إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نطلب الشريعة من الله لنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نطلب الشريعة من الله لنا

    عنوان الموضوع : نطلب الشريعة من الله لنا
    مقدم من طرف منتديات أميرات

    هذه مقالة قرأتها وأحببت أن أنقلها لكم ليعم الخير والفائدة
    مختصر المقالة:
    كثيرًا ما يطرق سمعنا مصطلح الحقيقة والشريعة، وأن الحقيقة هي لله تبارك وتعالى، أما الشريعة فإنه تبارك وتعالى جعلها لنا، فهي قانونٌ ناظم لسلوك الإنسان يحتاج إليه، وما تخبُّط البشرية الآن إلا لأنها تريد أن تستند إلى القانون الوضعي الذي وضعه العقل، والذي مهما تطوّر فإنه لا يقدر أن يكون محيطًا بكل شؤون الخَلق.
    أما خالق الكون والإنسان فإنه هدى العقل ووضع له قانون السلوك الذي به صلاحُ أمره، وهو المُسمى بالشريعة...

    وقمت أيضا بنقل المقالة كاملة:
    نطلب الشريعة من الله لنا
    خطبة الجمعة للدكتور محمود أبوالهدى الحسيني في جامع العادلية بحلب بتاريخ 11/12/2017م
    عبارةٌ ردّدها بعض أهل الفهم، تستوقف الناقد البصير، وذلك حين ذكر تقابلاً بين مصطلح الحقيقة ومصطلح الشريعة، ولَفَت الانتباه حينما نبّه أن الحقيقة هي له تبارك وتعالى، أما الشريعة فإنه تبارك وتعالى جعلها لنا، فكانت الحقيقة له والشريعة لنا.
    ورغم تكرار هذين المصطلحين، لكن الدلالة البعيدة في هذا التقابل تستوقف كل مُتأمِّل.
    والمقصود بالحقيقة في الاصطلاح: وحدانيةُ الله، وهي حقيقةٌ ثابتة أزليّة أبديّة لا صلة لها بالخَلق، شهد الله تبارك وتعالى بها حيث قال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} فانفرادُه، وكونُه الواحد الذي لا إله إلا هو، هو الحقيقة الأزلية الأبدية التي هي له.
    وما شهادة أولي العِلم إلا مُستمَدّة من شهادته: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18] فما شهدوا إلا بشهادته.
    أما الشريعة: فهي قانونٌ ناظم لسلوك الإنسان، يحتاج الإنسان إليه، وقد أكرم الله سبحانه وتعالى البشرية به، وما تخبُّط البشرية في هذا الوقت إلا لأنها تريد أن تستند إلى القانون الذي يبحث عنه العقل بذاته، والعقلُ البشري مهما تطوّر فإنه لا يقدر أن يكون محيطًا بكل شؤون الخَلق، ويبقى قاصرًا عن الإحاطة بمفهومات الكون والإنسان، أما خالق الكون والإنسان فإنه قد هدى العقل ودلّه على طريق رشاده، ووضع له قانون السلوك الذي به صلاحُ أمره، وهو المُسمى بالشريعة، فالشريعة جُعلت لنا:
    1- لأن عقولنا تفهمها: وبدلاً من أن تكون العقول واضعة لهذا القانون فإنها تفهم هذا القانون، فقد جعل الله سبحانه وتعالى هذا القانون واضحًا وبيّنًا وعادلاً، وتميل إليه كل العقول السليمة، لأنه قانون يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
    وقد نبّهنا القرآن العظيم الذي أنـزله الله تعالى على قلب الحبيب الأمين صلى الله عليه وسلم إلى تناسب الشريعة مع العقل وفهمِ العقول لها بقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 242] وبقوله تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنـزلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2]
    وليست هذه دعوة قومية تُمجّد العِرق والقوم، إنما هي خصوصية لغوية استيعابية، فاللغة العربية وعاءٌ كبير يحوي في دلالاته ما تحتاج إليه البشرية مع تطوراتها ومُستجداتها الكثيرة، ومهما بحثتَ في اللغات الأخرى فلن تجد أوعى من هذا الوعاء، ولن تجد أوسع من هذه الدلالات، فكلما أمعنت النظر في لفظة عربية جاء القرآن بها وجدتَ أنها تحمل من السَّعة ما يغطي حاجات العالَم مع تعاقب الأزمنة وتغيّر الظروف.
    فالجذور التي بُنيت عليها اللغة العربية تعطي في دلالاتها من المعاني ما يسع العالَم كله، ولا توجد لغةٌ في العالَم ترقى إلى هذا المستوى اللغوي، لذلك قال سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَنـزلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}أي: لعلكم تبحثون في دلالاته الواسعة التي تغطي سلوك البشرية، مَن كان منها يتكلم العربية ومن كان لا يتكلمها.
    وقد أشرتُ فيما مضى مرّاتٍ ومرّات إلى أن تعلُّم اللغة العربية إنما هو الطريق إلى فهم القرآن، فالذين لا يعرفون اللغة العربية ينبغي أن يجتهدوا من أجل أن يستمعوا إلى دلالاتها المتعددة.
    ولا يمكن أن توجد نسخة مُترجَمة، لأن النسخة المـُترجَمة تعطي وجهًا واحدًا، وأتمنى أن تخرج نسخة متطورة في لغةٍ من اللغات تُقدّم للعالَم الوجوه المتعددة للدلالة اللفظية العربية، أما الاختيار الذي يحصل اليوم حينما يُترجم القرآن الكريم ويُفسَّر فإنه يُقدّم وجهًا واحدًا من وجوه الدلالات.
    والله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّا أَنـزلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فعقولكم يمكن لها أن ترتقي في منازل التدبّر والتفهُّم والتعقُّل إن هي فهمت اللفظة التي نـزل بها القرآن من الله تبارك وتعالى إلى البشرية.
    إذًا: فالشريعة جُعلت لنا لأن عقولنا تفهمها.
    2- لأن سلوكنا يسترشد بها ويهتدي: واقرؤوا قوله تعالى: {وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186] فإذا أرادت البشرية الرشاد، وإذا أرادت الخروج من الفوضى والاضطراب الذي تعيشه اليوم، فلتلتزم بالشريعة.
    فالسرقات تعمّ العالَم، وكذلك الغِش والاحتيال والكذب المُقنّع والالتواء والخداع...
    إنها حالة لا صلة لها بالرشاد أبدًا، لأن الرشادَ إرشادُ الإنسان إلى أقوم المسالك، وشتان ما بين الرشاد وما عليه البشرية اليوم من اضطراب وفوضى وعبثية ونهب وسلب...
    وبهذا لخّص سبحانه وتعالى القضية في كلمة واحدة بقوله: "وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ".
    فإن هم أرادوا الرشاد فما عليهم إلا أن يفهموا معادلة ليست بالمُعقّدة وهي قوله تعالى:
    {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك: 14]
    {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]
    {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ} [النحل: 17]
    فإذا فهم العقل هذه التراكبية أذعن للشريعة الربانية.
    3- لأن حظوظنا النفسية محفوظة في هذه الشريعة: فما أنـزل الله تعالى الشريعة ليقطع نفوسنا عن رغباتها، لكنه أنـزلها فأعطى النفوس فيها حظوظها وما ترغب فيه، لكنه نظّم الرغبات ورتّب الحظوظ، وبدلاً من أن تمتد يد النفس الإنسانية إلى الحظوظ يمينًا وشمالاً لتتحول إلى عملية عبثية عشوائية نظّمها.
    فكانت حظوظ النفس محفوظة في الشريعة لكن على وجه مُنظَّم.
    واختصر القرآن الكريم هذه المعادلة في آية عندما قال سبحانه وتعالى:
    {وَمَا ظَلَمُونَا} حين ابتعدوا عن الشريعة، وحينما حاربوا الشريعة، وحينما أعلنوا أنهم ينبغي أن يكونوا في صف لا صلة له بالشريعة.
    {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[البقرة: 57] لأن صلاح النفس لا يكون إلا بالشريعة، ولأن راحة النفس لا تكون إلا بالشريعة، ولأن سعادة النفس لا تكون إلا بالشريعة...
    ورحم الله من قال: إن الذين يعادون الشمس، لا يعادونها حقًّا، لكنهم أعداء أنفسهم.
    فعدوُّ الشمس عدوُّ نفسه، والذي يُعادي الشريعة يُعادي مصالح نفسه، ولو أنه فهم الشريعة بتناغمها ومرونتها واستيعابيتها لعرف أنه حينما يُعادي الشريعة فإنه يظلم نفسه ويقطع عنها منافعها ومصالحها.
    4- لأنها تدلّنا على طريق سلامة نورانيّ أمين: فلا تقود إلى طريق مُظلِمة، ولا إلى طريق مضطربة مُتزلزلة.
    واقرؤوا قوله تعالى وهو يختصر هذه الحقيقة:
    {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ} ينوّر طريقكم.
    {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} يوضّح لكم ما تحتاجون إليه.
    {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ} من اتّبع ما يرضيه من الأمر، واجتنب ما نهى عنه من النهي.
    {سُبُلَ السَّلامِ} فيجد كل السلامة في كل الأصعدة:
    فالسلامة المالية والأمان المالي في الشريعة..
    والسلامة والسلام الاجتماعيّ في الشريعة..
    والسلامة والسلام السياسيّ في الشريعة..
    فالسلام والسلامة يجدها الإنسان في كل الأصعدة التي يحتاج إليها في حياته.
    {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15-16]
    5- لأنها تنتج لنا حياة طيبة: هكذا وصف الله سبحانه وتعالى القضية بهذا اللفظ المختصر.
    واقرؤوا قوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 96-97]
    فالحياة الطيبة في الدنيا، والأجر الحسن في الآخرة.
    فسيحيا الطفل حياة طيبة إن هو وُجِّه إلى الشريعة..
    وستحيا الفتاة حياة طيبة إن هي وُجِّهت إلى الشريعة..
    وسيحيا الشباب حياة طيبة إن هم توجهوا إلى الشريعة..
    وستحيا النساء حياة طيبة إن هنّ توجّهن إلى الشريعة..
    وسيحيا المجتمع كله حياة طيبة إن هو توجّه إلى الشريعة..
    واليوم يبحثون في وسائل الإعلام عن تحرُّش المرأة بالرجل وتحرُّش الرجل بالمرأة، فلماذا وقع هذا الاضطراب أيها الناس؟
    إنكم أنتم الذين أعلنتم الحرب على الشريعة، وأنتم الذين قلتم: لا مشاحة من وجود الرجل مع المرأة في حالة من التبرُّج من غير خوف، وبعد ذلك قطفتم الثمار الفاسدة، ووجدتم أن الاغتصاب للمرأة ينتشر في العالَم، ولو أنكم تطّلعون على الإحصائيات العالمية على مستوى العالَم الذي يُعلن الحرب على الشريعة لوجدتم أرقامًا مُذهِلة، ففي كل دقيقة يحصل كذا وكذا حادثة من الاغتصاب، لماذا..؟
    لأن هذا العقل البشري توهّم أنه يستطيع أن يضع نظامًا ينتظم المجتمع به، فأعلن الحرب على الشريعة، وتوهّم أنه قادر من خلال القانون الوضعي أن يُصلح المجتمع.
    ولماذا تطلب اليابان العَلمانية أن تكون للنساء قاطرات خاصة في القطار؟
    ولماذا تتجمع الفتيات اليابانيات وتُقدّم مَطَلبًا، وهو أن تكون في القطار أو الميترو قاطرات خاصة يمكن للفتاة أن تختار الركوب فيها؟
    هل اخترنَ ذلك لأنهنّ سمعن بالشريعة، أم أن الفطرة البشرية الإنسانية السليمة هي التي أشعرت الفتاة بحاجتها هذه؟
    {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} [الصف: 8] ، {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ} [فصلت: 53]
    فكل شيء دعت الشريعة إليه (فهمه العقل اليوم أم لم يفهمه) إنما هو حلقة مُتكامِلة في دائرة تُصلح البشرية.
    وليُناطح المُناطحون، وليُعاند المعاندون، وسوف يظهر لهم يومًا بعد يوم أن الذين افترَوا على الله تعالى وقالوا: إن القانون البشريّ الوضعيّ يتفوّق على الشريعة، سوف يفاجأ أولئك أنهم وقعوا في فِريةٍ وكذب عظيم، لأنهم توهّموا أنهم يستطيعون التفوق على عِلم الله، وحاشا أن يُتفوّق على عِلم الله، فالله سبحانه وتعالى حينما نظّم المجتمعات أعطاها ما يُصلحها، وما يضمن سكونها واستقرارها.
    واليوم، الأزمات النفسية في الشباب كثيرة، وكذلك في الفتيات والنساء والرجال...
    وما هذا إلا لأننا سجدنا أمام القانون الوضعي، وتوهّمنا أنه يتفوّق على الشريعة.
    وسوف تزداد أحوالنا سوءًا يومًا بعد يوم، ويكثر الكذّابون، ويكثر المفترون على الله الذين يستعملون وسائل الإعلام من أجل أن ينشروا خديعتهم تلك، ومن أجل أن ينشروا افتراءهم ذاك.
    والأيام قادمة، وسوف يدرك العالَم أن الشريعة رحمة، وأن الشريعة لِيْن، وأن الشريعة هداية، وأن الشريعة صواب، وأن الشريعة منافع... مهما حاولوا تغيير الحقيقة، ومهما حاولوا وصف الشمس بأنها ظلام.
    أما الأمر السادس والأخير الذي أذكره تحت عنوان: جُعلت الشريعة لنا، ونحن المجتمعات البشرية نطلبها من الله، نعم.. فلولا الشريعة لضللنا، ولبقيت البشرية تنحدر:
    6- أن الشريعة تُعيد ترتيب المعادلات التي بُنيت خطأ على العوائد الحسّيّة:
    واقرؤوا على سبيل المثال لتوضيح الفكرة قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: 221]
    وهاهنا يقف الإنسان أمام أمرٍ يكشفه له نظام الشريعة، فمشركةٌ يُعجبك مظهرها، وتنجذب نفسك إليها، لكنها حائدة عن طريق الصواب، ونفسك بغرائزها تنجذب إليها، فيُنبّهك القرآن الكريم إلى جمالين:
    جمال باطن وجمال ظاهر.
    فالجمال الباطن: يضمن لك حياة مستقرة.
    والجمال الظاهر: إنما هو مرحلة قصيرة زائلة.
    وحينما يفنى هذا الجمال الحسّي نرى ما نراه في الغرب، حيث تُلفظ المرأة ولا يبقى لها أي قيمة، ويُلفظ الرجل ولا يبقى له أي قيمة.
    فالجمال الباطن هو الذي يحفظ الأسرة، وهو الذي يقي المجتمع، وهو الذي يُخرِّج الأبطال...
    وما تحدث القرآن، حين تحدّث عن أُمّ موسى، عن فتنتها الأنثوية..
    وما تحدّث، حين تحدّث عن مريم أم عيسى، عن فتنتها الأنثوية ومحاسنها الحسية، لكنه تحدّث عن طهارتها، وعن عقلها، وعن كمالها الباطن...
    فمتى يفهم الشباب، ومتى يفهم المجتمع، أن الشريعة تُوقف الإنسان لتُنظّم خطواته وهو يخطو إلى ما تطلبه نفسه وعاداته الحسّيّة؟ لأنه لا يريدك جسدًا، إنما يريدك إنسانًا.
    وقال في حق الذين كفروا: {أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179]
    فالجمال الباطن الذي تُنبّه الشريعة إليه غيرُ الجمال الظاهر الذي تنجذب النفوس إليه.
    وهكذا قدّم القرآن الكريم لنا صورة حقيقية عن الإنسان وماهيته، حتى يُنظّم المجتمع الإنساني، من خلال التنبيه إلى أن العوائد الحسّيّة والانجذاب الغريزي لا يكفي وحده من أجل ضبط العلاقات الإنسانية، فالكمال لا يكون إلا في الباطن أولاً.
    ومفهوم المخالفة في قوله: {وَلأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} يقتضي في السياق أن يكون الشرح: ولأَمَة قبيحة في الظاهر مؤمنة في الباطن، خير من مشركة قبيحة في الباطن حسنة في الظاهر.
    والسياق في قوله: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} معناه: ولعبد قبيح في الظاهر مؤمن حسن في الباطن، خير من مشرك حسن في الظاهر قبيح في الباطن.
    وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ، لأن الكمال الإنساني مفقود، فأنت بالروح لا بالجسم إنسان.
    ولو أننا نتميّز عن غيرنا من المخلوقات بالأجساد، إذًا لوجدنا من الحيوانات ما يتفوّق علينا جمالاً، وما يتفوّق علينا قوة، وما يتفوّق علينا حيوية... لكن الكمال الإنساني إنما هو كمال باطنه، وكمال عقله، وكمال قلبه، وكمال روحه...
    واقرؤوا قوله تعالى:
    {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} أولئك الذين أعرضوا عن الشريعة فظلموا أنفسهم.
    {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ} فالظروف المحيطة بنا، والحيثيات التي من حولنا، تُرغمنا على مخالفة الشريعة.
    {قَالُوا} تجيب الملائكة.
    {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا، إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} أي: إلا الذين تقيّدت أجسادهم، أما الذين يقدرون على الحركة فإن الله سبحانه وتعالى يأمرهم بالخروج عن الظروف التي غيّرت مسارهم حتى توهّموا أنهم من المُستضعفين.
    {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 97-99]
    وهكذا نجد من هذه المفردات الستة أن الشريعة قد جعلها الله تبارك وتعالى لنا، وهي القانون الربّاني الذي يهدي الإنسان ويدلّه إلى طريق منافعه وخيراته، والذين يحاربون الشريعة ويُعارضونها إنما يحاربون منافع أنفسهم، وإنما يحاربون استقرار حياتهم، ويُحرَمون من الحياة الطيبة التي تُقدّمها الشريعة الكريمة لهم في أحسن ما يتمنّاه الإنسان.
    وإننا حينما نتحدّث عن الشريعة الإسلامية فينبغي أن يفهم الآخرون أن الشريعة الإسلامية استيعابية، وأنها تسمح لمن أراد أن يسلك غيرها أن يكون على الشريعة التي أرادها.
    فالشريعة الإسلامية طريق النجاة في الدنيا والآخرة، لكن الله تعالى لا يُكره أحدًا في الدنيا على أن يلتزم طريقها، قال سبحانه: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29].
    وهكذا لا يستطيع أن يحتجّ أهل الافتراء والكذب ويقولوا: إنكم حينما تطلبون الشريعة الإسلامية فإنكم بهذا تثيرون مطالب الآخرين ليطلب كل منهم شريعته.
    لأننا نقول حينها: إننا نملك خصوصية لا يملكها غيرنا، لأننا نعترف بوجود الحريّة الشخصية في الدوائر الخاصة، وفِقهُنا الإسلاميّ وشريعتُنا الإسلامية تُغرّم المسلم لو كسر كأس خمرٍ يمسكها نصرانيّ، لأنه يعتقد حِلَّها في شريعته.
    هذه شريعتنا..
    شريعتنا استيعابية، لكننا لم نجد هذا في محاكم التفتيش التي كانت تقتل اليهودي والمسلم، ولم نجد هذا في الحروب الصليبية عندما أصبحت الدماء في بيت المقدس إلى ما يفوق رُكَب الخيل.
    شريعتنا استيعابية، ولو أن غيرنا مَلك هذه الخصوصية لكان له أن يقول ما يشاء، لكننا وحدنا الذين نملك هذه الخصوصية ونقول: إن شريعتنا تضمن لكم حريتكم في شرائعكم، ولو أنكم تملكون هذه الخصوصية لكان لكم أن تقولوا ما تشاؤون، ولكننا نحن وحدنا الذين نملك هذه الخصوصية.
    ونُسمي الذي لا يدخل في الإسلام، ويعيش في مجتمع الإسلام: ذِمّيًّا.
    وقد توهّم بعضهم أنها كلمة مُنَقِّصة، وما درى أنها أرفعُ كلمة في الإسلام، لأنها تعني أنه في ذمة محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: (من آذى ذِمّيًّا، فقد آذاني)، لأنه في ذمة محمد صلى الله عليه وسلم.
    وأتحدّى أن يوجد في العالَم مثل هذا.
    لكن متى يفهم الآخرون الحقائق كما هي من غير تشويش أو تشويه؟

    يمكنك الاستماع للمقالة من الرابط المباشرالآتي:نطلب الشريعة من الله لنا
    المقالة منقولة للفائدة من موقع البدر الإسلامي وفيه يمكنك قراءة المقالة باللغة الإنكليزية لمن يرغب بذلك

    >>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
    ==================================



    __________________________________________________ __________


    __________________________________________________ __________


    __________________________________________________ __________


    __________________________________________________ __________





يعمل...
X