَجَعَلْتُ كُلَّمَا بَلَغْتُ وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهـَا قُلْتُ فــِي نَفْسِي :"وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ؟!!" ثُمَّ قُلْتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعَثَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ يَخْطُبُهَا فَلَمْ تَزَوَّجْهُ فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَخْطُبُهَا إَلَيْهِ فَقَالَتْ أَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى وَأَنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَقُلْ لَهَا أَمَّا قَوْلُكِ إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى فَأَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَسَتُكْفَيْنَ صِبْيَانَكِ وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ)) [رواه مسلم]
ثم كانت المفاجأة ، لقد طلبها النبي عليه الصلاة و السلام !!!!! و كانت زوجة رسول الله ، ورسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل من أبي سلمة !!!!
فإذا ألَّمت بالمؤمن مصيبةٌ فليدعُ بهذا الدعاء : ((مَنْ أَصَابَتــْهُ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَأَبْدِلْنِي خَيْرًا منها))هذا كلام النبي عليه الصلاة و السلام ، والحديث صحيح رواه الإمام مسلم ، وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .
..فإذا صبرت ابتغاء وجه الله فلابد من أن يعوِّضك الله عزوجل جزاء صبرك على الذي فقدته خيرا من الذي فقدته ، النبي عليه الصلاة و السلام نوَّه إلى هذا المعنى فقال : ((من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا في دينه ودنياه)). فإذا عرفت حكمة المصيبة تلقَّيتها بصبر جميل ، و الله سبحانه و تعالى أمر النبي عليه الصلاة والسلام - ونحن بالتبعية -أن نصبر صبرا جميلا .
4-إن اليقين بالفرج يعين على الصبر:
فنصر الله قريب ، و الفرج آتٍ ، وما بعد الضيق - كما يقول عامة الناس - إلا السعة ، و بعد العسر اليسر ، و أن ما وعد اللهُ المؤمنين من النصر و ما وعد المبتلين من العوض و الإخلاف ، لا بد أن يتحقق ، هذا اليقين أيها الإخوة ، هذا اليقين بمجيء الفرج على مستوى كل مؤمن ، كل مؤمن يعاني من ضائقة أو من مشكلة أو من مرض أو خلاف ذلك يجب أن يوقن بالفرج ، وهذا اليقين ليس من عندي ،بل من عند الله عز وجل ، بنص القرآن الكريم ، فربنا سبحانه و تعالى يقول في سورة الشرح:"فإنَّ مع العُسرِ يُسرا"(5)
عظمة هذه الآية أن الله عزوجل لم يقل : إن بعد العسر يسرا ، بل قال : إن اليسر مع العسر ، ليُطمئنك ، ليبثَّ في نفسك الرضى ، ليبث في نفسك الأمل !!!!
يتبع

__________________________________________________ __________
هناك لفتة بلاغية ، هو أن اليسر إذا جاء غير معرَّف و تكرَّر ،إختلف ...فاليسر الأول غير اليسر الثاني ، لأن الكلمة منكَّرة و متكررة ، أما إذا عُرِّفت الكلمة وتكررت فهي شيء واحد ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام : ((لن يَغلب عسرٌ يُسرَين)) ، فاليُسران هما الغالبان!!!
شيء آخر في الآية ، ربنا سبحانه و تعالى أراد من خلال الآية الثانية أن يبين لعباده المؤمنين قرب تحقق اليسر بعد العسر ، حتى كأنه معه ، فلو دخل العسر جحرا لدخل اليسر معه ، و بعضهم يقول : لو دخل العُسر جُحرا لتقدَّمه اليسر ، هذا هو المعنى الأول ، فإذا ألَّمت بالإنسان ضائقة ،لأو نزلت به نازلة ،أو شعر بضيق نفسي ،أو شعر بقلق كبير فيجب أن يعلم علم اليقين أن مع العسر اليسر ، وأن مع الضيق الفرج، وأن مع هذه البلية الرِّفعة ، و أن هذه الشِّدة تعقبها شَدَّة إلى الله عزوجل ، و أن هذه المحنة تعقبها منحة ، و أن كل شيء وقع أراده الله ، و أن لإرادة الله حُكما بليغة ، و إن حكمته البليغة متعلقة بالخير .
هناك معنى آخر، لقد فسَّر العلماء اليسر في هذه الآية باللطف الإلهي ، فقد يقع حادث ، و لكن الركاب ينجون بلطف الله عز وجل ، قد يأتي المرض ، و لــه مضاعفات خطيرة ، ولكن الله سبحانه و تعالى يحمي هذا المؤمن منها ، قد تأتي البلية فينجو منها المؤمن ، قد تأتي البلية بشكل مخفَّف ، من هنا يدعو المسلمون ربَّهم فيقولون : يا ربنا لا نسألك ردَّ القضاء ، و لكن نسألك اللطف فيه ، هذا الذي يعين على الصبر ، اليقين بالفرج ، و الله سبحانه و تعالى وعد المؤمنين باليسر بعد العسر ، و ما جعل هذا العسر إلا دافعا لهم إلى باب الله تعالى ، ما جعل هذا العسر إلا محرِّضا لهم على طاعة ربهم ، ما جعل هذا العسر إلا مذكِّرا لهم بمُهمتهم في الحياة ، ما جعل هذا العسر إلا طريقا إلى اليسر ، فهو سبحانه ما قبض إلا ليبسط ، وما خفض إلا ليرفع ، ما أذل إلا ليُعِز ، ما أخذ إلا ليُعطي و لو كُشف الغطاء لاخترتم الواقع ، و لو أن الإنسان تأمل في هذا الذي أصابه لأيقن يقينا قاطعا أن هذا الذي أصابه وراءه حكمة بالغة ، ويد رحيمة ، وربٌّ كريم ، وأن الله سبحانه وتعالى سيجعل هذه المحنة ذكرى ، و يجعل العسر من بعده يسرا .
أيها الإخوة الأكارم ، يقول ابن عطاء الله السكندري : من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لِقُصور نظره "، و الله سبحانه و تعالى يقول في سورة يوسف :"إنَّ ربِّي لَطيفٌ لِما يشاء"
يشاء شيئا و يأتي معه اللطف ، يشاء بلية و تأتي معها النجاة ، يشاء أمرا ، ويأتي معه التيسير ،وهناك آية دقيقة من آيات القرآن الكريم ، يقول الله عز وجل في سورة الليل :"فأما مَن بَخِلَ واستَغنَى*وكذَّبَ بِالحُسنى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسرى" ،هذه آية التعسير ، و للتيسير قانون ، و للتعسير قانون ، و التيسير والتعسير ليسا جزافا ، إنهما بيد حكيم عليم ، خبير قدير ، رحمن رحيم ، إذا فهمت الأحداث التي تجري هذا الفهم رضيت ، إذا فهمت أن المصائب يسوقها الله سبحانه و تعالى ليدفع عباده الذين يُحبهم إلى بابه !!!
أما هؤلاء الذين يتمتعون ، ويأكلون كما تأكل الأنعام ، هؤلاء خارج المعالجة ، هؤلاء خارج الحماية ، قال تعالى في سورة الأنعام :"فلَمَّا نَسوا ما ذُكِّروا به فتَحنا عليهم أبوابَ كُلِّ شَيءٍ حتى إذا فرِحوا بِما أوتوا أخَذناهُم بَغتةً فإذا هُم مُبلِسون"(44)
يا أيها الإخوة المؤمنون ، سيدنا يعقوب عليه و على نبينا أفضل الصلاة و السلام حينما فقد ابنه قال :"فصبرٌ جميلٌ والله ُ المُستعانُ على ما تَصِفون"(سورة يوسف)
هذا هو اليقين بالفرج ، قال تعالى :"يا بَنِيَّّ اذهبوا فتَحسَّسوا مِن يوسُفَ وأخيهِ ولا تَيأَسوا مِن رَّوحِ اللهِ إنهُ لا يَيْاَسُ مِن رَوحِ اللهِ إلا القومُ الكافِرون".... فاليأس من لوازم الكفر ، القنوط من لوازم الكفر ، الاستبشار والتفاؤل من لوازم الإيمان ، فكل من أصابته مصيبةٌ عليه أن يوقن بِناءً على وعد الله عز وجل أن الفرج آت ، وأن نصر الله قريب ، و أن بعد الضيق السعة ،و أن بعد العسر اليسر ، و أن ما وعد الله المؤمنين من النصر ، وما وعد به المبتلين من العوض لا بد من أن يتحقق !!!.
يا أيها الإخوة الأكارم هذا اليقين يبدِّد ظلام القلق ، هذا اليقين يطرد شبح اليأس ، هذا اليقين يضيء الصدر بالأمل والظفر ، هذا اليقين يبث في النفس الثقة بالغد ، هذا كسب نفسي كبير يتمتع به المؤمن ، الثقة بالمستقبل ، الثقة بأن فرج الله آت ، الثقة بأن الله سبحانه و تعالى لا يُخلف وعده، الثقة بأن الله ناصر عبده المؤمن .
يا أيها الإخوة الأكارم ، الأمل قوة محرّكة كبيرة ، و شحنة دافعة إلى الأمام ، أما اليأس فهو داء وبيل قتَّال .
ربنا سبحانه و تعالى يقول في سورة غافر : "فاصبِر إنَّ وعدَ اللهِ حَقٌ"؛ويقصد به: وعد المؤمن بالنصر ، وعد المؤمن بالفرج ، وعد المؤمن بالتيسير ، وعد المؤمن بالإمداد ، هذا وعد من الله عزوجل ،و قال تعالى أيضاً في سورة النساء:"ومَن أضدَقُ مِن اللهِ حديثاً"؟!!
و قال تعالى أيضاً في سورة التوبة :"ومَن أوفَى بِعَهدِهِ مِن اللهِ"؟؟!!!!
يا أيها الإخوة الأكارم ، من الذي يُخلف وعده ؟ إنه العاجز ، إنه الكاذب!! صنفان من الناس يخلفان وعدهما ، العاجزون و الكاذبون ، والله سبحانه و تعالى جلَّ شأنه ، و تعالت أسماؤه عن أن يتَّصف بالعجز وما سوى ذلك .
شيء آخر يا أيها الإخوة المؤمنون يتعلق باليقين بالفرج ، وهو أن الله سبحانه و تعالى وعد المؤمن بحسن العاقبة فقال تعالى :"قال موسى لقَومِهِ استعينوا باللهِ واصبِروا إنَّ الأرضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَن يشاءُ مِن عباده* والعاقبةُ لِلمُتَّقين"
لو لم يكن في كتاب الله كله إلا هذه الآية لكفت المؤمنين ، ومن الذي يقولها؟؟!!!إنه خالق السماوات والأرض ، ومن بيده كل شيء !!!!
يقول تعالى أيضاً:" لا يَغُرَّنَّكَ تقلُّبُ الذين كَفَروا في البلاد*متاعٌ قليلٌ ثُمَّ مأواهُم جهنَّمَ وبِئس المِهاد*لَكِنِ الذين اتَّقَوا ربَّهُم لهُم جنَّاتٍ تجري مِن تحتِها الأنهارُ خالِدينَ فيها نُزُلاً مِن عِندِ الله* وما عِند اللهِ خَيرٌ لِلأبرار"(198)
يتبع
شيء آخر في الآية ، ربنا سبحانه و تعالى أراد من خلال الآية الثانية أن يبين لعباده المؤمنين قرب تحقق اليسر بعد العسر ، حتى كأنه معه ، فلو دخل العسر جحرا لدخل اليسر معه ، و بعضهم يقول : لو دخل العُسر جُحرا لتقدَّمه اليسر ، هذا هو المعنى الأول ، فإذا ألَّمت بالإنسان ضائقة ،لأو نزلت به نازلة ،أو شعر بضيق نفسي ،أو شعر بقلق كبير فيجب أن يعلم علم اليقين أن مع العسر اليسر ، وأن مع الضيق الفرج، وأن مع هذه البلية الرِّفعة ، و أن هذه الشِّدة تعقبها شَدَّة إلى الله عزوجل ، و أن هذه المحنة تعقبها منحة ، و أن كل شيء وقع أراده الله ، و أن لإرادة الله حُكما بليغة ، و إن حكمته البليغة متعلقة بالخير .
هناك معنى آخر، لقد فسَّر العلماء اليسر في هذه الآية باللطف الإلهي ، فقد يقع حادث ، و لكن الركاب ينجون بلطف الله عز وجل ، قد يأتي المرض ، و لــه مضاعفات خطيرة ، ولكن الله سبحانه و تعالى يحمي هذا المؤمن منها ، قد تأتي البلية فينجو منها المؤمن ، قد تأتي البلية بشكل مخفَّف ، من هنا يدعو المسلمون ربَّهم فيقولون : يا ربنا لا نسألك ردَّ القضاء ، و لكن نسألك اللطف فيه ، هذا الذي يعين على الصبر ، اليقين بالفرج ، و الله سبحانه و تعالى وعد المؤمنين باليسر بعد العسر ، و ما جعل هذا العسر إلا دافعا لهم إلى باب الله تعالى ، ما جعل هذا العسر إلا محرِّضا لهم على طاعة ربهم ، ما جعل هذا العسر إلا مذكِّرا لهم بمُهمتهم في الحياة ، ما جعل هذا العسر إلا طريقا إلى اليسر ، فهو سبحانه ما قبض إلا ليبسط ، وما خفض إلا ليرفع ، ما أذل إلا ليُعِز ، ما أخذ إلا ليُعطي و لو كُشف الغطاء لاخترتم الواقع ، و لو أن الإنسان تأمل في هذا الذي أصابه لأيقن يقينا قاطعا أن هذا الذي أصابه وراءه حكمة بالغة ، ويد رحيمة ، وربٌّ كريم ، وأن الله سبحانه وتعالى سيجعل هذه المحنة ذكرى ، و يجعل العسر من بعده يسرا .
أيها الإخوة الأكارم ، يقول ابن عطاء الله السكندري : من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لِقُصور نظره "، و الله سبحانه و تعالى يقول في سورة يوسف :"إنَّ ربِّي لَطيفٌ لِما يشاء"
يشاء شيئا و يأتي معه اللطف ، يشاء بلية و تأتي معها النجاة ، يشاء أمرا ، ويأتي معه التيسير ،وهناك آية دقيقة من آيات القرآن الكريم ، يقول الله عز وجل في سورة الليل :"فأما مَن بَخِلَ واستَغنَى*وكذَّبَ بِالحُسنى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسرى" ،هذه آية التعسير ، و للتيسير قانون ، و للتعسير قانون ، و التيسير والتعسير ليسا جزافا ، إنهما بيد حكيم عليم ، خبير قدير ، رحمن رحيم ، إذا فهمت الأحداث التي تجري هذا الفهم رضيت ، إذا فهمت أن المصائب يسوقها الله سبحانه و تعالى ليدفع عباده الذين يُحبهم إلى بابه !!!
أما هؤلاء الذين يتمتعون ، ويأكلون كما تأكل الأنعام ، هؤلاء خارج المعالجة ، هؤلاء خارج الحماية ، قال تعالى في سورة الأنعام :"فلَمَّا نَسوا ما ذُكِّروا به فتَحنا عليهم أبوابَ كُلِّ شَيءٍ حتى إذا فرِحوا بِما أوتوا أخَذناهُم بَغتةً فإذا هُم مُبلِسون"(44)
يا أيها الإخوة المؤمنون ، سيدنا يعقوب عليه و على نبينا أفضل الصلاة و السلام حينما فقد ابنه قال :"فصبرٌ جميلٌ والله ُ المُستعانُ على ما تَصِفون"(سورة يوسف)
هذا هو اليقين بالفرج ، قال تعالى :"يا بَنِيَّّ اذهبوا فتَحسَّسوا مِن يوسُفَ وأخيهِ ولا تَيأَسوا مِن رَّوحِ اللهِ إنهُ لا يَيْاَسُ مِن رَوحِ اللهِ إلا القومُ الكافِرون".... فاليأس من لوازم الكفر ، القنوط من لوازم الكفر ، الاستبشار والتفاؤل من لوازم الإيمان ، فكل من أصابته مصيبةٌ عليه أن يوقن بِناءً على وعد الله عز وجل أن الفرج آت ، وأن نصر الله قريب ، و أن بعد الضيق السعة ،و أن بعد العسر اليسر ، و أن ما وعد الله المؤمنين من النصر ، وما وعد به المبتلين من العوض لا بد من أن يتحقق !!!.
يا أيها الإخوة الأكارم هذا اليقين يبدِّد ظلام القلق ، هذا اليقين يطرد شبح اليأس ، هذا اليقين يضيء الصدر بالأمل والظفر ، هذا اليقين يبث في النفس الثقة بالغد ، هذا كسب نفسي كبير يتمتع به المؤمن ، الثقة بالمستقبل ، الثقة بأن فرج الله آت ، الثقة بأن الله سبحانه و تعالى لا يُخلف وعده، الثقة بأن الله ناصر عبده المؤمن .
يا أيها الإخوة الأكارم ، الأمل قوة محرّكة كبيرة ، و شحنة دافعة إلى الأمام ، أما اليأس فهو داء وبيل قتَّال .
ربنا سبحانه و تعالى يقول في سورة غافر : "فاصبِر إنَّ وعدَ اللهِ حَقٌ"؛ويقصد به: وعد المؤمن بالنصر ، وعد المؤمن بالفرج ، وعد المؤمن بالتيسير ، وعد المؤمن بالإمداد ، هذا وعد من الله عزوجل ،و قال تعالى أيضاً في سورة النساء:"ومَن أضدَقُ مِن اللهِ حديثاً"؟!!
و قال تعالى أيضاً في سورة التوبة :"ومَن أوفَى بِعَهدِهِ مِن اللهِ"؟؟!!!!
يا أيها الإخوة الأكارم ، من الذي يُخلف وعده ؟ إنه العاجز ، إنه الكاذب!! صنفان من الناس يخلفان وعدهما ، العاجزون و الكاذبون ، والله سبحانه و تعالى جلَّ شأنه ، و تعالت أسماؤه عن أن يتَّصف بالعجز وما سوى ذلك .
شيء آخر يا أيها الإخوة المؤمنون يتعلق باليقين بالفرج ، وهو أن الله سبحانه و تعالى وعد المؤمن بحسن العاقبة فقال تعالى :"قال موسى لقَومِهِ استعينوا باللهِ واصبِروا إنَّ الأرضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَن يشاءُ مِن عباده* والعاقبةُ لِلمُتَّقين"
لو لم يكن في كتاب الله كله إلا هذه الآية لكفت المؤمنين ، ومن الذي يقولها؟؟!!!إنه خالق السماوات والأرض ، ومن بيده كل شيء !!!!
يقول تعالى أيضاً:" لا يَغُرَّنَّكَ تقلُّبُ الذين كَفَروا في البلاد*متاعٌ قليلٌ ثُمَّ مأواهُم جهنَّمَ وبِئس المِهاد*لَكِنِ الذين اتَّقَوا ربَّهُم لهُم جنَّاتٍ تجري مِن تحتِها الأنهارُ خالِدينَ فيها نُزُلاً مِن عِندِ الله* وما عِند اللهِ خَيرٌ لِلأبرار"(198)
يتبع

__________________________________________________ __________
يا أيها الإخوة المؤمنون ، قد تشتد المحن ، وتتفاقم الفتن ، وتقبل الشدائد كأمواج البحر ، وتأخذ بخِناق المؤمن ، تَزيغ الأبصار ، تبلغ القلوب الحناجر ، يَظُنُّ الناسُ بالله الظُّنون ، يُبتلى المؤمنون، يُزلزَلون زلزالاً شديدا ، ويأتي بعد ذلك الفرج ، واليسرُ أيها الإخوة الأكارم ، ربنا سبحانه و تعالى نوَّه بهذا المعنى فقال :"حتَّى إذا استيأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أنَّهُم قد كُذِبوا* جاءَهُم نصرُنا*فَنُجِّيَ مَن نشاءُ* ولا يُرَدُّ بأسُنا عن القومِ المُجرمين"
و قال بعض العارفين :
ولرُبَّ نازِلة يضيق بها الفتى ذَرعا و عند الله منها المخرجُ
ضاقَت فلمَّا استحكمَت حلقاتُها فُرِجت ، وكنت أظنُّها لا تُفرَجُ
هذا على المستوى الفردي ، قد تحيط بالإنسان المحن ، قد تتَّفق عليه المصائب ، قد تأتيه المصائبُ من كل جهة ، فإذا هي تنحلُّ عُقدَةً عقدةً ، واحدةً وَاحدةً ، وهذا من فضل الله و رحمته!!!!
أيها الإخوة المؤمنون ، النبي عليه الصلاة و السلام يُطمئِن المؤمن أنه لو أن له جارا منحرفا ،أو فاسقا ، أو صديقا كافرا في الحديث التالي: عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ :"وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ" )) [رواه البخاري]
5- الإستعانة بالله تعالى تعين على الصبر:
قال الله تعالى :" واصبِروا إن اللهَ مع الصابرين" و قال أيضاً:"واصبِر لِحُكمِ ربِّك فإنَّكَ بِأَعيُنِنا"
قال بعض العارفين : من كان بِمَعية الله مصحوباً كان بعين الله محفوظاً " ، و قد بيَّنت في خطبة سابقة أن المَعِيَّة التي وردت أربع مرات في القرآن للصابرين هي معية خاصة ، و ليست معية عامة ، إنها معية الحفظ ، والرعاية ، والتأييد ، والنصر .
وإذا العناية لاحظتْكَ جفونها نَم فالمخاوف كلهُنَّ أمانُ
لكن شيئا دقيقا يلفت النظر هو أن الله سبحانه وتعالى في بعض الآيات قرن الصبر بالتوكُّل ، فقد هدد فرعون بني إسرائيل فقال موسى في القرآن الكريم :"قال موسى استعينوا باللهِ واصبِروا إنَّ الأرضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَن يشاءُ مِن عِباده* والعاقِبَةُ لِلمُتَّقين"... قد تأتي المصيبةُ و تخاف منها ، ليس لك إلا الله ملجأ تستعين به ، فينقذك مما أنت فيه ، تعرف ربوبيته ، تعرف أنه سمع دعاءك ، تعرف أن الأمر بيده ، يتقدَّم إيمانُك بهذه الطريقة ، قال تعالى:"الذين صبروا وعلى ربِّهِم يتَوَكَّلون" و قال تعالى أيضاً:" ولَنَصبِرنَّ على ما آذَيتُمونا* وعلى اللهِ فَل يتوكَلِ المُتوَكِّلون"
الله سبحانه و تعالى ربط الصبر بالتوكل ، وربط التوكُّل بالتوحيد ، إذا كنت موحِّدا تتوكل ، و إذا ألَّمت بك مصيبة عندها تتوكل ، فالتوكل يرتبط بالصبر من جهة ، و بالتوحيد من جهة أخرى .
6- إن الاقتداء بأهل الصبر وأهل العزائم يعين على الصبر
فمما يعين على الصبر التأمل في سير الصابرين ، وما لاقوه من صنوف العذاب ، وألوان الشدائد ، وبخاصة أصحاب الدعوات ، و حمَلة الرسالات من أنبياء الله ورسله ، المصطفين الأخيار ، الذي جعل الله حياتهم و جهادهم دروسا بليغة للناس من بعدهم ، ليتَّخذ الناسُ من حياة هؤلاء دروسا ثمينة ، و ليتَّخذوا منهم أسوةً صالحة و مثلا يُحتذى، يعينهم على تحمُّل متاعب الحياة .
الله سبحانه و تعالى أشار إلى هذه الحقيقة في القرآن الكريم ، فقال جل من قائل في سور ةهود:"وكُلَّاً نَقُصُّ عليكَ مِن أنباء الرُّسُلِ ما نُثَبِّت به فؤادَكَ"
يا أيها النبي نقصُّ عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ، نحن من باب أولى ، إذا قرأت سيرة الصابرين ، إذا قرأت سيرة أهل العزيمة ، إذا قرأت سيرة الأعلام الذين لاقوا ما لاقوا في سبيل الله هانت عليك مصيبتُك ، و رضيت بها ، و الله سبحانه وتعالى أشار إلى هذا ، بل إن النبيَّ عليه الصلاة و السلام نفسه كما قال الله عزوجل يستأنس و يثبت قلبُه إذا تلا اللهُ عليه سير الصابرين .
]أيها الإخوة الأكارم ، لما جعل اللهُ النبيَّ عليه الصلاة و السلام أسوةً حسنة لنا ، و قدوة صالحة ، ومثلا يُحتذى ، إذًا لا بد من أن نقرأ سيرته ، لا بد من أن نقف عند مواقفه ، لابد من أن نطَّلع على المحن التي أصابته ، وعلى الشدائد التي لاقاها ، وعلى المصائب التي نزلت به ، من أجل أن يكون هذا النبيُّ العظيم قدوةً لنا في السير في دروب الحياة التي جعلها الله دار ابتلاء لا دار جزاء .
يا أيها الإخوة المؤمنون ، في آية أخرى يقول الله جلَّ مِن قائل في سورة الأنعام :" ولقد كُذِّبَت رُسُلٌ مِن قَبلكَ فصبَروا على ما كُذِّبوا وأوذوا حتى أتاهُم نَصرُنا ولا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ* ولقَد جاءَكَ مِن نَبَإ المُرسَلين"
آية ثالثة قال تعالى في سورة الأحقاف : :فاصبِر كما صبَرَ أولو العَزمِ من الرُّسُل ولا تَستَعجِل لَهُم"
"آية رابعة قال تعالى في سورة ص : "واذكُر عبدَنا أيّوبَ إذ نادى ربَّهُ أنِّي مَسَّنِيَ الشيطانُ بِنُصبٍ وعَذاب"
وفي نهاية القصة قال الله عز وجل : "إنَّا وجدناهُ صابِراً نِعمَ العبدُ إنَّهُ أوَّاب
يتبع
و قال بعض العارفين :
ولرُبَّ نازِلة يضيق بها الفتى ذَرعا و عند الله منها المخرجُ
ضاقَت فلمَّا استحكمَت حلقاتُها فُرِجت ، وكنت أظنُّها لا تُفرَجُ
هذا على المستوى الفردي ، قد تحيط بالإنسان المحن ، قد تتَّفق عليه المصائب ، قد تأتيه المصائبُ من كل جهة ، فإذا هي تنحلُّ عُقدَةً عقدةً ، واحدةً وَاحدةً ، وهذا من فضل الله و رحمته!!!!
أيها الإخوة المؤمنون ، النبي عليه الصلاة و السلام يُطمئِن المؤمن أنه لو أن له جارا منحرفا ،أو فاسقا ، أو صديقا كافرا في الحديث التالي: عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ :"وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ" )) [رواه البخاري]
5- الإستعانة بالله تعالى تعين على الصبر:
قال الله تعالى :" واصبِروا إن اللهَ مع الصابرين" و قال أيضاً:"واصبِر لِحُكمِ ربِّك فإنَّكَ بِأَعيُنِنا"
قال بعض العارفين : من كان بِمَعية الله مصحوباً كان بعين الله محفوظاً " ، و قد بيَّنت في خطبة سابقة أن المَعِيَّة التي وردت أربع مرات في القرآن للصابرين هي معية خاصة ، و ليست معية عامة ، إنها معية الحفظ ، والرعاية ، والتأييد ، والنصر .
وإذا العناية لاحظتْكَ جفونها نَم فالمخاوف كلهُنَّ أمانُ
لكن شيئا دقيقا يلفت النظر هو أن الله سبحانه وتعالى في بعض الآيات قرن الصبر بالتوكُّل ، فقد هدد فرعون بني إسرائيل فقال موسى في القرآن الكريم :"قال موسى استعينوا باللهِ واصبِروا إنَّ الأرضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَن يشاءُ مِن عِباده* والعاقِبَةُ لِلمُتَّقين"... قد تأتي المصيبةُ و تخاف منها ، ليس لك إلا الله ملجأ تستعين به ، فينقذك مما أنت فيه ، تعرف ربوبيته ، تعرف أنه سمع دعاءك ، تعرف أن الأمر بيده ، يتقدَّم إيمانُك بهذه الطريقة ، قال تعالى:"الذين صبروا وعلى ربِّهِم يتَوَكَّلون" و قال تعالى أيضاً:" ولَنَصبِرنَّ على ما آذَيتُمونا* وعلى اللهِ فَل يتوكَلِ المُتوَكِّلون"
الله سبحانه و تعالى ربط الصبر بالتوكل ، وربط التوكُّل بالتوحيد ، إذا كنت موحِّدا تتوكل ، و إذا ألَّمت بك مصيبة عندها تتوكل ، فالتوكل يرتبط بالصبر من جهة ، و بالتوحيد من جهة أخرى .
6- إن الاقتداء بأهل الصبر وأهل العزائم يعين على الصبر
فمما يعين على الصبر التأمل في سير الصابرين ، وما لاقوه من صنوف العذاب ، وألوان الشدائد ، وبخاصة أصحاب الدعوات ، و حمَلة الرسالات من أنبياء الله ورسله ، المصطفين الأخيار ، الذي جعل الله حياتهم و جهادهم دروسا بليغة للناس من بعدهم ، ليتَّخذ الناسُ من حياة هؤلاء دروسا ثمينة ، و ليتَّخذوا منهم أسوةً صالحة و مثلا يُحتذى، يعينهم على تحمُّل متاعب الحياة .
الله سبحانه و تعالى أشار إلى هذه الحقيقة في القرآن الكريم ، فقال جل من قائل في سور ةهود:"وكُلَّاً نَقُصُّ عليكَ مِن أنباء الرُّسُلِ ما نُثَبِّت به فؤادَكَ"
يا أيها النبي نقصُّ عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ، نحن من باب أولى ، إذا قرأت سيرة الصابرين ، إذا قرأت سيرة أهل العزيمة ، إذا قرأت سيرة الأعلام الذين لاقوا ما لاقوا في سبيل الله هانت عليك مصيبتُك ، و رضيت بها ، و الله سبحانه وتعالى أشار إلى هذا ، بل إن النبيَّ عليه الصلاة و السلام نفسه كما قال الله عزوجل يستأنس و يثبت قلبُه إذا تلا اللهُ عليه سير الصابرين .
]أيها الإخوة الأكارم ، لما جعل اللهُ النبيَّ عليه الصلاة و السلام أسوةً حسنة لنا ، و قدوة صالحة ، ومثلا يُحتذى ، إذًا لا بد من أن نقرأ سيرته ، لا بد من أن نقف عند مواقفه ، لابد من أن نطَّلع على المحن التي أصابته ، وعلى الشدائد التي لاقاها ، وعلى المصائب التي نزلت به ، من أجل أن يكون هذا النبيُّ العظيم قدوةً لنا في السير في دروب الحياة التي جعلها الله دار ابتلاء لا دار جزاء .
يا أيها الإخوة المؤمنون ، في آية أخرى يقول الله جلَّ مِن قائل في سورة الأنعام :" ولقد كُذِّبَت رُسُلٌ مِن قَبلكَ فصبَروا على ما كُذِّبوا وأوذوا حتى أتاهُم نَصرُنا ولا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ* ولقَد جاءَكَ مِن نَبَإ المُرسَلين"
آية ثالثة قال تعالى في سورة الأحقاف : :فاصبِر كما صبَرَ أولو العَزمِ من الرُّسُل ولا تَستَعجِل لَهُم"
"آية رابعة قال تعالى في سورة ص : "واذكُر عبدَنا أيّوبَ إذ نادى ربَّهُ أنِّي مَسَّنِيَ الشيطانُ بِنُصبٍ وعَذاب"
وفي نهاية القصة قال الله عز وجل : "إنَّا وجدناهُ صابِراً نِعمَ العبدُ إنَّهُ أوَّاب
يتبع

__________________________________________________ __________
إذا قرأت سيرة النبي عليه الصلاة و السلام ، و سيرة أصحاب النبي عليهم رضوان الله ، هؤلاء الذين رضي الله عنهم ، هؤلاء الذين حقَّقوا المرادَ الإلهي ، كانت حياتُهم مشحونة بالابتلاء ، إذا قرأت أن هؤلاء العظام أصابهم ما أصابهم ، وتحمَّلوا في سبيل الله ،عندئذ يا أيها الأخ الكريم تكتسب قوة تحمُّل كبيرة فإذا قرأت سير الصابرين ، وسير أولي العزم ، و سير الأنبياء ، و سير الدعاة ،و سير الصحابة وجدت أن هؤلاء على علوِّ قدرهم ، و على رفعة شأنهم ، و على مقامهم الرفيع عند الله عز وجل أصابهم ما أصابهم ، امتُحنوا، ونجحوا في هذا الامتحان ، الله سبحانه وتعالى يحب أن يرى عبدَه صابرا يحب أن يرى عبده عليما بحكمته عز وجل ، إن يد الله يدٌ رحيمة ، يدٌ لطيفة ، يدٌ رؤوفة ، فإذا رأيت المصيبة من الله هانت عليك الأمور ، لأنه حكيم عليم ، لأن الذي أراده وقع ، و الذي وقع أراده ، وإرادته متعلِّقة بالخير المطلق ، بالحكمة البالغة .
أيها الإخوة المؤمنون ، الله سبحانه و تعالى أشار إلى أن من طبيعة الحياة الدنيا الابتلاء ، أشار إلى هذا في القرآن الكريم ، فقال في سورة العنكبوت:"أَحَسِبَ الناسُ أن يُترَكوا أن يقولوا آمنَّا وَهُم لا يُفتَنون"؟؟!!!!
إذا امتُحنت بالرخاء فنجحت ، فلا بد من أن تُمتحن بالشدة ، إذا امتُحنت بالعطاء فنجحت ، فلا بد من أن تُمتحن بالمنع ، إذا امتُحنت بهذا الطريق فنجحت ، فلا بد من أن تُمتحن بطريق آخر، لأن الله سبحانه و تعالى لابد من أن يكشف حقيقة الإنسان ، لا بد من أن يضعه في حجمه الحقيقي ، لابد من أن يجعل مكنونه ظاهرا ، و سره علانية
أيُعقل هذا ؟نعم لقد قال تعالى في سورة آل عمران:"ما كان اللهُ لِيَذَرَ المؤمنين على ما أنتُم عليه حتى يَمِيزَ الخَبيثَ مِن الطيِّب "... فالشدائد محكُّ الرجال ، الشدائد تفرز الأشخاص تصنِّفهم إلى مؤمنين صادقين ، و إلى مؤمنين ضعفاء ، فهذا الذي فرزته المصيبةُ ، وجعلته مؤمنا ضعيفا عليه أن يجِدَّ في السير ، عليه أن يجدِّد إيمانه ، عليه أن ينهض من كبوته .
يا أيها الإخوة الأكارم ، لابد من أن يكون النجاحُ حافزا لك لنجاح آخر ، أما إذا كان الإخفاقُ فلا بد من أن يكون الإخفاق حافزا لك إلى نجاح ينسيك هذا الإخفاق .
آية أخرى ، قال تعالى في سورة البقرة:" أَم حسِبتم أن تدخُلوا الجنة ولَمَّا يَأتِكُم مَثَلُ الذينَ خَلَوا مِن قبلِكُم *مسَّتهُمُ البأساءُ والضَّرَّاءُ وزُلزِلوا حتى يقولَ الرسولُ والذينَ آمَنوا مَعَهُ متى نَصرُ الله *ألا إنَّ نَصرَ اللهِ قريب"
يجب أن يوطِّن المؤمن نفسه على أن الدنيا دارُ ابتلاء ، لابد من أن يُمتحن بها ، لا بد من أن يُبتلى بها ، لا بد من أن يوضَع في ظرف دقيقٍ فيُكشَف على حقيقته ، إذا كان يدَّعي حبَّه لله فلا بد من أن يوضع في ظرف ، فإما أن يصدُق في دعواه ، وإما أن تأتي دعواه مقصِّرةً عن حاله ، إذن كأن الله عز وجل بطريقة أو بأخرى يبيِّن له مستواه ، فلينهضْ هذا الإنسان إلى المستوى الأعلى.
7-إن الإيمان بالقضاء والقَدَر يعين على الصبر:
أيها الإخوة الأكارم ، شيء آخر يعين على الصبر ألا وهو الإيمان بالقضاء و القدر ، النبيُّ عليه الصلاة و السلام يقول : ((الإيمان بالقدر ُيذهب الهمَّ و الحَزَن)) ، لأن المؤمن يرى أن الناس لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له ، ولئن اجتمعوا على أن يضرُّوه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه ، إن لكل شيء حقيقة ، وما بلغ عبدٌ حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، قال تعالى في سورة فاطر:" ما يفتحِ اللهُ للنَّاسِ مِن رَحمَةٍ فلا مُمسِكَ لها وما يُمسِك فلا مُرسِلَ لهُ مِن بَعدِه * وهوَ العزيزُ الحَكيم"[
إذا قنَّن الإنسان فتقنينه تقنين عجز و فاقة ، أما إذا قنَّن الإلهُ فتقنينه تقنين تأديب وعلاج ، قال تعالى :"فأمَّا الإنسانُ إذا ما ابتَلاهُ ربُّهُ فأكرَمَهُ ونَعَّمَهُ فيقولُ ربِّي أكرَمَنِ وأمَّا إذا ما ابتَلاهُ فَقَدَرَ عليهِ رِزقَهُ فيقولُ ربِّي أهانَن"
وكأن الله سبحنه يقول:"ليس عطائي إكراما ، و لا منعي حرمانا ، إنما عطائي ابتلاء ، و حرماني دواء .
يتبع
أيها الإخوة المؤمنون ، الله سبحانه و تعالى أشار إلى أن من طبيعة الحياة الدنيا الابتلاء ، أشار إلى هذا في القرآن الكريم ، فقال في سورة العنكبوت:"أَحَسِبَ الناسُ أن يُترَكوا أن يقولوا آمنَّا وَهُم لا يُفتَنون"؟؟!!!!
إذا امتُحنت بالرخاء فنجحت ، فلا بد من أن تُمتحن بالشدة ، إذا امتُحنت بالعطاء فنجحت ، فلا بد من أن تُمتحن بالمنع ، إذا امتُحنت بهذا الطريق فنجحت ، فلا بد من أن تُمتحن بطريق آخر، لأن الله سبحانه و تعالى لابد من أن يكشف حقيقة الإنسان ، لا بد من أن يضعه في حجمه الحقيقي ، لابد من أن يجعل مكنونه ظاهرا ، و سره علانية
أيُعقل هذا ؟نعم لقد قال تعالى في سورة آل عمران:"ما كان اللهُ لِيَذَرَ المؤمنين على ما أنتُم عليه حتى يَمِيزَ الخَبيثَ مِن الطيِّب "... فالشدائد محكُّ الرجال ، الشدائد تفرز الأشخاص تصنِّفهم إلى مؤمنين صادقين ، و إلى مؤمنين ضعفاء ، فهذا الذي فرزته المصيبةُ ، وجعلته مؤمنا ضعيفا عليه أن يجِدَّ في السير ، عليه أن يجدِّد إيمانه ، عليه أن ينهض من كبوته .
يا أيها الإخوة الأكارم ، لابد من أن يكون النجاحُ حافزا لك لنجاح آخر ، أما إذا كان الإخفاقُ فلا بد من أن يكون الإخفاق حافزا لك إلى نجاح ينسيك هذا الإخفاق .
آية أخرى ، قال تعالى في سورة البقرة:" أَم حسِبتم أن تدخُلوا الجنة ولَمَّا يَأتِكُم مَثَلُ الذينَ خَلَوا مِن قبلِكُم *مسَّتهُمُ البأساءُ والضَّرَّاءُ وزُلزِلوا حتى يقولَ الرسولُ والذينَ آمَنوا مَعَهُ متى نَصرُ الله *ألا إنَّ نَصرَ اللهِ قريب"
يجب أن يوطِّن المؤمن نفسه على أن الدنيا دارُ ابتلاء ، لابد من أن يُمتحن بها ، لا بد من أن يُبتلى بها ، لا بد من أن يوضَع في ظرف دقيقٍ فيُكشَف على حقيقته ، إذا كان يدَّعي حبَّه لله فلا بد من أن يوضع في ظرف ، فإما أن يصدُق في دعواه ، وإما أن تأتي دعواه مقصِّرةً عن حاله ، إذن كأن الله عز وجل بطريقة أو بأخرى يبيِّن له مستواه ، فلينهضْ هذا الإنسان إلى المستوى الأعلى.
7-إن الإيمان بالقضاء والقَدَر يعين على الصبر:
أيها الإخوة الأكارم ، شيء آخر يعين على الصبر ألا وهو الإيمان بالقضاء و القدر ، النبيُّ عليه الصلاة و السلام يقول : ((الإيمان بالقدر ُيذهب الهمَّ و الحَزَن)) ، لأن المؤمن يرى أن الناس لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له ، ولئن اجتمعوا على أن يضرُّوه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه ، إن لكل شيء حقيقة ، وما بلغ عبدٌ حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، قال تعالى في سورة فاطر:" ما يفتحِ اللهُ للنَّاسِ مِن رَحمَةٍ فلا مُمسِكَ لها وما يُمسِك فلا مُرسِلَ لهُ مِن بَعدِه * وهوَ العزيزُ الحَكيم"[
إذا قنَّن الإنسان فتقنينه تقنين عجز و فاقة ، أما إذا قنَّن الإلهُ فتقنينه تقنين تأديب وعلاج ، قال تعالى :"فأمَّا الإنسانُ إذا ما ابتَلاهُ ربُّهُ فأكرَمَهُ ونَعَّمَهُ فيقولُ ربِّي أكرَمَنِ وأمَّا إذا ما ابتَلاهُ فَقَدَرَ عليهِ رِزقَهُ فيقولُ ربِّي أهانَن"
وكأن الله سبحنه يقول:"ليس عطائي إكراما ، و لا منعي حرمانا ، إنما عطائي ابتلاء ، و حرماني دواء .
يتبع

__________________________________________________ __________
يا أيها الإخوة المؤمنون ، آية في القرآن الكريم تؤكِّد هذا المعنى الثاني قال تعالى :"مِن المؤمنين رِجال ٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عليه* فمِنهُم مَن قضى نَحبَهُ ومِنهُم مَن ينتظِر وما بدَّلوا تَبديلا"...أي أنهم ثابتين على محبتهم ، وعلى ورعهم ، وعلى استقامتهم ، في الرخاء و الشدة ، في العطاء و المنع ، في الرفعة و الخفض في العزة وغير العزة ، في الصحة والمرض ، في إقبال الدنيا وإدبارها ، همْ هًم لا يغيِّرون ولا يبدِّلون فالإيمان بالقدر يذهب الهم و الحزن ، فبعد أن تستنفذ كلَّ طاقاتك من أجل أن تحقِّق الذي تريده ، إذا جاءت الأمورُ على غير ما تريد ، و لا حيلة لك في الذي جاءك ، وليس في إمكانك أن تردَّه ، ولا أن تجلبه ، وكان هذا الهدف فوق إرادتك ، و فوق طاقتك ، فاعلم انه القضاء والقدر ، عندئذ ليكن وقعُ القضاء والقدر على قلبك أمنا وسلاما ،
هذا الذي شاءه الله ، هذا الذي أراده ، إن كنت تحب الله عز وجل فهذا قراره ، هذه إرادته ، هذه مشيئته ، قال تعالى :"واصبِر لِحُكمِ ربِّك".... و هذا حكم ربك ، فالإيمان بالقدر يذهب الهمَّ والحزن ، آية في القرآن الكريم تشير إلى هذا المعنى ، يقول الله عز وجل :"ما أصاب مِن مُصيبٍةٍ في الأرضِ ولا في أنفُسِكُم إلا في كِتابٍ مِن قبلِ أن نبرأَها* إنَّّ ذلِكَ على الله ِ يَسير*لِكَيلا تأسَوْا على ما فاتَكُم ولا تَفرَحوا بما آتاكُم"
فهذا الشيء قدَّره الله ، ليس في إمكاني ردُّه ، و ليس في إمكاني أن أنجو منه ، شيء ، وإذا أراد اللهُ شيئا وقع ، و كل شيء وقع أراده الله ، فالإيمان بالقضاء والقدر يُذهب الهم و الحزن،و هذا الإله العظيم حكيم عليم قدير سميع بصير خبير ، وهذا فعلُه ، فإذا كنت تؤمن بأسمائه الحسنى ، وصفاته الفضلى فلا بد من أن تكون أسماؤه الحسنى كلُّها في أفعاله ، هو إلهٌ عظيم ، أسماؤه حسنى ، صفاته فضلى ، وهذا فعلُه ، ففعله لابد من أن يكون متصفا بأسمائه الحسنى كلها ، و صفاته الفضلى كلها ، هذا هو الإيمان ، لذلك كان عليه الصلاة و السلام إذا أصابه ما يكره كان يدعو و يقول : ((لا إله إلا الله العليم الحكيم ، لا إله إلا الله الرحمن الرحيم))، هذا الذي وقع من فعل الله ، و اللهُ رحمنٌ رحيم ، هذا الذي وقع من فعل الله ، واللهُ عليمٌ حكيم ، هذا الذي وقع من فعل الله ، و الله أسماؤه حسنى .
أيها الإخوة المؤمنون ، هناك صبر الإيمان ، وهناك صبر الاضطرار فإذا لم تصبر فماذا عليك أن تفعل ، ماذا بإمكانك أن تفعل ، ماذا تستطيع أن تفعل ، لن تستطيع أن تفعل شيئا ، فإذا لم تفعل ولم تصبر ، رسبت في الامتحان ، لذلك قيل : هناك صبر الإيمان ، وهناك صبر الاضطرار ، والذي ليس له خلفية إيمانية ، وليس له معرفة بالله عز وجل يصبر صبر الاضطرار، لا صبر الإيمان ، النبيُّ عليه الصلاة والسلام قال
(إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) ، و الإمام عليٌّ كرَّم الله وجهه أراد أن يعزِّي رجلا لوفاة ابنه فقال له : (يا فلان إنك إن صبرتَ نفذت فيك المقادير ، و لك الأجر ، و إن جزعت نفذت فيك المقادير وعليك الوِزر " أحد الحكماء يقول : إن أنــت صبرت إيمانا واحتسابا كنت عند الله من الصابرين ، و إلا سلَوت سلُوَّ البهائم) ، وحكيم آخر يقول : " العاقل يفعل أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهلُ بعد أيام " ، الفرق بين المؤمن وغير المؤمن أن المؤمن عند الصدمة الأولى يفعل ما يفعله الجاهلُ بعد أيام ، لكنك إذا جاءك الأمرُ على خلاف ما تريد و قلت : الحمد لله رب العالمين ، يا ربي أنا راضٍ بقضائك وقدرك ، أصبحتَ من أولي العزم ، فأنت من المؤمنين الصادقين ، فإن هذا العمل من عزم الأمور قال تعالى:"واصبِر على ما أصابكَ إنَّ ذَلِكَ مِن عَزمِ الأُمور" .
يتبع
هذا الذي شاءه الله ، هذا الذي أراده ، إن كنت تحب الله عز وجل فهذا قراره ، هذه إرادته ، هذه مشيئته ، قال تعالى :"واصبِر لِحُكمِ ربِّك".... و هذا حكم ربك ، فالإيمان بالقدر يذهب الهمَّ والحزن ، آية في القرآن الكريم تشير إلى هذا المعنى ، يقول الله عز وجل :"ما أصاب مِن مُصيبٍةٍ في الأرضِ ولا في أنفُسِكُم إلا في كِتابٍ مِن قبلِ أن نبرأَها* إنَّّ ذلِكَ على الله ِ يَسير*لِكَيلا تأسَوْا على ما فاتَكُم ولا تَفرَحوا بما آتاكُم"
فهذا الشيء قدَّره الله ، ليس في إمكاني ردُّه ، و ليس في إمكاني أن أنجو منه ، شيء ، وإذا أراد اللهُ شيئا وقع ، و كل شيء وقع أراده الله ، فالإيمان بالقضاء والقدر يُذهب الهم و الحزن،و هذا الإله العظيم حكيم عليم قدير سميع بصير خبير ، وهذا فعلُه ، فإذا كنت تؤمن بأسمائه الحسنى ، وصفاته الفضلى فلا بد من أن تكون أسماؤه الحسنى كلُّها في أفعاله ، هو إلهٌ عظيم ، أسماؤه حسنى ، صفاته فضلى ، وهذا فعلُه ، ففعله لابد من أن يكون متصفا بأسمائه الحسنى كلها ، و صفاته الفضلى كلها ، هذا هو الإيمان ، لذلك كان عليه الصلاة و السلام إذا أصابه ما يكره كان يدعو و يقول : ((لا إله إلا الله العليم الحكيم ، لا إله إلا الله الرحمن الرحيم))، هذا الذي وقع من فعل الله ، و اللهُ رحمنٌ رحيم ، هذا الذي وقع من فعل الله ، واللهُ عليمٌ حكيم ، هذا الذي وقع من فعل الله ، و الله أسماؤه حسنى .
أيها الإخوة المؤمنون ، هناك صبر الإيمان ، وهناك صبر الاضطرار فإذا لم تصبر فماذا عليك أن تفعل ، ماذا بإمكانك أن تفعل ، ماذا تستطيع أن تفعل ، لن تستطيع أن تفعل شيئا ، فإذا لم تفعل ولم تصبر ، رسبت في الامتحان ، لذلك قيل : هناك صبر الإيمان ، وهناك صبر الاضطرار ، والذي ليس له خلفية إيمانية ، وليس له معرفة بالله عز وجل يصبر صبر الاضطرار، لا صبر الإيمان ، النبيُّ عليه الصلاة والسلام قال

يتبع

جزاك الله خير على نقلك اختي العزيزه قطرات المطر ..