عنوان الموضوع : من أجل حياة زوجية هنية ..نفحات رمضانية طيبة - للسعادة
مقدم من طرف منتديات أميرات
الزواج من أعظم النعم التي امتن الله سبحانه وتعالى بها على عباده؛ لما ينتج عنه من الطمأنينة التي تملأ قلب الزوجين؛ فإذا بحياتهما تمتلئ غبطة؛ وتشع سروراً، وتستأنس ابتهاجاً؛ ولذلك قال الله تعالى وهو أصدق القائلين والعالم بمكنون النفوس وبواطن القلوب وأسرار الصدور: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"0
وليُتأمل كيف قال الله سبحانه :"لتسكنوا إليها" ولم يقل: "معها" لأن السكن مع الشيء يكون مع محبتك له وعدم محبتك؛أما السكن إلى الشيء فإن فيه معنى أكبر من الأنس والألفة والمحبة والميل والطمأنينة.فمهما طال بحث الرجل في حياته عن شريك يطمئن إليه وتهدأ نفسه بالقرب لديه؛فلن يجد كالزوجة، والعكس بالعكس. فهذه هي الفطرة التي لا محيص عنها والحقيقة التي لا جدال فيها؛ ومن تأمل ذلك سعى سعياً حثيثاً ليبحث عن شطره المفقود، لعله يجده في شخص تقر عينه به؛ وتسكن نفسه إليه، ولربما وجد عنده السعادة التي طالما أحس بمكانها شاغراً في قلبه، فلما توّج انفراده بالزواج سدّ تلك الخَلّة، وأصلح ذلك الخلل. وكم حري بالرجل حين انطلاقه للبحث عن مؤانسته ورفيقة دربه الذي ربما يطول، أن يستحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"؛ فيشحذ همته أن تكون المرأة التي سيرتبط بها "صالحة" بما تعنيه هذه الكلمة ؛ فهذه الدنيا بأسرها ما هي إلا متاع، وخير ما يستمتع فيه العبد فيها امرأة صالحة؛ تكون زينة لبيته؛ تقرب البعيد وتؤنس المستوحش، إذا نظر إليها سرته؛ وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.. إن منتهى الحسرة أن ترى بعض الأزواج المتآلفين وقد ابتنوا عشاً جميلاً من السعادة، تحوطه الأحلام السعيدة، والآمال المفرحة، ثم في لحظة عجلة أو تدخلات خارجية لا تحب الخير للمسلمين، يُدمَّر هذا العش الساكن؛ وتعود الحياة النضرة إلى صورة قاتمة موحشة، وتلك الواحةُ الخضراءُ إلى صحراء جافة لا حياة فيها، وذلك القلب النابض إلى قلب ساكن لا نبض فيه ولا شعور0 وكم هي حسرة أن تخسر المرأةُ في ساعة عجلة؛ زوجاً يعادل وزنه بالذهب؛ أو يخسر الرجلُ امرأة لا يُجارى وصفها، وقليل مثيلاتها؛ جمعت من الأوصاف ما حَسُن، ومن الذكر أطيبه، لا يُسمع لها همس بسوء، ولا كلمة بريبة، تُشترى بأعظم الأثمان عند من يثمن، جمعت ( ديناً ودنيا). فيفرط بمثل هذه في حالة غضب أو اضطراب نفسي؛ أو بسبب وشاية حاسد؛ فيعود أمره إلى ندم إن هذه المقدمة هي مدخل لهذه الكلمات التي نتحدث فيها حول:" الحياة الزوجية"؛ هذا الموضوع الحساس، الذي كان من الضروري أن نتحدث عنه ونساهم في معالجته؛ لعل الله سبحانه أن يكتب لنا القبول ويرزقنا فيه الإخلاص ،فتصلح فيه أحوال من يسمعه، ويعتدل به بعض الميل ،ويكون وسيلة لإصلاح حال امرئ؛ ربما كاد أن يُسقط فيه صرحا قائما على المحبة والألفة؛ في وقت عجلة تتبعها ندامة وحسرة ، فتأتيه مثل هذه الكلمات فتكون دافعا له لاستدراك أمره . والله المسؤول أن يرزقنا صلاح النية والذرية ، وأن يجعلنا هداة مهتدين وأن يؤلف بكلامنا على الخير والهدى0 الاختيار.. إن المرحلة الأولى في طريق الزواج هي مرحلة الاختيار، ولعل هذه المرحلة هي أشق المراحل ، ولا يزال الرجلُ يقلب أوراقه يبحث عن شطره الآخر، والمرأةُ تنتظر أن يأتيها رجل يبدد وحدتها وخوفها إلى عالم مليءٍ بالطمأنينة والأنس؛ مع خوف من جانبها أن تصطدم بواقع مخيف ومستقبل مجهول0 وإن كان الأمر على مشقته سهلاً بالنسبة للرجل، فإنه صعب بالنسبة للمرأة ولذلك كان على أوليائها أن يعينوها على تحقيق مستقبل سعيد واختيار موفق0 ومن أجل ذلك نصَحَنا أنصحُ الخلق للخلق محمد صلى الله عليه وسلم بما ينير الطريق لكل راءٍ ، ويبصر كل ذي بصر، وعلَّمنا القواعد التي إن عملنا بها؛ تحققت لنا السعادة العظيمةُ؛ والهناءُ الدائم الذي لا يخبو نوره؛ ولا تنسى لذته؛ وبين لنا كيف نختار وكيف نوفق في الاختيار؛ فقال صلى الله عليه وسلم :" تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"0فهذا الحديث يحكي واقع الناس، واختلاف دوافعهم حين الاختيار، فكلٌّ يبحث في زواجه عن هدف، وبيّن لنا الهدف الأسمى الذي يستحق أن يُتعب عليه وهو: "الدين"، لأنه رأس الأمر؛ وعنوان الصلاح؛ وقائد لكل خير0 وهكذا الحال بالنسبة للمرأة، فالواجب عليها اختيار الرجل الصالح الذي يصلح معه حالها؛ وفي ذلك جاء الخطاب للناس من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"0 فالواجب على المرء أن يختار لمولّيته رجلاً صالحاً؛إ نْ أحبها أكرمها؛ وإن كان غير ذلك سرحها سراحاً جميلاً دون إهانة أو ظلم0 فهذه أمانة عظيمة لا بد أن يعرفها كل ولي يخاف الله ويرجوه؛ وأن يعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :"من كان له أختان أو ابنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين-وأشار بين إصبعيه-"0 أما بالنسبة للصفات الذاتية للفتاة التي سترتبط بها، فيجب أن تسأل عنها أدق الأسئلة من جميع الجوانب لأنك سترتبط بها ارتباطا وثيقاً، الأصل أنه سيبقى إلى حين رحيل أحدكما عن الدنيا، فابحث عن المرأة العفيفة في دينها ونفسها- لأنها ستكون مستودع أسرارك ورجولتك، والعفة مما يشتهر خبرها بين الناس، فتجد الثناء عليها على كل لسان؛ وأول العفة اللباس الساتر، واللسان الطاهر، والباطن يدل عليه الظاهر والله يتولى السرائر. فلا تبحث عن الساقطة ومَن كان ظاهرها الانحراف وأمام عينيك الأفواج المتكاثرة من الحرائر العفيفات، فأنت تريد زوجة لا عشيقة0 واعلم أنك بإعراضك عن العفيفة المتدينة وذهابك إلى المتردية، قد فوّت عليها الفرصة وعرَّضت نفسك للهلكة ؛فبيتُك رأس مالك؛ فانظر في يد مَن تضعه؟ وابحث عن المرأة التي ستكون على طريقك في جميع أحوالك- في طاعة الله؛ فتمسك بها؛ وعض عليها بالنواجذ؛ فإنها كنزٌ مدخر؛ وفواتها خسارة لا تعوض. وفي منزل الزوجية ..تبدأ الحياة.. إن الزوج والزوجة شخصان غريبان عن بعضهما، ربط بينهما بهذا الرباط الوثيق، وظللهما سقف واحد، وحوتهما بقعة واحدة؛ بعد أنْ لم يكن بينهما تواصل ولا اتفاق؛ ولذا فمن الضروري التنبه إلى أنهما سيمران بمرحلة خطيرة، إنْ لم يتنبها إلى كيفية التعامل معها فإنه سيسقط الصرح الذي شرعا في تشييده0 وهذه المرحلة هي الأشهر الأولى من تاريخ الحياة الزوجية، فإنها فترة دراسة كل من الزوجين لطباع الآخر، ويغشاها الاضطراب وتغير النفسيات، ودراسة أحد الزوجين طبائع طرف آخر قد ارتبط به؛ ولم يكن بينهما ثمة صلة قبل ذلك ؛وقد يوفق أو يفشل0 والكثير يقع منهم الطلاق في هذه الفترة؛ إما لقلة الخبرة؛ أو فقد الصبر؛ وعدم معرفة التعامل مع الأحداث0 فلا بد لكل من الزوجين تفهم طبائع الشخص الذي اقترن به، فيكيّف نفسه وفق ذلك من أجل تحقيق حياة سعيدة، وإيجاد شخص يستأنس به0 والرجل الذكي؛ والمرأة العاقلة؛ من استطاع فهم نفسية شريك حياته بأقصر أمد، فإن هذا مما يرفع منزلته عند صاحبه، ويزيد محبته0 ثم إن في هذه المرحلة وسائل كثيرة،وطرقاً عديدة؛يستطيع من خلالها الزوج أن يستحوذ على قلب زوجته،وتستطيع من خلالها الزوجة أن تملك قلب زوجها؛ والموفق من وفقه الله للعمل بمرضاته؛وراقب الله في أعماله ومعاملته. فالواجب على الزوج أن يعلم أن هذه الزوجة بمنزلة الأسير عنده، فإنها كانت تعيش في بيت أهلها حرة إلى حد بعيد ،لا أحد يفرض عليها رأياً؛وليست بملزمة أن تعمل بقناعات غيرها، فإذا بالوضع الآن مختلف0 فالمرأة حين تتزوج فإن مصيرها ارتبط بمصير غيرها؛ لا تستطيع الخروج عن طاعته ولا أن تعمل ما تريد دون مشورته، لأن ارتباط المصير بالزوج هذا أبسط حقوقه؛ ولربما عملت بقناعات زوجها في أمور لم تكن مقتنعة بها إلى حد بعيد؛ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم"-أي:أسيرات-؛ وحق الأسير إكرامه ورحمته وكف الظلم عنه والإحسان إليه؛فمن علم هذا عاملها بما يعامل به الأسير0 فإذا كان الحزم مطلوباً من جهة الرجل؛فإن الظلم مذموم؛وإن كانت التربية مطلوبة منه؛فإن إحسانها مطلب أعلى0 وكم حري بالزوج أن يختار الألفاظ الحسنة وهو يخاطب امرأته؛ويضفي عليها صفات المدح تأليفاً وترغيباً وتحبباً إليها؛ ولا يعيّرها ويذكر ما فيها على سبيل النقص، فإن تجميل اللسان نعمة؛ والقلوب عند عالمها؛ وكم ألان اللفظ الحسن طباع الغلظة والقسوة؛فإذا بصاحبه مألوف لدي كل أحد0 ألم تر أن بعض الأزواج يمدح زوجته بما يراه الناس نقصاً؛ فإذا بها تستجمع السعادة في قلبها غبطة وسروراً، ولا ترى ذلك نقصاً ما دام أنه في عين زوجها كمالاً؛وفي ذلك يقول القائل: وأنت التي حببت كلَّ قصيرةٍ إليَّ.. ولم تشعر بذاك القصائرُ فلماذا بعض الناس يتعلم جمال المنطق مع كل أحد إلا مع شريك حياته؛ الذي إن صفا عيشه معه فهي السعادة العظمى والسكينة التي ليس فوقها مطلب؛ قال صلى الله عليه وسلم : " الكلمة الطيبة صدقة.." فابحث في نفسك.. هل رطبت لسانك بكلمة طيبة ترقق بها قلب زوجتك؟ وانظري في نفسك.. هل جعلتِ الكلام الطيب مدخلاً إلى قلب زوجك؟ هل إذا دخل المنزل سمع كلمة جميلة؟ هل إذا طال غيابه عن المنزل جاءه هاتف يسأل عن حاله، ويسمع منه كلمة طيبة؟؛ أو رسالة توحي إليه بالاشتياق؟! وكم هو جميل أن تكون الابتسامة شعاراً بين الزوجين؛فإن للابتسامة أثراً بالغاً في تليين القلوب ودفء المشاعر ألم يقل صلى الله عليه وسلم: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة"0 وقال جرير بن عبد الله البجلي: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، وما رآني إلا تبسم" ؛وما ذاك إلا لأن للابتسامة تأثيراً في قلب من يلقاك، فكيف إذا كان المتبسم في وجهه الشريك الذي لا تنفك عنه. إن الرجل حين يطالب بامرأة تكون له كالأرض التي تقله فلا بد أن يكون هو كالسماء التي تظلها، وأنت أيتها المرأة :كوني له أرضاً يكون لك سماء؛ وليس بالمستحسن ولا بالمعقول أن نطالب الناس بشيءٍ نحن لا نمتثلة0 ولربما وجد الإنسان صاحبه مقصراً في جوانب من عشرته ،فلا يقصر هو؛ لأنه يتعامل مع الله؛ولا بد أن يعمل فيما يرضي الله عنه؛وحريٌّ بمن كان مراقبا لله فيما يعمل أن ينصره الله ويوفقه لكل خير0 انظري في نفسك.. هل كنت سكناً له.؟ يسكن إليك بعد نأى وفرقة،وجهد وتعب وشدة وبلاء، أم أنك نأيت بنفسك أن تؤانسيه، وثقل عليك أن تتحملي بوح مشاعره0 إن كونك سكناً..ينبهك هذا إلى أن تكوني راحة له في جميع جوانبه؛بنشر الهدوء في المنزل؛وإعداد طعامه؛ونظافة بيته فلا يسمع إلا حسناً؛ولا تقع عينه منك إلا على حسن؛ وإذا أردت رجلاً تقر به عينُك، فكوني قرة عين له.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
مقدم من طرف منتديات أميرات
النفحة الرمضانيّة الرابعة
من أجل حياة زوجيّة هنيّة
وليُتأمل كيف قال الله سبحانه :"لتسكنوا إليها" ولم يقل: "معها" لأن السكن مع الشيء يكون مع محبتك له وعدم محبتك؛أما السكن إلى الشيء فإن فيه معنى أكبر من الأنس والألفة والمحبة والميل والطمأنينة.فمهما طال بحث الرجل في حياته عن شريك يطمئن إليه وتهدأ نفسه بالقرب لديه؛فلن يجد كالزوجة، والعكس بالعكس. فهذه هي الفطرة التي لا محيص عنها والحقيقة التي لا جدال فيها؛ ومن تأمل ذلك سعى سعياً حثيثاً ليبحث عن شطره المفقود، لعله يجده في شخص تقر عينه به؛ وتسكن نفسه إليه، ولربما وجد عنده السعادة التي طالما أحس بمكانها شاغراً في قلبه، فلما توّج انفراده بالزواج سدّ تلك الخَلّة، وأصلح ذلك الخلل. وكم حري بالرجل حين انطلاقه للبحث عن مؤانسته ورفيقة دربه الذي ربما يطول، أن يستحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"؛ فيشحذ همته أن تكون المرأة التي سيرتبط بها "صالحة" بما تعنيه هذه الكلمة ؛ فهذه الدنيا بأسرها ما هي إلا متاع، وخير ما يستمتع فيه العبد فيها امرأة صالحة؛ تكون زينة لبيته؛ تقرب البعيد وتؤنس المستوحش، إذا نظر إليها سرته؛ وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.. إن منتهى الحسرة أن ترى بعض الأزواج المتآلفين وقد ابتنوا عشاً جميلاً من السعادة، تحوطه الأحلام السعيدة، والآمال المفرحة، ثم في لحظة عجلة أو تدخلات خارجية لا تحب الخير للمسلمين، يُدمَّر هذا العش الساكن؛ وتعود الحياة النضرة إلى صورة قاتمة موحشة، وتلك الواحةُ الخضراءُ إلى صحراء جافة لا حياة فيها، وذلك القلب النابض إلى قلب ساكن لا نبض فيه ولا شعور0 وكم هي حسرة أن تخسر المرأةُ في ساعة عجلة؛ زوجاً يعادل وزنه بالذهب؛ أو يخسر الرجلُ امرأة لا يُجارى وصفها، وقليل مثيلاتها؛ جمعت من الأوصاف ما حَسُن، ومن الذكر أطيبه، لا يُسمع لها همس بسوء، ولا كلمة بريبة، تُشترى بأعظم الأثمان عند من يثمن، جمعت ( ديناً ودنيا). فيفرط بمثل هذه في حالة غضب أو اضطراب نفسي؛ أو بسبب وشاية حاسد؛ فيعود أمره إلى ندم إن هذه المقدمة هي مدخل لهذه الكلمات التي نتحدث فيها حول:" الحياة الزوجية"؛ هذا الموضوع الحساس، الذي كان من الضروري أن نتحدث عنه ونساهم في معالجته؛ لعل الله سبحانه أن يكتب لنا القبول ويرزقنا فيه الإخلاص ،فتصلح فيه أحوال من يسمعه، ويعتدل به بعض الميل ،ويكون وسيلة لإصلاح حال امرئ؛ ربما كاد أن يُسقط فيه صرحا قائما على المحبة والألفة؛ في وقت عجلة تتبعها ندامة وحسرة ، فتأتيه مثل هذه الكلمات فتكون دافعا له لاستدراك أمره . والله المسؤول أن يرزقنا صلاح النية والذرية ، وأن يجعلنا هداة مهتدين وأن يؤلف بكلامنا على الخير والهدى0 الاختيار.. إن المرحلة الأولى في طريق الزواج هي مرحلة الاختيار، ولعل هذه المرحلة هي أشق المراحل ، ولا يزال الرجلُ يقلب أوراقه يبحث عن شطره الآخر، والمرأةُ تنتظر أن يأتيها رجل يبدد وحدتها وخوفها إلى عالم مليءٍ بالطمأنينة والأنس؛ مع خوف من جانبها أن تصطدم بواقع مخيف ومستقبل مجهول0 وإن كان الأمر على مشقته سهلاً بالنسبة للرجل، فإنه صعب بالنسبة للمرأة ولذلك كان على أوليائها أن يعينوها على تحقيق مستقبل سعيد واختيار موفق0 ومن أجل ذلك نصَحَنا أنصحُ الخلق للخلق محمد صلى الله عليه وسلم بما ينير الطريق لكل راءٍ ، ويبصر كل ذي بصر، وعلَّمنا القواعد التي إن عملنا بها؛ تحققت لنا السعادة العظيمةُ؛ والهناءُ الدائم الذي لا يخبو نوره؛ ولا تنسى لذته؛ وبين لنا كيف نختار وكيف نوفق في الاختيار؛ فقال صلى الله عليه وسلم :" تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"0فهذا الحديث يحكي واقع الناس، واختلاف دوافعهم حين الاختيار، فكلٌّ يبحث في زواجه عن هدف، وبيّن لنا الهدف الأسمى الذي يستحق أن يُتعب عليه وهو: "الدين"، لأنه رأس الأمر؛ وعنوان الصلاح؛ وقائد لكل خير0 وهكذا الحال بالنسبة للمرأة، فالواجب عليها اختيار الرجل الصالح الذي يصلح معه حالها؛ وفي ذلك جاء الخطاب للناس من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"0 فالواجب على المرء أن يختار لمولّيته رجلاً صالحاً؛إ نْ أحبها أكرمها؛ وإن كان غير ذلك سرحها سراحاً جميلاً دون إهانة أو ظلم0 فهذه أمانة عظيمة لا بد أن يعرفها كل ولي يخاف الله ويرجوه؛ وأن يعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :"من كان له أختان أو ابنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين-وأشار بين إصبعيه-"0 أما بالنسبة للصفات الذاتية للفتاة التي سترتبط بها، فيجب أن تسأل عنها أدق الأسئلة من جميع الجوانب لأنك سترتبط بها ارتباطا وثيقاً، الأصل أنه سيبقى إلى حين رحيل أحدكما عن الدنيا، فابحث عن المرأة العفيفة في دينها ونفسها- لأنها ستكون مستودع أسرارك ورجولتك، والعفة مما يشتهر خبرها بين الناس، فتجد الثناء عليها على كل لسان؛ وأول العفة اللباس الساتر، واللسان الطاهر، والباطن يدل عليه الظاهر والله يتولى السرائر. فلا تبحث عن الساقطة ومَن كان ظاهرها الانحراف وأمام عينيك الأفواج المتكاثرة من الحرائر العفيفات، فأنت تريد زوجة لا عشيقة0 واعلم أنك بإعراضك عن العفيفة المتدينة وذهابك إلى المتردية، قد فوّت عليها الفرصة وعرَّضت نفسك للهلكة ؛فبيتُك رأس مالك؛ فانظر في يد مَن تضعه؟ وابحث عن المرأة التي ستكون على طريقك في جميع أحوالك- في طاعة الله؛ فتمسك بها؛ وعض عليها بالنواجذ؛ فإنها كنزٌ مدخر؛ وفواتها خسارة لا تعوض. وفي منزل الزوجية ..تبدأ الحياة.. إن الزوج والزوجة شخصان غريبان عن بعضهما، ربط بينهما بهذا الرباط الوثيق، وظللهما سقف واحد، وحوتهما بقعة واحدة؛ بعد أنْ لم يكن بينهما تواصل ولا اتفاق؛ ولذا فمن الضروري التنبه إلى أنهما سيمران بمرحلة خطيرة، إنْ لم يتنبها إلى كيفية التعامل معها فإنه سيسقط الصرح الذي شرعا في تشييده0 وهذه المرحلة هي الأشهر الأولى من تاريخ الحياة الزوجية، فإنها فترة دراسة كل من الزوجين لطباع الآخر، ويغشاها الاضطراب وتغير النفسيات، ودراسة أحد الزوجين طبائع طرف آخر قد ارتبط به؛ ولم يكن بينهما ثمة صلة قبل ذلك ؛وقد يوفق أو يفشل0 والكثير يقع منهم الطلاق في هذه الفترة؛ إما لقلة الخبرة؛ أو فقد الصبر؛ وعدم معرفة التعامل مع الأحداث0 فلا بد لكل من الزوجين تفهم طبائع الشخص الذي اقترن به، فيكيّف نفسه وفق ذلك من أجل تحقيق حياة سعيدة، وإيجاد شخص يستأنس به0 والرجل الذكي؛ والمرأة العاقلة؛ من استطاع فهم نفسية شريك حياته بأقصر أمد، فإن هذا مما يرفع منزلته عند صاحبه، ويزيد محبته0 ثم إن في هذه المرحلة وسائل كثيرة،وطرقاً عديدة؛يستطيع من خلالها الزوج أن يستحوذ على قلب زوجته،وتستطيع من خلالها الزوجة أن تملك قلب زوجها؛ والموفق من وفقه الله للعمل بمرضاته؛وراقب الله في أعماله ومعاملته. فالواجب على الزوج أن يعلم أن هذه الزوجة بمنزلة الأسير عنده، فإنها كانت تعيش في بيت أهلها حرة إلى حد بعيد ،لا أحد يفرض عليها رأياً؛وليست بملزمة أن تعمل بقناعات غيرها، فإذا بالوضع الآن مختلف0 فالمرأة حين تتزوج فإن مصيرها ارتبط بمصير غيرها؛ لا تستطيع الخروج عن طاعته ولا أن تعمل ما تريد دون مشورته، لأن ارتباط المصير بالزوج هذا أبسط حقوقه؛ ولربما عملت بقناعات زوجها في أمور لم تكن مقتنعة بها إلى حد بعيد؛ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم"-أي:أسيرات-؛ وحق الأسير إكرامه ورحمته وكف الظلم عنه والإحسان إليه؛فمن علم هذا عاملها بما يعامل به الأسير0 فإذا كان الحزم مطلوباً من جهة الرجل؛فإن الظلم مذموم؛وإن كانت التربية مطلوبة منه؛فإن إحسانها مطلب أعلى0 وكم حري بالزوج أن يختار الألفاظ الحسنة وهو يخاطب امرأته؛ويضفي عليها صفات المدح تأليفاً وترغيباً وتحبباً إليها؛ ولا يعيّرها ويذكر ما فيها على سبيل النقص، فإن تجميل اللسان نعمة؛ والقلوب عند عالمها؛ وكم ألان اللفظ الحسن طباع الغلظة والقسوة؛فإذا بصاحبه مألوف لدي كل أحد0 ألم تر أن بعض الأزواج يمدح زوجته بما يراه الناس نقصاً؛ فإذا بها تستجمع السعادة في قلبها غبطة وسروراً، ولا ترى ذلك نقصاً ما دام أنه في عين زوجها كمالاً؛وفي ذلك يقول القائل: وأنت التي حببت كلَّ قصيرةٍ إليَّ.. ولم تشعر بذاك القصائرُ فلماذا بعض الناس يتعلم جمال المنطق مع كل أحد إلا مع شريك حياته؛ الذي إن صفا عيشه معه فهي السعادة العظمى والسكينة التي ليس فوقها مطلب؛ قال صلى الله عليه وسلم : " الكلمة الطيبة صدقة.." فابحث في نفسك.. هل رطبت لسانك بكلمة طيبة ترقق بها قلب زوجتك؟ وانظري في نفسك.. هل جعلتِ الكلام الطيب مدخلاً إلى قلب زوجك؟ هل إذا دخل المنزل سمع كلمة جميلة؟ هل إذا طال غيابه عن المنزل جاءه هاتف يسأل عن حاله، ويسمع منه كلمة طيبة؟؛ أو رسالة توحي إليه بالاشتياق؟! وكم هو جميل أن تكون الابتسامة شعاراً بين الزوجين؛فإن للابتسامة أثراً بالغاً في تليين القلوب ودفء المشاعر ألم يقل صلى الله عليه وسلم: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة"0 وقال جرير بن عبد الله البجلي: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، وما رآني إلا تبسم" ؛وما ذاك إلا لأن للابتسامة تأثيراً في قلب من يلقاك، فكيف إذا كان المتبسم في وجهه الشريك الذي لا تنفك عنه. إن الرجل حين يطالب بامرأة تكون له كالأرض التي تقله فلا بد أن يكون هو كالسماء التي تظلها، وأنت أيتها المرأة :كوني له أرضاً يكون لك سماء؛ وليس بالمستحسن ولا بالمعقول أن نطالب الناس بشيءٍ نحن لا نمتثلة0 ولربما وجد الإنسان صاحبه مقصراً في جوانب من عشرته ،فلا يقصر هو؛ لأنه يتعامل مع الله؛ولا بد أن يعمل فيما يرضي الله عنه؛وحريٌّ بمن كان مراقبا لله فيما يعمل أن ينصره الله ويوفقه لكل خير0 انظري في نفسك.. هل كنت سكناً له.؟ يسكن إليك بعد نأى وفرقة،وجهد وتعب وشدة وبلاء، أم أنك نأيت بنفسك أن تؤانسيه، وثقل عليك أن تتحملي بوح مشاعره0 إن كونك سكناً..ينبهك هذا إلى أن تكوني راحة له في جميع جوانبه؛بنشر الهدوء في المنزل؛وإعداد طعامه؛ونظافة بيته فلا يسمع إلا حسناً؛ولا تقع عينه منك إلا على حسن؛ وإذا أردت رجلاً تقر به عينُك، فكوني قرة عين له.
==================================
جزاك الله كل خيرونفع بك الجميع
سلمت يمناكى ولاعدمناك..
بإنتظارجديدك بكلشوق
دمت برضى اللهوفضل
سلمت يمناكى ولاعدمناك..
بإنتظارجديدك بكلشوق
دمت برضى اللهوفضل
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________