عنوان الموضوع : فوائد مستنبطة من قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام مجابة
مقدم من طرف منتديات أميرات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فوائد مستنبطة من قصة يوسف ويعقوب عليهما الصــلاة والســلام :
من كتاب(تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن)(ص 300)
للشيـخ عـبـد الرحمن السعدي ( بتصرف )
هذه القصة من أعجب القصص ، وذكرها الله جميعا ،
وأفردها بسورة مطولة مفصلة تفصيلا واضحــــــــا ،
قراءتها تغني عن التفسير ، فإن الله ساق فيها حالة
يوسف من ابتداء أمره إلى آخره ، وما بيــن ذلك من
التنـقلات واختلاف الأحوال ، وقال فيها ( لَّقَــــدْ كَانَ
فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَـاتٌ لِّلسَّائِلِينَ )
فلنذكر ما يستنبط من هذه القصة العظيمة من الفوائد
فنقول مستعينيـن بالله :
1- أن هــذه القصــة من أحسن القصص وأوضحها ؛
لمـا فيها من أنواع التنقلات من حال إلى حال ، ومن
محنة إلـى محنة ومن محنة إلى منحة ومنّة ومن ذل
إلـى عز ، ومن أمن إلى خوف وبالعكس ، ومن ملك
إلــى رق وبالعكس ، ومن فرقة وشتات إلى انضمام
وائتلاف وبالعكس ، ومن سرور إلى حزن وبالعكس
ومـن رخاء إلى جـدب وبالعكس ، ومــن ضيـق إلى
سعة وبالعكس ، ومــن وصول إلى عواقب حميدة
فتبارك من قصها وجعلها عبرة لأولي الألباب .
2- ما فيها من الأدلة والبراهين على نبوة نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم حيث قص عليـــــه هــذه القصة
المفصلة المبسوطة المــوافقــة للواقــع التــي أتـــت
بالمقصود كله ،وهو لم يقرأ كتب الأولين ،ولا دارس
أحدا كما هو معلوم لقومه ، وهو بنفسه أُمـي لا يقرأ
ولا يكتب ، ولهذا قــال ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ
إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3- أنـه ينبـــغي للعـــبـــد البعـــــد عن أسباب الشر ،
وكتمان ما تخشى مضرّته ، لقــول يعقوب ليوسف :
( لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَــاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً )
4- ذكـــــر الإنســـان بمـــا يكــره علــى وجه الصدق
والنصيحة له أو لغــيره لقوله : ( فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً )
5- أن نعمة الله عـلى العبد نعمة على من يتعلق به ،
ويتصل مـن أهل بيته وأقاربه وأصحابه ، فإنــه لا بد
أن يصلهم ويشملهم منها جانب لقوله ( وَيُتِمُّ نِعْـمَتَهُ
عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ ) أي :بـما يحصل لك ; ولهذا
لمــا تمــت النعمة عــلى يوسف حصل لآل يعــقوب
مـن العـــز والتمكين والسرور ، وزوال المكروه ،
وحصول المحبوب ما ذكر الله في آخر القصة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________________________________________ __________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6 - أن النعـــم الكبيرة الدينية والدنيوية لا بـــــــد أن
يتقدمها أسباب ووسائل إليـها ; لأن الله حكيم ، ولــه
سنـــن لا تتغير ، قضى بـــأن المطالب العالية لا تنال
إلا بالأسباب النافعة ، خـــصــوصـــا العلوم النافعة ،
وما يتفرّع عنها من الأخلاق والأعمال ; فلهذا عرف
يعقوب أن وصول يوسف إلى تلك الحالة التي يخضع
له فيـــهـــا أبـوه وأمه وإخوته مقام عظيم ، ومرتبة
عالية ، وأنه لا بد أن ييسر الله ليوسف من الوسائل
ما يوصله إليهــا ، ولهذا قال ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ
وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمـَتَهُ عَلَيْكَ ) .
7- أن العدل مطلوب في جميع الأمور الصغار والكبار
فـــــي معاملة السلطان لرعيتـه ، ومعـــاملة الوالدين
للأولاد ، والقيام بحقوق الزوجات ، وغيـــر ذلك فـي
المحبة والإيثار ونحوها ، وأن القـيام بالعدل فـي ذلك
تستقـيم الأمور صغارها وكبارها به ، ويحصل للعـبد
ما أحب ، وفي الإخلال بذلك تفسد الأحوال ، ويحصل
للعـبد المكروه من حيث لا يشعر ; لهـذا لــــما قـــدم
يعقوب يوسف في المحبة ، وجعل وجـهه له جـرى
منهـم على أبيهم وأخيهم من المكروه ما جرى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله تعالى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________________________________________ __________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8- الحذر من شؤم الذنوب ،فكم من ذنب واحد استتبع
ذنوبا كثيــرة ، وتسلسل الشـــر المؤسس عـلى الذنب
الأول ، وانظر إلى جرم إخوة يوسف ،فإنهم لما أرادوا
التفريق بينه وبيـن أبيه الذي هو من أعظم الجرائم ،
احــتـالوا على ذلك بعدة حيل ، وكذبوا عـدة مــرات ،
وزوروا عــلى أبيهم في القميص والدم الذي فـــيـه ،
وفي صفة حالهم حين أتوا عشاء يبكون ، ولا بد أن
الكلام في هذه القضية تسلسل وتشعب ، بل ربما أنه
اتصل إلى الاجتماع بيوسف ، وكلما بحث فـي هـــذا
الموضوع فهـو بحث كذب وزور مــع استمرار أثــر
المصيبة على يعقوب ، بل وعلى يوسف ، فليحـــذر
العــبد من الذنوب ، خصـوصا الذنوب المـتسلسلة،
وضد ذلك بعض الطاعات تكـــون طاعة واحــــدة ،
ولـــكن يتـــسلسل نفعها وبركتها حتى تـــستــتبــع
طاعات من الفاعل وغيره ، وهذا من أعـظـــم
آثــــار بــركة الله للعبد في علمه وعمله .
9- أن العبرة للعبد فـــي حال كمال النهاية ، لا بنقص
البداية ، فــإن أولاد يعقوب عليهم السلام جرى منهم
مــا جـــرى فـي أول الأمر من الجرائم المتنوعة ، ثم
انتهى أمرهم إلـى التوبة النصوح،والاعتراف التام ،
والعفو التام عنهم من يوسف ومن أبيهم ، والدعاء
لهم بالمغفرة والرحمة ، وإذا سمح العبد بحق فالله
أولى بذلك وهو خير الراحمين الغافرين ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________________________________________ __________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10 - مـا مــنَّ الله به على يوسف من العلم والحلم ،
والأخلاق الكاملة ، والدعوة إلى الله وإلــى دينــــه ،
وعفوه عن إخوته الخاطئين عفوا بادرهم به ،وتَمـَّم
ذلك بأن أخبرهم أنه لا تثريب عليهم بعد هذا العفو
ثم بره العظيم بأبيه وأمه وإحسانه على إخــوته ،
وإحسانه على عموم الخلق ، كما هو بيِّـن في
سيرته وقصته .
11- أن بعض الشر أهون من بعض ، وارتكاب أخف
الضررين أولى مـن ارتكاب أعظمهمــــا ؛ فــإن إخوة
يوسف لما قالوا ( اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضـاً )
وقال قائل منهـم ( قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهـُمْ لاَ تَقْتـــُلُواْ يُوسُفَ
وَأَلْقُوه فِــي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْـــضُ السَّيَّارَةِ إِن
كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) كـــــان قوله أحسن منهــم وأخــف ،
وبســببه خــف عــن إخوته الإثم الأكبر ، وهو من
جملة الأسباب التي قدر الله ليوسف في وصوله
إلى الغاية التي يريد .
12- الحذر من الخلوة بالنساء الأجنبيات ،وخصوصا
اللاتي يخشى منهن الفتنة ، والحذر أيضا من المحبة
التـي يخشى ضررها ؛ فإن امرأة العـزيز جرى منهـا
ما جرى بسبب توحُّدها بيوسف ، وحبها الشديد له
الذي ما تركها حتى راودته تلك المراودة ثم كذبت
عليه فسجن ذلك السجن الطويل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________________________________________ __________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13- أن الــهم الذي هــمَّ به يـــوسف ثــم تركــــــه لله
ولبرهان الإيمان الــذي وضعه الله في قلبه مما يرقيه
إلى الله زلفى ؛لأن الهم داع من دواعي النفس الأمّارة
بالسوء ، وهو طبيعة طُبع عليها الآدمي ، فإذا حصل
الهـم بالمعصـية ولم يكن عند العبد ما يقاوم ذلك من
الإيمـان والخوف من الله وقع الذنب ، وإن كان العبد
مؤمنا كامل الإيمان فــإن الهم الطبيعي إذا قابله ذلك
الإيمـــان الصحيح القــوي منعــه مـــن ترتب أثره ،
ولـو كان الداعي قويا ، ولهذا كان يوسف من أعلى
هـذا النوع ، قـال تعالى ( لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ )
بدليل قــوله ( كَذَلِكَ لِنَصْـرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء
إِنَّهُ مِــنْ عِبَـادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) لاستخلاص الله إياه ،
وقوة إيمانه وإخلاصه ، خلّصه الله مـن الوقوع في
الذنب ، فـكـان ممن خاف مقام ربـه ، ونهى النفس
عـن الهوى ، ومن أعلى السبعة الــذين يظلهم الله
فـي ظله يـوم لا ظل إلا ظله ، فذكر صلى الله عليه
وسلـم منهم رجلا دعته امرأة ذات منصب وجمـال
فقـال : إني أخاف الله ، فهمّها لما كان لا معارض
له استمرت في مراودته ، وهمه عارض عرض،
ثم زال في الحال ببرهان ربه .
14- أن مــن دخــــل الإيمان قلبه استنار بمعرفة ربه
ونــور الإيمان به ، وكان مخلصا لله في كل أحواله ،
فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه وإخلاصه من أنواع
السـوء والفحـشاء وأسباب المعاصي ما هو جــزاء
لإيمانه وإخلاصه ; لأن الله علل صرف هذه الأمور
عن يوسف بقوله ( إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدم من طرف منتديات أميرات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فوائد مستنبطة من قصة يوسف ويعقوب عليهما الصــلاة والســلام :
من كتاب(تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن)(ص 300)
للشيـخ عـبـد الرحمن السعدي ( بتصرف )
هذه القصة من أعجب القصص ، وذكرها الله جميعا ،
وأفردها بسورة مطولة مفصلة تفصيلا واضحــــــــا ،
قراءتها تغني عن التفسير ، فإن الله ساق فيها حالة
يوسف من ابتداء أمره إلى آخره ، وما بيــن ذلك من
التنـقلات واختلاف الأحوال ، وقال فيها ( لَّقَــــدْ كَانَ
فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَـاتٌ لِّلسَّائِلِينَ )
فلنذكر ما يستنبط من هذه القصة العظيمة من الفوائد
فنقول مستعينيـن بالله :
1- أن هــذه القصــة من أحسن القصص وأوضحها ؛
لمـا فيها من أنواع التنقلات من حال إلى حال ، ومن
محنة إلـى محنة ومن محنة إلى منحة ومنّة ومن ذل
إلـى عز ، ومن أمن إلى خوف وبالعكس ، ومن ملك
إلــى رق وبالعكس ، ومن فرقة وشتات إلى انضمام
وائتلاف وبالعكس ، ومن سرور إلى حزن وبالعكس
ومـن رخاء إلى جـدب وبالعكس ، ومــن ضيـق إلى
سعة وبالعكس ، ومــن وصول إلى عواقب حميدة
فتبارك من قصها وجعلها عبرة لأولي الألباب .
2- ما فيها من الأدلة والبراهين على نبوة نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم حيث قص عليـــــه هــذه القصة
المفصلة المبسوطة المــوافقــة للواقــع التــي أتـــت
بالمقصود كله ،وهو لم يقرأ كتب الأولين ،ولا دارس
أحدا كما هو معلوم لقومه ، وهو بنفسه أُمـي لا يقرأ
ولا يكتب ، ولهذا قــال ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ
إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
==================================
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3- أنـه ينبـــغي للعـــبـــد البعـــــد عن أسباب الشر ،
وكتمان ما تخشى مضرّته ، لقــول يعقوب ليوسف :
( لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَــاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً )
4- ذكـــــر الإنســـان بمـــا يكــره علــى وجه الصدق
والنصيحة له أو لغــيره لقوله : ( فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً )
5- أن نعمة الله عـلى العبد نعمة على من يتعلق به ،
ويتصل مـن أهل بيته وأقاربه وأصحابه ، فإنــه لا بد
أن يصلهم ويشملهم منها جانب لقوله ( وَيُتِمُّ نِعْـمَتَهُ
عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ ) أي :بـما يحصل لك ; ولهذا
لمــا تمــت النعمة عــلى يوسف حصل لآل يعــقوب
مـن العـــز والتمكين والسرور ، وزوال المكروه ،
وحصول المحبوب ما ذكر الله في آخر القصة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________________________________________ __________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6 - أن النعـــم الكبيرة الدينية والدنيوية لا بـــــــد أن
يتقدمها أسباب ووسائل إليـها ; لأن الله حكيم ، ولــه
سنـــن لا تتغير ، قضى بـــأن المطالب العالية لا تنال
إلا بالأسباب النافعة ، خـــصــوصـــا العلوم النافعة ،
وما يتفرّع عنها من الأخلاق والأعمال ; فلهذا عرف
يعقوب أن وصول يوسف إلى تلك الحالة التي يخضع
له فيـــهـــا أبـوه وأمه وإخوته مقام عظيم ، ومرتبة
عالية ، وأنه لا بد أن ييسر الله ليوسف من الوسائل
ما يوصله إليهــا ، ولهذا قال ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ
وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمـَتَهُ عَلَيْكَ ) .
7- أن العدل مطلوب في جميع الأمور الصغار والكبار
فـــــي معاملة السلطان لرعيتـه ، ومعـــاملة الوالدين
للأولاد ، والقيام بحقوق الزوجات ، وغيـــر ذلك فـي
المحبة والإيثار ونحوها ، وأن القـيام بالعدل فـي ذلك
تستقـيم الأمور صغارها وكبارها به ، ويحصل للعـبد
ما أحب ، وفي الإخلال بذلك تفسد الأحوال ، ويحصل
للعـبد المكروه من حيث لا يشعر ; لهـذا لــــما قـــدم
يعقوب يوسف في المحبة ، وجعل وجـهه له جـرى
منهـم على أبيهم وأخيهم من المكروه ما جرى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله تعالى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________________________________________ __________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8- الحذر من شؤم الذنوب ،فكم من ذنب واحد استتبع
ذنوبا كثيــرة ، وتسلسل الشـــر المؤسس عـلى الذنب
الأول ، وانظر إلى جرم إخوة يوسف ،فإنهم لما أرادوا
التفريق بينه وبيـن أبيه الذي هو من أعظم الجرائم ،
احــتـالوا على ذلك بعدة حيل ، وكذبوا عـدة مــرات ،
وزوروا عــلى أبيهم في القميص والدم الذي فـــيـه ،
وفي صفة حالهم حين أتوا عشاء يبكون ، ولا بد أن
الكلام في هذه القضية تسلسل وتشعب ، بل ربما أنه
اتصل إلى الاجتماع بيوسف ، وكلما بحث فـي هـــذا
الموضوع فهـو بحث كذب وزور مــع استمرار أثــر
المصيبة على يعقوب ، بل وعلى يوسف ، فليحـــذر
العــبد من الذنوب ، خصـوصا الذنوب المـتسلسلة،
وضد ذلك بعض الطاعات تكـــون طاعة واحــــدة ،
ولـــكن يتـــسلسل نفعها وبركتها حتى تـــستــتبــع
طاعات من الفاعل وغيره ، وهذا من أعـظـــم
آثــــار بــركة الله للعبد في علمه وعمله .
9- أن العبرة للعبد فـــي حال كمال النهاية ، لا بنقص
البداية ، فــإن أولاد يعقوب عليهم السلام جرى منهم
مــا جـــرى فـي أول الأمر من الجرائم المتنوعة ، ثم
انتهى أمرهم إلـى التوبة النصوح،والاعتراف التام ،
والعفو التام عنهم من يوسف ومن أبيهم ، والدعاء
لهم بالمغفرة والرحمة ، وإذا سمح العبد بحق فالله
أولى بذلك وهو خير الراحمين الغافرين ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________________________________________ __________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10 - مـا مــنَّ الله به على يوسف من العلم والحلم ،
والأخلاق الكاملة ، والدعوة إلى الله وإلــى دينــــه ،
وعفوه عن إخوته الخاطئين عفوا بادرهم به ،وتَمـَّم
ذلك بأن أخبرهم أنه لا تثريب عليهم بعد هذا العفو
ثم بره العظيم بأبيه وأمه وإحسانه على إخــوته ،
وإحسانه على عموم الخلق ، كما هو بيِّـن في
سيرته وقصته .
11- أن بعض الشر أهون من بعض ، وارتكاب أخف
الضررين أولى مـن ارتكاب أعظمهمــــا ؛ فــإن إخوة
يوسف لما قالوا ( اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضـاً )
وقال قائل منهـم ( قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهـُمْ لاَ تَقْتـــُلُواْ يُوسُفَ
وَأَلْقُوه فِــي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْـــضُ السَّيَّارَةِ إِن
كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) كـــــان قوله أحسن منهــم وأخــف ،
وبســببه خــف عــن إخوته الإثم الأكبر ، وهو من
جملة الأسباب التي قدر الله ليوسف في وصوله
إلى الغاية التي يريد .
12- الحذر من الخلوة بالنساء الأجنبيات ،وخصوصا
اللاتي يخشى منهن الفتنة ، والحذر أيضا من المحبة
التـي يخشى ضررها ؛ فإن امرأة العـزيز جرى منهـا
ما جرى بسبب توحُّدها بيوسف ، وحبها الشديد له
الذي ما تركها حتى راودته تلك المراودة ثم كذبت
عليه فسجن ذلك السجن الطويل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________________________________________ __________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13- أن الــهم الذي هــمَّ به يـــوسف ثــم تركــــــه لله
ولبرهان الإيمان الــذي وضعه الله في قلبه مما يرقيه
إلى الله زلفى ؛لأن الهم داع من دواعي النفس الأمّارة
بالسوء ، وهو طبيعة طُبع عليها الآدمي ، فإذا حصل
الهـم بالمعصـية ولم يكن عند العبد ما يقاوم ذلك من
الإيمـان والخوف من الله وقع الذنب ، وإن كان العبد
مؤمنا كامل الإيمان فــإن الهم الطبيعي إذا قابله ذلك
الإيمـــان الصحيح القــوي منعــه مـــن ترتب أثره ،
ولـو كان الداعي قويا ، ولهذا كان يوسف من أعلى
هـذا النوع ، قـال تعالى ( لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ )
بدليل قــوله ( كَذَلِكَ لِنَصْـرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء
إِنَّهُ مِــنْ عِبَـادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) لاستخلاص الله إياه ،
وقوة إيمانه وإخلاصه ، خلّصه الله مـن الوقوع في
الذنب ، فـكـان ممن خاف مقام ربـه ، ونهى النفس
عـن الهوى ، ومن أعلى السبعة الــذين يظلهم الله
فـي ظله يـوم لا ظل إلا ظله ، فذكر صلى الله عليه
وسلـم منهم رجلا دعته امرأة ذات منصب وجمـال
فقـال : إني أخاف الله ، فهمّها لما كان لا معارض
له استمرت في مراودته ، وهمه عارض عرض،
ثم زال في الحال ببرهان ربه .
14- أن مــن دخــــل الإيمان قلبه استنار بمعرفة ربه
ونــور الإيمان به ، وكان مخلصا لله في كل أحواله ،
فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه وإخلاصه من أنواع
السـوء والفحـشاء وأسباب المعاصي ما هو جــزاء
لإيمانه وإخلاصه ; لأن الله علل صرف هذه الأمور
عن يوسف بقوله ( إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكِ
بارك الله فيكِ