عنوان الموضوع : الجَريمَةُ الخُلُقِيَّة -1- مجابة
مقدم من طرف منتديات أميرات
1- تعريف عمل قوم لوط .
2- أسماؤه الأخرى.
3- تحريم عمل قوم لوط وعقوبة مرتكبة .
4- الآثار الواردة في ذم عمل قوم لوط .
5- أضرار عمل قوم لوط :
أولاً : أضراره الديـنـيـة .
ثانياً : أضراره الخُـلقية .
ثالثاً : أضراره النفـسية .
رابعاً : أضراره الصحية .
6- سبل الوقاية والعلاج .
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإن عمل قوم لوط جريمة منكرة، وفعلة قبيحة، يمجها الذوق السليم، وتأباها الفطرة السوية، وتمقتها الشرائع السماوية، وذلك لما لها من عظيم الأضرار، ولما يترتبت على فعلها من جسيم الأخطار .
ولقد يسر الله لي أن كتبت في هذا الشأن كتابًا بعنوان: " الفاحـشـة (عمل قوم لوط) الأضرار ـ الأسباب ـ سبل الوقاية والعلاج ".
ولما كان ذلك الكتاب مطوَّلاً تشق قراءته على كثير من الشباب ـ رأى بعض الأخوة الفضلاء أن يُختصرَ هذا الكتاب، ويُلخَّصَ منه نبذة خاصة بالشباب؛ ليسهل اقتناؤه، وقراءته، وتداوله بينهم.
فوافق ذلك رغبة في نفسي، فاستعنت بالله ـ عز وجل ـ واختصرت ذلك الكتاب في هذا الكتيِّب الذي أسميته " الجريمة الخلقية ـ عمل قوم لوط ـ الأضرار ـ سبل الوقاية والعلاج ".
وقد حرصت ـ قدر المستطاع ـ على الاختـصار، وحذفت أكثر الحواشـي إلا مـا لا بدّ منـه؛ فمن أراد التفصيل فليراجع الأصل.
عرف هذا العمل بأنه : إتيان الذكور في الدبر ، وعرف أيضاً بأنه : اكتفاء الرجال بالرجال ، وعرف بأنه : وطء الذكرِ الذكرَ .
لهذا العمل القبيح أسماء أخرى يعرف بها منها ما يلي :
1- عمل قوم لوط : لأنهم أول من ابتدعه .
2- الفاحشة : وقد سماها الله – عز وجل – بذلك ؛ لأنها فعلة متناهية في القبح.
3- اللواط : كذلك نسبة إلى قوم لوط – عليه السلام - .
4- الشذوذ الجنسي : لأنه شذوذ منحرف ، وانتكاس في الفطرة .
5- الجنسية المثلية فقد سماه بعض الباحثين بذلك ؛ لأنه يمثل الميل نحو نفس الجنس
6- المدابرة : لأنه عبارة عن إتيان الرجال في أدبارهم .
ولهذا فلا غضاضة في استعمال أيٍّ من هذه الأسماء في ثنايا هذا البحث .
تحريم اللواط معلوم بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ) (سورة الأعراف:80) .
وسماهم معتدين ومسرفين ولعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – الفاعل والمفعول به . وأجمع الصحابة – رضي الله عنهم – على قتل مرتكب هذه الكبيرة ، وقد نقل هذا الإجماعَ غيرُ واحدٍ من أهل العلم ، كابن قدامة ، وابن القيم – رحمهما الله - .
ولم يختلف الصحابة في القتل ، وإنما اختلفوا في كيفيته ، فقال بعضهم : يقتل بالسيف ، وقال بعضهم : يرمى بالحجارة ، وقال بعضهم : يحرق بالنار ، وقال بعضهم : يرفع على أعلى بناء في القرية فيرمى منه منكساً ثم يتبعه بالحجارة .
قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله - : ((وأما صفة القتل فإن الذي يظهر لي – والله أعلم – هو أن هذا عائد إلى رأي الإمام من القتل بالسيف أو رجماً بالحجارة أو نحو ذلك ، حسب مصلحة الردع والزجر والله أعلم)) .
وهذا الحكم يشمل الفاعل والمفعول به سواء كانا بكرين أو ثيبين إذا كانا عاقلين بالغين عند جمهور العلماء .
ودليل هذا قوله – صلى الله عليه وسلم - : (( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل و المفعول به )) .
قال الشيخ بكر أبو زيد تعليقاً على هذا الحديث : (( ووجه الدلالة من هذا الحديث نصيةٌ على قتل الفاعل والمفعول به ، وليس فيه تفصيل لمن أحصن أو لم يحصن ، فدل بعمومه على قتله مطلقاً )) .
ورد في ذم عمل قوم لوط آثار عديدة من الكتاب والسنة ، كما ورد ذلك – أيضاً – في أقوال السلف الصالح .
فلقد قص الله – عز وجل – علينا شأنهم في سور عديدة من القرآن الكريم كما في : سورة الأعراف [80-84 ] ، وهود [ 77-83 ] ، و الحجر [ 57 – 77 ] ، والأنبياء [ 74-75] ، والشعراء [ 160-175] ، والنمل [ 54-58] ، والعنكبوت [28-35] والصافات [ 133-138] ، والقمر [ 33-39] .
ومما ورد في ذم هذا العمل من السنة – قول النبي- صلى الله عليه وسلم - : (( لعن الله من عمِل عَمَلَ قوم لوط )) وقوله صلى الله عليه وسلم (( إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط )) .
ومما ورد عن السلف الصالح في ذمه – قول الفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى - : (( لو أن لوطياً اغتسل بكل قطرة من السماء – لقي الله غير طاهر .
ومما قيل في ذمه :
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
لعمل قوم لوط أضرار كثيرة جداً ، يقصر دونها العد والإحصاء ، والبحث والاستقصاء ، وذلك على الأفراد والجماعات في الدنيا والآخرة .
وهذه الأضرار متشعبة ومتنوعة ، فله أضرار دينية ، وخلقية ، ونفسية ، وصحية ، وإليك بعض التفصيل في ذلك :
أما أضراره الدينية – فلكونه كبيرة من كبائر الذنوب ، ولأنه يصد عن كثير من الطاعات ، بل ولخطره على توحيد الإنسان ؛ وذلك لأنه ذ1ريعة للعشق والتعلق بالصور المحرمة ، وهذا ذريعة للشرك بالله ؛ ولأن الاستمرار على فعله قد يقود الفاعل إلى محبة الفحشاء وبغض التعفف ، فيقع في محبة ما كرهه الله – عز وجل – وبغض ما أحبه الله .
وقد يتمادى الأمر بمرتكب هذه الجريمة ، فيستمرؤها ، وقد يقود ذلك إلى استحلالها –عياذاً بالله- .
وهذا كله خطر على أصل التوحيد ، وذريعة للكفر والشرك والخروج من الإسلام –عياذاً بالله - .
قل الإمام ابن القيم – رحمه الله – بعد أن تحدث عن الذنوب والمعاصي ، وأن التوحيد يمحوها ، ويزيل نجاستها - : (( ولكن نجاسة الزنا واللواطة أغلظ من غيرها من النجاسات ؛ من جهة أنها تفسد القلب ، وتضعف توحيده جداً ؛ ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركاً ، فكلما كان الشرك في العبد أغلب – كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر ، وكلما كان أعظم إخلاصاً – كان منها أبعد ، كما قال تعالى عن يوسف الصديق –عليه السلام- : )كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ(، فإن عشق الصور المرحمة نوع تعبد لها ، بل هو من أعلى أنواع التعبد ، ولا سيما إذا استولى على القلب ، وتمكن منه صار تتيماً ، والتتيم : التعبد ، فيصير العاشق عابداً لمعشوقه ، وكثيراً ما يغلب حبه وذكره ، والشوق إليه ، والسعي في مرضاته وإيثار محابه على محاب الله ، وذكره ، والسعي في مرضاته .
بل كثيراً ما يذهب ذلك من قلب العاشق بالكلية ، ويصير متعلقاً بمعشوقه من الصور ، فيصير المعشوق هو إله من دون الله –عز وجل- يقدم رضاه وحبه على رضا الله وحبه ، ويتقرب إليه ما لا يتقرب إلى الله – عز وجل - ، وينفق في مرضاته ما لا ينفقه في مرضاة الله ، ويتجنب من سخطه ما لا يتجنب من سخط الله تعالى فيصير آثر عنده من ربه حبا ، وخضوعاً ، وذلاً ، وسمعاً وطاعةً .
ولهذا كان العشق والشرك متلازمين ، وإنما حكى الله سبحانه العشق عن المشركين من قوم لوط ، وعن امرأة العزيز وكانت إذ ذاك مشركة .
فكلما قوي شرك العبد بلي بعشق الصور ، وكلما قوي توحيده صرف ذلك عنه .
والزنا واللواطه كما لذاتهما إنما يكون مع العشق ، ولا يخلو صاحبهما منه ، وإنما لتنقله من محل إلى محل – لا يبقى عشقه مقصوراً على محل واحد ، بل ينقسم على سهامٍ كثيرة ، لكل محبوب نصيب من تألهه وتعبده .
فليس في الذنوب أفسد للقلب والدين من هاتين الفاحشتين ، ولهما خاصية في تبعيد القلب من الله ؛ فإنهما من أعظم الخبائث ، فإذا انصبغ القلب بهما بعد ممن هو طيب لا يصعد إليه إلا طيب ، وكلما ازداد خبثاً ازداد من الله بعداً )) .
أما أضراره الخلقية فكثيرة جداً ، فاللواط لوثة خلقية ، وانحراف عن الفطرة السوية ، وهو سبب لقلة الحياء ، وسوء الخلق ، وبذاءة اللسان ، وقسوة القلب ، وانعدام الرحمة ، وقتل المروءة والرجولة ، وذهاب الشهامة والشجاعة والنخوة والعزة والكرامة، وهو سبب للاتصاف بالشر والعدوانية ، وحبّ الجريمة والجرأة عليها .
وهو سبب لسفول الهمة ، وضعف الإرادة والحمق ، والنزق والخرق .
وهو سبب لذهاب الغيرة من القلب ، وحلول الدياثة محلها .
ومن أضراره الخُلقية أيضاً حرمان العلم والترقي في مدارج الكمال ومراتب الفضيلة .
ومن جملة الأضرار لهذا العمل القبيح الأضرار النفسية ، فهذا العمل يورث صاحبه أضراراً نفسية كثيرة . . .
__________________________________________________ __________
ثالثاً : أضراره النفسية
ومن جملة الأضرار لهذا العمل القبيح الأضرار النفسية ، فهذا العمل يورث صاحبه أضراراً نفسية كثيرة منها :
1- الخوف الشديد والوحشة والاضطراب :
فالذي يمارس هذا العمل لا تراه إلا خائفاً مذعوراً ، يحسب كل صيحة عليه ، وكل مكروه قاصداً إليه ،/ فلا تجده إلا وقلبه كأنه في جناحي طائر ؛ ذلك لأن الطاعة حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين ، ومن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب .
فمن أطاع الله انقلبت المخاوف في حقه أماناً . ومن عصاه انقلبت مآمنه خوفاً ، ومن خاف الله آمنه من كل شيء ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء .
فالجزاء من جنس العمل ؛ فمن بحث عن الأمن والأنس في معصية الله انقلب الأمر عليه رأساً على عقب ، فأصبح أمنه خوفاً وأنسه هماً وغماً .
2- الحزن والعذاب والقلق :
وهذا جزاء عاجل لمن أحب لغير الله ، أو تعلق بغير الله ، فبقدر تلك المحبة أو التعلق بغير الله يصيب الإنسان ما يصيبه من العذاب والحزن والألم والقلق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : (( واعلم أن كل من أحب شيئاً لغير الله فلا بد أن يضره محبوبه ، ويكون ذلك سبباً لعذابه ))
وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله- : (( والمقصود أن من أحب شيئاً سوى الله عز وجل فالضرر حاصل له بمحبوبه ، إن وجد وإن فقد ، فإن فُقد عُذِّب بفواته ، وتألم على قدر تعلق قلبه به ، وإن وجده كان ما يحصل له من الألم قبل حصوله ، ومن النكد حال حصوله ومن الحسرة عليه بعد فوته أضعاف أضعاف ما في حصوله من اللذة )) ولهذا قيل :
3- هذه الفاحشة تجعل صاحبها عرضة للإصابة بأمراض عصبية شاذة ، وعلل نفسية شائنة : تفقده لذة الحياة وتسلبه الأمن والطمأنينة .
4- الرغبة في العزلة والانطواء :
فالذي يمارس هذا العمل تجده مؤثراً للعزلة والانطواء ، لا يأنس إلا بمن يلائمه ويشاكله .
5- تقلب المزاج وضعف الشخصية وعدم استقلالها .
6- الانهزامية وعدم الثقة بالنفس .
7- الشعور بالذنب :
فمن يمارس هذا العمل يشعر بالذنب ، وأن الناس يعملون بقبيح فعله ، فلسوء فعله ساء ظنه . كما قال المتنبي :
8- كثرة الوساوس والأوهام :
فهذا الداء العضال إذا تمكن من القلب واستحكم وقوي سلطانه أفسد الذهن ، وأحدث الوساوس ، وربما التحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون بها .
9- الإصابة بمرض الهوس الجنسي :
ذلك المرض الذي يجعل صاحبه الشهواني المندفع مشغولاً في جميع أوقاته بتخيلات شهوانية غريزية .
10- التوتر النفسي ، والتردد ، والتخاذل ، وعدم المبالاة .
11- الارتباك ، واليأس ، والتشاؤم ، والملل ، والتبلد العاطفي .
12- التأثير على الأعصاب :
فهذه الفعلة تغزو النفس ، وتؤثر على الأعصاب تأثيراً خاصاً ، أحد نتائجه الإصابة بالانعكاس النفسي في خلق الفرد ، فيشعر داخلياً بأنه لم يخلق ليكون رجلاً ، وينقلب ذلك الشعور إلى شذوذ جنسي ، فيميل إلى بني جنسه ، وتتجه أفكاره إلى أعضائه التناسلية .
ومن هنا يتبين لنا العلة الحقيقية من إسراف بعض الشباب الساقطين في التزين وتقليد النساء .
11- احفظ الله يحفظك :
وبالجملة فمن حفظ الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه حفظه الله من شر شياطين الإنس والجن ، ومن نفسه الأمارة بالسوء ، وحفظ عليه دينه وعفته ومروءته وشرفه ؛ فالجزاء من جنس العمل .
12- المبادرة بالزواج :
فما أجدر بالشاب وبمن ابتلي بهذا الأمر أن يسعى للزاوج ، وأن يبذل مستطاعه في هذا السبيل ، حتى يحصن فرجه ، ويغض بصره ، ويعينه الله إذا سعى في ذلك .
13- تذكر الحور العين :
اللاتي هن كاللؤلؤ المكنون ، واللاتي أعدهن الله لعباده الصالحين الذين آثروا الباقي على الفاني ، واشتروا الآخرة بالدنيا .
14- غض البصر :
فمن غض بصره أراح قلبه ، وأطاع ربه ن وسلم من تبعات إطلاق البصر ، ونجا من التعلق بحب الصور ، وقد قيل : (( إن حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات )) .
ثم إن غض البصر يورث أنساً بالله ، وقوةً في القلب وفرحاً في النفس ، كما أن إطلاقه يضعف القلب ويحزنه .
وغض البصر أيضاً يورث القلب نوراً وشجاعة وثباتاً وفراسة صادقة ، كما أنه يسد على الشطان مدخله من القلب .
15- البعد عن المعشوق المحبوب :
فمن أنجح السب ، وأنفع الأدوية للتخلص من هذا الداء العضال ، أن يبتعد المبتلى عن معشوقه ، ومن يحرك كوامن الشهوة فيه ، بحيث لا يراه ولا يسمع كلامه ؛ فالإبتعاد عنه وصرمه وتجرع غصص الهجر ، أهون بكثير من الاسترسال معه والزلفى منه ؛ فالبعد جفاء ، والقرب بلاء وشقاء ؛ فالقرب يضرم نار الوجد بين الجوانح ، قال المجنون :
فالبعد والتسلي واليأس وقطع الأمل يفيد في علاج هذا الأمر ؛ فكل بعيد عن البدن يؤثر بعده في القلب ، فليصبر على مضض الشوق في بداية الأمر صبر المصاب في بداية مصيبته ، ثم إن مر الأيام يهون ذلك ، قال زهير بن الحباب الكلبي :
16- البعد عن المثيرات عموماً :
فما أجدر بك أيها المبتلى ويا من يريد السلامة من هذا البلاء ، أن تبتعد عن جميع المثيرات التي تحرك فيك كوامن الشهوة ، وتدعوك إلى فعل الفاحشة ، فتبتعد عن الاختلاط بالنساء ، والمردان ، وعن مشاهدة الأفلام الخليعة ، وسماع الأغاني الماجنة ، وتقطعَ الصلة بمن يذكرك بالفاحشة ، فتتلف ما عندك من أشرطة ، وأفلام ، وصور ، ورسائل ، حتى لا تَضعف نفسُك برؤيتها .
ومن ذلك أيضاً تجنب الأطعمة التي تحتوي على بهارات وتوابل ؛ لكونها مثيرة ومهيجة . ومن ذلك تجنب الأماكن التي تذكرك بهذا العمل ؛ فالشيء إذا قطعت أسبابه التي تمده زال واضمحل .
17- الاشتغال بما ينفع وتجنب الوحدة والفراغ :
لأن العشق شغل الفارغ ، وما كن العشق إلا لأرعن بطالٍ ، فإذا تشاغل بما يوجب اشتغال القلب بغير المحبوب ، درس الحب ، ودثر العشق ، وحصل التناسي .
فبدل أن يجلس المرء وحيداً مسترسلاً مع أوهامه وجنوحاته – عليه – أن يشغل نفسه بما يعود عليه بالنفع ، أو بما يشغله على الأقل عما يضره ، فيشتغل بطلب العلم ، ومذاكرة الدروس ، وزيارة الأقارب ، وقضاء حوائج المنزل ، أو أن يلتحق بحلق تحفيظ القرآن الكريم ، والمراكز الصيفية .
أو أن يشتغل بالأمور بالأمور المباحة كالبيع والشراء وغير ذلك .
18 دفع الوساوس الشيطانية و الخواطر السيئة :
فعلى المرء المبتلى أن يدفع تلك الوساوس والخواطر التي يلقيها الشيطان في رُوعه ، وألا يسترسل معها وإلا قادته إلا الهلكات .
19- تقوية الإرادة وترك اليأس والقنوط :
فعلى من ابتلي بهذا البلاء ألا يستسلم لليأس والقنوط بل عليه أن يقوي إرادته ،
ويشحذ عزيمته ، ويصحو من رقدته ، ويدرك أن هذا العمل ليس ضربة لازب تزول ، ولا وصمة عار لا تنمحي ، بل عليه أن يدرك أن الإصلاح ممكن ، والتغيير وارد ، فما عليه إلا أن يأخذ بالأسباب ، ويغير ما بنفسه ، ويحسن ظنه بربه .
20- علو الهمة :
فعلو الهمة يستلزم الجد والإباء ، ونشدان المعالي وتطلاب الكمال ، والترفع عن الصغائر والدنايا ومحقرات الأمور .
والهمة العالية لا تزال بصاحبها تضربه بسياط اللوم والتأنيب ، وتزجره عن مواقف الذل واكتساب لرذائل وحرمان الفضائل ، حتى ترفعه من أدنى الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد .
فمن لم تكن له همةٌ أبيةٌ لم يكد يتخلص من هذه البلية ؛ فإن 1ا الهمة يأنف أن يملك رقَّه شيءٌ ، وما زال الهوى يذل أهل العز .
فأين هذا الذي يطلق العنان لشهواته ، ويرسف في أغلال رغباته من الإمام الشافعي رحمه الله الذي يقول : (( لو علمت أن الماء البارد يثلم مروءتي لما شربته )) فعلو الهمة مما يُفتخر به ، وسفول الهمة مما يعاب ويذم به .
قال منصور الهروي :
إذا كان الأمر كذلك – فما أحرى – بمن ابتلي بهذا الداء أن يعلي همته ، وأن يأنف هذا الذل الذي لا يحتمله ذو مروءة ، أما من لا يأنف الذل ، وينقاد لموافقة هواه فذاك خارج عن المتميزين وصدق من قال :
21- الحذر من العلاجات الغريبة :
فهناك من إذا وقع في البلاء وأراد التخلص منه ، يعمد إلى استخدام علاجات غريبة ، ومن ذلك استخدام النذر ، الإيمان المغلظة بأن لا يعود ، فتجد بعضهم – مثلاً – ينذر صيام خمسة أشهر أو إنفاق آلاف الريالات ، وقد ينفع ذلك في بداية الأمر ؛ لما فيه من تعظيم اليمين ، أو الخشية من لزوم النذر .
ولكن لا تلبث الشهوة أن تلقي بثقلها عليه ، فتهزم نفسه ، وتُنقض نذوره ، وأَيمانه ، فيقع في مستنقع الرذيلة الآسن .
وهناك من يلجأ إلى تناول الأدوية المسكنة للشهوة دون استشارة الطبيب ، مما يجعله يتعرض لمخاطر طبية وجسدية .
ألا فليحذر العاقل هذه العلاجات ؛ فله في غيرها سعة ومندوحة .
22- الحياء :
فالحياء كله خير ، والحياء لا يأتي إلا بخير ، والحياء خلق الإسلام ، والحياء شعبة من شعب الإيمان .
والحياء خلق يبعث على فعل الجميل وترك القبيح ، فإذا تحلى المرء به انبعث إلى فعل الافضائل وترك الرذائل .
فما أجدر بمن وقع في هذا البلاء أن يتحلى بالحياء ، وأن يسعى في اكتسابه ، ومن الأمور المعينة على اكتساب الحياء ما يلي :
أ - قراءة سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم - .
ب- قراءة سير الصحابة رضي الله عنهم وسير أهل الحياء عموماً .
ج – تذكر الثمرات الجميلة المترتبة على حياء ، وتذكر العواقب الوخيمة المترتبة على قلة الحياء .
د – الإمساك عما تقتضيه قلة الحياء من قول أو عمل .
هـ - مجالسة أهل الحياء ، ومجانبة أهل الوقاحة .
و – تكلف الحياء مرة بعد أخرى حتى يصبح سجية في الإنسان .
وإذا كان الحياء مطلوباً من كل أحد فهو من الصبيان الأحداث أولى وأحرى ، قال وهب بن مُنِّبهٍ رحمه الله : (( إذا كان في الصبي خصلتان : الحياء والرهبة رجي خيره )) وقال الأصمعي رحمه الله : (( من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه )) فاللهَ اللهَ أخا الإسلام بالحياء ، وليكن حليتك وزينتك ، واعلم أن معيار رجولتك ليس بكثرة الاختلاط ، ولا بإطلاق اللسان بسيئ العبارات ، وإنما معيارها حياؤك وأدبك وسمتك ووقارك .
23- الحرص على الستر والعفاف والبعد عن التكشف والتعري :
خصوصاً للأحداث في السن ؛ لأن ذلك مدعاة لفتنة الآخرين ، وتسلط الساقطين ، فما أجدر بك أخي الشاب أن تحرص على الستر والعفاف ، سواءً في الرياضة أو غيرها ، فالعورة عورة في الرياضة وغيرها .
24- الاعتدال في التجمل وترك المبالغة فيه خصوصاً من الأحداث :
فينبغي للأحداث أن يعتدلوا في التجمل ويتركوا المبالغة فيه ، فلا يليق بهم أن يبالغوا في الطيب ، ولا أن يبسوا الملابس الفارهة أو الضيقة ، كما يجدر بهم أن يترفعوا عن تقليد الكفار ، والتشبه بالنساء . وألا يكون همهم الأول الاهتمام بتسريح الشعر وتصفيف الطُرر ، وصرف الهمة للتأنق في الملبس ؛ حتى لا يتسببوا في فتنة الآخرين ؛ وليسلموا من شر المجرمين الذين يكيدون لهم ، ويتربصون بهم الدوائر .
25- الإقلال من المزاح :
فيجدر بالأحداث ألا يكثروا من المزاح ، وألا يمازحوا كل من هب ودب ؛ لأن كثرة المزاح تذهب بالمروءة وتسقط الهيبة وتجرئ السفهاء ، وما أجمل ما قيل :
وإذا أراد الإنسان المزاح فليكن مع الأصحاب الطيبين ، وليكن أيضاً بأدب واعتدال .
26- محاسبة النفس :
فمن العلاجات النافعة أن يقف المبتلى بهذه الفاحشة مع نسه سواءً كان صغيراً أو كبيراً ، فاعلاً أو مفعولاً به .
فإن كان كبيراً فليسأل نفسه : ماذا أنتظر ؟ وإلى متى سأستمر ؟ أأنتظر عقوبة الله أن تحل بساحتي بعدما بلغت من الكبر عتياً ؟ أم انتظر الموت يهجم عليّ بكرة أو عشياً .
وإن كان صغيراً فليفكر في حاله ومآله فهل سيعمر طويلاً ؟
أم هل سيأتيه الموت وهو في عز شبابه مصراً على هذه الجريمة ؟
وإن قدر له العيش فهل سيستمر على هذا العمل ؟
وهل سيضيع زهرة شبابه في هذه الرذائل ؟
وكيف سيواجه الحياة بتلك النفسية المريضة ؟ وهل سيتزوج ؟
ومن الذي سيعطيه ؟ وما مصير هذه الزوجة إن قدر له الزواج ؟
وما مصير الأولاد إن قدر له أولاد ؟
وليسأل كل واحدٍ منهم نفسه هل هو في مأمن من الفضيحة ؟
أم هو في مأمن من الأمراض المستعصية التي تقلب عليه الحياة جحيماً ملهباً ؟
وهل سيكون معول هدمٍ لمجتمعه ؟
وسبباً لحلول اللعنة ونزول العقوبة ؟
ثم ما موقفه يوم العرض الأكبر على الله ؟
يوم تبلى السرائر لا تخفى منهم خافية ؟
فلعل هذه التساؤلات تقصرهم عن الاسترسال في الشهوات .
27- النظر في العواقب :
وذلك بأن يدرك أن هذه الشهوة الخاطئة والنزوة العابرة سيعقبها حسرة وندامة وخزي وعار وذلة وشنار ، وأن عِذابها سيصير عذاباً ن فتذهب اللذات وتبقى التبعات ، وتذهب الشهوة وتبقى الشقوة .
28- ومن العلاجات أن يدرك المبتلى أن هذه الشهوة لن تقف عند حد :
فهي كمرض الجرب ، كلما زاد الإنسان في حكه كلما ازداد عليه الداء ، والعكس بالعكس . أضف إلى ذلك أن هذا المبتلى لن يقر له قرار ، ولن يهدأ ل بال ، ولن تقضى له لبانة ؛ لأنه كلما ظفر بمأرب تاقت نفسه إلى غيره ، فيقضي العمر في تعبٍ وعناء ، ونصب وشقاء .
وصدق من قال :
29- مجالسة الأخيار ومجانبة الأشرار :
فمجالسة الأخيار من أهل العلم والفضل والزهد والعبادة ، تحيي القلب ، وتشرح الصدر ، وتنير الفكر ، ومجانبة الأشرار سلامة للدين والعرض .
30- عيادة المرضى ، وتشييع الجنائز ، وزيارة القبور، والنظر إلى الموتى ، والتفكر في الموت وما بعده ؛ فإن ذلك يطفئ نيران الشهوة .
31- عدم الاستسلام للتهديد ، والإبلاغ عمن هدَّدَ :
فينبغي لمن هُدد في عرضه ، وأريد منه أن يمكن من نفسه – ألا يستسلم – للتهديد ، وألا يصيخ السمع للوعيد ، بل عليه أن يتشجع ويدرك أن هؤلاء الخفافيش الأنذال جبناء أذلاء ؛ فبمجرد شعورهم بقوة ذلك الشخص ورجولته فإنهم سرعان ما يتوارون.
كما ينبغي لمن هُدد وأعيته الحيلة أن يعلم أن أباهُ وأخاهُ الأكبر ، أو من يثق به من المدرسين أو الأخيار أو غيرهم ؛ حتى يعينوه على هؤلاء الأشرار .
وليحذر كل الحذر من أن يستسلم لهم وينقاد لتهديدهم ، وإلا فسيجعلوه كالنعل يلبسونه كيف شاءوا متى شاءوا .
32- قراء القصص في العفة ، وقصص التائبين :
ففيها العبرة والترغيب في الفضيلة ، وفيها التنفير والترهيب من الرذيلة .
33- سماع الأشرطة الإسلامية النافعة :
ففيها العمل النافع ، والموعظة الموقظة ، والقصة المؤثرة ، بدلاً من سماع الأغاني الماجنة التي تهيج الغرائز وتحرك الكوامن .
34- عرض الحال على من يعين :
فمن الأدوية النافعة أن يعرض المبتلى حاله على من يتوسم فيه الخير والصلاح والعلم ، ممن لديهم اهتمامات بالشباب وأوضاعهم ؛ لعله يجد عندهم حلاً يخرجه من مأزقه ، ويعيده إلى رشده .
ومن ذلك أيضاً أن يعرض حاله على طبيب مختص ، فقد يدله على علاج نافع ، أو على طريقة معينة تعينه على كبح جماحه .
35- الدعاء :
فمن أكبر الأدوية التي تعين على التخلص من هذا البلاء الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل لا سيما في الأوقات والأحوال والأوضاع التي هي مظنة إجابة الدعاء ، كالدعاء بين الأذان والإقامة ، وفي ثلث الليل الأخير ، وفي السجود ، وفي آخر ساعة من الجمعة وغير ذلك من مظان إجابة الدعاء .
وأخيراً نسأل الله بمنه وكرمه أن يهدي شبابنا ، وأن يعيدهم إلى رشدهم ، وأن يجعلهم شجىً في حلوق الكافرين ، وقرة عين لوالديهم وللمسلمين ، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
مقدم من طرف منتديات أميرات
الجَريمَةُ الخُلُقِيَّة
الأضرار – سبل الوقاية والعلاج
الأضرار – سبل الوقاية والعلاج
محمد بن إبراهيم الحمد
-1-
1- تعريف عمل قوم لوط .
2- أسماؤه الأخرى.
3- تحريم عمل قوم لوط وعقوبة مرتكبة .
4- الآثار الواردة في ذم عمل قوم لوط .
5- أضرار عمل قوم لوط :
أولاً : أضراره الديـنـيـة .
ثانياً : أضراره الخُـلقية .
ثالثاً : أضراره النفـسية .
رابعاً : أضراره الصحية .
6- سبل الوقاية والعلاج .
المقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإن عمل قوم لوط جريمة منكرة، وفعلة قبيحة، يمجها الذوق السليم، وتأباها الفطرة السوية، وتمقتها الشرائع السماوية، وذلك لما لها من عظيم الأضرار، ولما يترتبت على فعلها من جسيم الأخطار .
ولقد يسر الله لي أن كتبت في هذا الشأن كتابًا بعنوان: " الفاحـشـة (عمل قوم لوط) الأضرار ـ الأسباب ـ سبل الوقاية والعلاج ".
ولما كان ذلك الكتاب مطوَّلاً تشق قراءته على كثير من الشباب ـ رأى بعض الأخوة الفضلاء أن يُختصرَ هذا الكتاب، ويُلخَّصَ منه نبذة خاصة بالشباب؛ ليسهل اقتناؤه، وقراءته، وتداوله بينهم.
فوافق ذلك رغبة في نفسي، فاستعنت بالله ـ عز وجل ـ واختصرت ذلك الكتاب في هذا الكتيِّب الذي أسميته " الجريمة الخلقية ـ عمل قوم لوط ـ الأضرار ـ سبل الوقاية والعلاج ".
وقد حرصت ـ قدر المستطاع ـ على الاختـصار، وحذفت أكثر الحواشـي إلا مـا لا بدّ منـه؛ فمن أراد التفصيل فليراجع الأصل.
والله المستعان وعليه التكلان
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
.:: تعريف عمل قوم لوط ::.
عرف هذا العمل بأنه : إتيان الذكور في الدبر ، وعرف أيضاً بأنه : اكتفاء الرجال بالرجال ، وعرف بأنه : وطء الذكرِ الذكرَ .
.:: أسماؤه الأخرى ::.
لهذا العمل القبيح أسماء أخرى يعرف بها منها ما يلي :
1- عمل قوم لوط : لأنهم أول من ابتدعه .
2- الفاحشة : وقد سماها الله – عز وجل – بذلك ؛ لأنها فعلة متناهية في القبح.
3- اللواط : كذلك نسبة إلى قوم لوط – عليه السلام - .
4- الشذوذ الجنسي : لأنه شذوذ منحرف ، وانتكاس في الفطرة .
5- الجنسية المثلية فقد سماه بعض الباحثين بذلك ؛ لأنه يمثل الميل نحو نفس الجنس
6- المدابرة : لأنه عبارة عن إتيان الرجال في أدبارهم .
ولهذا فلا غضاضة في استعمال أيٍّ من هذه الأسماء في ثنايا هذا البحث .
.:: تحريم عمل قوم لوط وعقوبة مرتكبة ::.
تحريم اللواط معلوم بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ) (سورة الأعراف:80) .
وسماهم معتدين ومسرفين ولعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – الفاعل والمفعول به . وأجمع الصحابة – رضي الله عنهم – على قتل مرتكب هذه الكبيرة ، وقد نقل هذا الإجماعَ غيرُ واحدٍ من أهل العلم ، كابن قدامة ، وابن القيم – رحمهما الله - .
ولم يختلف الصحابة في القتل ، وإنما اختلفوا في كيفيته ، فقال بعضهم : يقتل بالسيف ، وقال بعضهم : يرمى بالحجارة ، وقال بعضهم : يحرق بالنار ، وقال بعضهم : يرفع على أعلى بناء في القرية فيرمى منه منكساً ثم يتبعه بالحجارة .
قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله - : ((وأما صفة القتل فإن الذي يظهر لي – والله أعلم – هو أن هذا عائد إلى رأي الإمام من القتل بالسيف أو رجماً بالحجارة أو نحو ذلك ، حسب مصلحة الردع والزجر والله أعلم)) .
وهذا الحكم يشمل الفاعل والمفعول به سواء كانا بكرين أو ثيبين إذا كانا عاقلين بالغين عند جمهور العلماء .
ودليل هذا قوله – صلى الله عليه وسلم - : (( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل و المفعول به )) .
قال الشيخ بكر أبو زيد تعليقاً على هذا الحديث : (( ووجه الدلالة من هذا الحديث نصيةٌ على قتل الفاعل والمفعول به ، وليس فيه تفصيل لمن أحصن أو لم يحصن ، فدل بعمومه على قتله مطلقاً )) .
.:: الآثار الواردة في ذم عمل قوم لوط ::.
ورد في ذم عمل قوم لوط آثار عديدة من الكتاب والسنة ، كما ورد ذلك – أيضاً – في أقوال السلف الصالح .
فلقد قص الله – عز وجل – علينا شأنهم في سور عديدة من القرآن الكريم كما في : سورة الأعراف [80-84 ] ، وهود [ 77-83 ] ، و الحجر [ 57 – 77 ] ، والأنبياء [ 74-75] ، والشعراء [ 160-175] ، والنمل [ 54-58] ، والعنكبوت [28-35] والصافات [ 133-138] ، والقمر [ 33-39] .
ومما ورد في ذم هذا العمل من السنة – قول النبي- صلى الله عليه وسلم - : (( لعن الله من عمِل عَمَلَ قوم لوط )) وقوله صلى الله عليه وسلم (( إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط )) .
ومما ورد عن السلف الصالح في ذمه – قول الفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى - : (( لو أن لوطياً اغتسل بكل قطرة من السماء – لقي الله غير طاهر .
ومما قيل في ذمه :
فـيا ناكحي الذكران تهنيكمُ البشرى *** فـيـوم مــعـاد الله إن لكم أجـرا
كـلوا واشربوا وازنوا ولوطوا وأكثروا *** فـإن لكم زفـاً إلـى نـاره الـكـبـرى
فـإخـوانـكـم قـد مـهـدوا الــدار قـبلكم *** وقالوا إلـيـنـا عـجـلــوا لـكـم البشرى
وهـا نـحـن أسـلاف لكم في انتظاركم *** سـيجـمعـنا الجبار في ناره الكبرى
ولا تـحـسبـوا أن الذيــن نـكـحـتـمـوا *** يـغـيـبـون عـنـكـم بـــل تـرونـهـم جهرا
ويـلعـن كـل مـنـكـم خـلـيـله *** ويشقى بـه المحزون في الكرة الأخرى
يـعـذب كـل منهم بـشــريكه *** كـمـا اشـتـركا فـي لـذة تـوجب الوزرا
كـلوا واشربوا وازنوا ولوطوا وأكثروا *** فـإن لكم زفـاً إلـى نـاره الـكـبـرى
فـإخـوانـكـم قـد مـهـدوا الــدار قـبلكم *** وقالوا إلـيـنـا عـجـلــوا لـكـم البشرى
وهـا نـحـن أسـلاف لكم في انتظاركم *** سـيجـمعـنا الجبار في ناره الكبرى
ولا تـحـسبـوا أن الذيــن نـكـحـتـمـوا *** يـغـيـبـون عـنـكـم بـــل تـرونـهـم جهرا
ويـلعـن كـل مـنـكـم خـلـيـله *** ويشقى بـه المحزون في الكرة الأخرى
يـعـذب كـل منهم بـشــريكه *** كـمـا اشـتـركا فـي لـذة تـوجب الوزرا
==================================
جزاك الله خير شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااا ااااااااا من الاعماق
__________________________________________________ __________

__________________________________________________ __________
شكرا جزيلا لكم
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير
__________________________________________________ __________
الجَريمَةُ الخُلُقِيَّة
الأضرار – سبل الوقاية والعلاج
محمد بن إبراهيم الحمد
-2-
.:: أضرار عمل قوم لوط ::.
لعمل قوم لوط أضرار كثيرة جداً ، يقصر دونها العد والإحصاء ، والبحث والاستقصاء ، وذلك على الأفراد والجماعات في الدنيا والآخرة .
وهذه الأضرار متشعبة ومتنوعة ، فله أضرار دينية ، وخلقية ، ونفسية ، وصحية ، وإليك بعض التفصيل في ذلك :
أولاً : أضراره الدينية
أما أضراره الدينية – فلكونه كبيرة من كبائر الذنوب ، ولأنه يصد عن كثير من الطاعات ، بل ولخطره على توحيد الإنسان ؛ وذلك لأنه ذ1ريعة للعشق والتعلق بالصور المحرمة ، وهذا ذريعة للشرك بالله ؛ ولأن الاستمرار على فعله قد يقود الفاعل إلى محبة الفحشاء وبغض التعفف ، فيقع في محبة ما كرهه الله – عز وجل – وبغض ما أحبه الله .
وقد يتمادى الأمر بمرتكب هذه الجريمة ، فيستمرؤها ، وقد يقود ذلك إلى استحلالها –عياذاً بالله- .
وهذا كله خطر على أصل التوحيد ، وذريعة للكفر والشرك والخروج من الإسلام –عياذاً بالله - .
قل الإمام ابن القيم – رحمه الله – بعد أن تحدث عن الذنوب والمعاصي ، وأن التوحيد يمحوها ، ويزيل نجاستها - : (( ولكن نجاسة الزنا واللواطة أغلظ من غيرها من النجاسات ؛ من جهة أنها تفسد القلب ، وتضعف توحيده جداً ؛ ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركاً ، فكلما كان الشرك في العبد أغلب – كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر ، وكلما كان أعظم إخلاصاً – كان منها أبعد ، كما قال تعالى عن يوسف الصديق –عليه السلام- : )كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ(، فإن عشق الصور المرحمة نوع تعبد لها ، بل هو من أعلى أنواع التعبد ، ولا سيما إذا استولى على القلب ، وتمكن منه صار تتيماً ، والتتيم : التعبد ، فيصير العاشق عابداً لمعشوقه ، وكثيراً ما يغلب حبه وذكره ، والشوق إليه ، والسعي في مرضاته وإيثار محابه على محاب الله ، وذكره ، والسعي في مرضاته .
بل كثيراً ما يذهب ذلك من قلب العاشق بالكلية ، ويصير متعلقاً بمعشوقه من الصور ، فيصير المعشوق هو إله من دون الله –عز وجل- يقدم رضاه وحبه على رضا الله وحبه ، ويتقرب إليه ما لا يتقرب إلى الله – عز وجل - ، وينفق في مرضاته ما لا ينفقه في مرضاة الله ، ويتجنب من سخطه ما لا يتجنب من سخط الله تعالى فيصير آثر عنده من ربه حبا ، وخضوعاً ، وذلاً ، وسمعاً وطاعةً .
ولهذا كان العشق والشرك متلازمين ، وإنما حكى الله سبحانه العشق عن المشركين من قوم لوط ، وعن امرأة العزيز وكانت إذ ذاك مشركة .
فكلما قوي شرك العبد بلي بعشق الصور ، وكلما قوي توحيده صرف ذلك عنه .
والزنا واللواطه كما لذاتهما إنما يكون مع العشق ، ولا يخلو صاحبهما منه ، وإنما لتنقله من محل إلى محل – لا يبقى عشقه مقصوراً على محل واحد ، بل ينقسم على سهامٍ كثيرة ، لكل محبوب نصيب من تألهه وتعبده .
فليس في الذنوب أفسد للقلب والدين من هاتين الفاحشتين ، ولهما خاصية في تبعيد القلب من الله ؛ فإنهما من أعظم الخبائث ، فإذا انصبغ القلب بهما بعد ممن هو طيب لا يصعد إليه إلا طيب ، وكلما ازداد خبثاً ازداد من الله بعداً )) .
ثانياً : أضراره الخُلُقية
أما أضراره الخلقية فكثيرة جداً ، فاللواط لوثة خلقية ، وانحراف عن الفطرة السوية ، وهو سبب لقلة الحياء ، وسوء الخلق ، وبذاءة اللسان ، وقسوة القلب ، وانعدام الرحمة ، وقتل المروءة والرجولة ، وذهاب الشهامة والشجاعة والنخوة والعزة والكرامة، وهو سبب للاتصاف بالشر والعدوانية ، وحبّ الجريمة والجرأة عليها .
وهو سبب لسفول الهمة ، وضعف الإرادة والحمق ، والنزق والخرق .
وهو سبب لذهاب الغيرة من القلب ، وحلول الدياثة محلها .
ومن أضراره الخُلقية أيضاً حرمان العلم والترقي في مدارج الكمال ومراتب الفضيلة .
ثالثاً : أضراره النفسية
ومن جملة الأضرار لهذا العمل القبيح الأضرار النفسية ، فهذا العمل يورث صاحبه أضراراً نفسية كثيرة . . .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
نكمل السلسلة في الجزء الثالث
__________________________________________________ __________
الجَريمَةُ الخُلُقِيَّة
الأضرار – سبل الوقاية والعلاج
الأضرار – سبل الوقاية والعلاج
محمد بن إبراهيم الحمد
-3-
ثالثاً : أضراره النفسية
ومن جملة الأضرار لهذا العمل القبيح الأضرار النفسية ، فهذا العمل يورث صاحبه أضراراً نفسية كثيرة منها :
1- الخوف الشديد والوحشة والاضطراب :
فالذي يمارس هذا العمل لا تراه إلا خائفاً مذعوراً ، يحسب كل صيحة عليه ، وكل مكروه قاصداً إليه ،/ فلا تجده إلا وقلبه كأنه في جناحي طائر ؛ ذلك لأن الطاعة حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين ، ومن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب .
فمن أطاع الله انقلبت المخاوف في حقه أماناً . ومن عصاه انقلبت مآمنه خوفاً ، ومن خاف الله آمنه من كل شيء ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء .
فالجزاء من جنس العمل ؛ فمن بحث عن الأمن والأنس في معصية الله انقلب الأمر عليه رأساً على عقب ، فأصبح أمنه خوفاً وأنسه هماً وغماً .
2- الحزن والعذاب والقلق :
وهذا جزاء عاجل لمن أحب لغير الله ، أو تعلق بغير الله ، فبقدر تلك المحبة أو التعلق بغير الله يصيب الإنسان ما يصيبه من العذاب والحزن والألم والقلق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : (( واعلم أن كل من أحب شيئاً لغير الله فلا بد أن يضره محبوبه ، ويكون ذلك سبباً لعذابه ))
وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله- : (( والمقصود أن من أحب شيئاً سوى الله عز وجل فالضرر حاصل له بمحبوبه ، إن وجد وإن فقد ، فإن فُقد عُذِّب بفواته ، وتألم على قدر تعلق قلبه به ، وإن وجده كان ما يحصل له من الألم قبل حصوله ، ومن النكد حال حصوله ومن الحسرة عليه بعد فوته أضعاف أضعاف ما في حصوله من اللذة )) ولهذا قيل :
ومــــا فـي الأرض أشـقـى مـــن مــحـــبٍّ *** وإن وجـــد الـــهـــوى حــلــوَ الــمـــذاقِ
تــــراه بـــاكـيــــاً فـــي كــــــــل حـــيــــنٍ *** مــخــافــــة فـــرقــــةٍ أو لاشـــتــيــــــاقِ
فــيــبــكـي إن نـــــأوا شـــوقـــــاً إلــيـهــم *** ويــبــكــي إن دنـــوا خـــــوف الــفـــراقِ
فـتـسـخــن عــيــنــه عــــنـــد الــتــنــائـي *** وتـــســـخــــن عـــيــــنـــه عــنـد التلاقي
تــــراه بـــاكـيــــاً فـــي كــــــــل حـــيــــنٍ *** مــخــافــــة فـــرقــــةٍ أو لاشـــتــيــــــاقِ
فــيــبــكـي إن نـــــأوا شـــوقـــــاً إلــيـهــم *** ويــبــكــي إن دنـــوا خـــــوف الــفـــراقِ
فـتـسـخــن عــيــنــه عــــنـــد الــتــنــائـي *** وتـــســـخــــن عـــيــــنـــه عــنـد التلاقي
3- هذه الفاحشة تجعل صاحبها عرضة للإصابة بأمراض عصبية شاذة ، وعلل نفسية شائنة : تفقده لذة الحياة وتسلبه الأمن والطمأنينة .
4- الرغبة في العزلة والانطواء :
فالذي يمارس هذا العمل تجده مؤثراً للعزلة والانطواء ، لا يأنس إلا بمن يلائمه ويشاكله .
5- تقلب المزاج وضعف الشخصية وعدم استقلالها .
6- الانهزامية وعدم الثقة بالنفس .
7- الشعور بالذنب :
فمن يمارس هذا العمل يشعر بالذنب ، وأن الناس يعملون بقبيح فعله ، فلسوء فعله ساء ظنه . كما قال المتنبي :
إذا ســاء فـــعـــل الــمرء ساءت ظنونه *** وصــدق مــــا يـعـتـاده مـــن تـــوهــــــم
وعــادى مـحـبـيـــه لـــقــول عـــداتــــه *** وأصــبــح فــي لـيــلٍ من الشك مــظــلــم
وعــادى مـحـبـيـــه لـــقــول عـــداتــــه *** وأصــبــح فــي لـيــلٍ من الشك مــظــلــم
8- كثرة الوساوس والأوهام :
فهذا الداء العضال إذا تمكن من القلب واستحكم وقوي سلطانه أفسد الذهن ، وأحدث الوساوس ، وربما التحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون بها .
9- الإصابة بمرض الهوس الجنسي :
ذلك المرض الذي يجعل صاحبه الشهواني المندفع مشغولاً في جميع أوقاته بتخيلات شهوانية غريزية .
10- التوتر النفسي ، والتردد ، والتخاذل ، وعدم المبالاة .
11- الارتباك ، واليأس ، والتشاؤم ، والملل ، والتبلد العاطفي .
12- التأثير على الأعصاب :
فهذه الفعلة تغزو النفس ، وتؤثر على الأعصاب تأثيراً خاصاً ، أحد نتائجه الإصابة بالانعكاس النفسي في خلق الفرد ، فيشعر داخلياً بأنه لم يخلق ليكون رجلاً ، وينقلب ذلك الشعور إلى شذوذ جنسي ، فيميل إلى بني جنسه ، وتتجه أفكاره إلى أعضائه التناسلية .
ومن هنا يتبين لنا العلة الحقيقية من إسراف بعض الشباب الساقطين في التزين وتقليد النساء .
الجَريمَةُ الخُلُقِيَّة
الأضرار – سبل الوقاية والعلاج
الأضرار – سبل الوقاية والعلاج
محمد بن إبراهيم الحمد
-7-
11- احفظ الله يحفظك :
وبالجملة فمن حفظ الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه حفظه الله من شر شياطين الإنس والجن ، ومن نفسه الأمارة بالسوء ، وحفظ عليه دينه وعفته ومروءته وشرفه ؛ فالجزاء من جنس العمل .
12- المبادرة بالزواج :
فما أجدر بالشاب وبمن ابتلي بهذا الأمر أن يسعى للزاوج ، وأن يبذل مستطاعه في هذا السبيل ، حتى يحصن فرجه ، ويغض بصره ، ويعينه الله إذا سعى في ذلك .
13- تذكر الحور العين :
اللاتي هن كاللؤلؤ المكنون ، واللاتي أعدهن الله لعباده الصالحين الذين آثروا الباقي على الفاني ، واشتروا الآخرة بالدنيا .
14- غض البصر :
فمن غض بصره أراح قلبه ، وأطاع ربه ن وسلم من تبعات إطلاق البصر ، ونجا من التعلق بحب الصور ، وقد قيل : (( إن حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات )) .
ثم إن غض البصر يورث أنساً بالله ، وقوةً في القلب وفرحاً في النفس ، كما أن إطلاقه يضعف القلب ويحزنه .
وغض البصر أيضاً يورث القلب نوراً وشجاعة وثباتاً وفراسة صادقة ، كما أنه يسد على الشطان مدخله من القلب .
15- البعد عن المعشوق المحبوب :
فمن أنجح السب ، وأنفع الأدوية للتخلص من هذا الداء العضال ، أن يبتعد المبتلى عن معشوقه ، ومن يحرك كوامن الشهوة فيه ، بحيث لا يراه ولا يسمع كلامه ؛ فالإبتعاد عنه وصرمه وتجرع غصص الهجر ، أهون بكثير من الاسترسال معه والزلفى منه ؛ فالبعد جفاء ، والقرب بلاء وشقاء ؛ فالقرب يضرم نار الوجد بين الجوانح ، قال المجنون :
تــــزودت مــــن لـــيـلى بتكليم ساعةٍ *** فــمــا زاد إلا ضـعــف مـــا بــي كلامها
فالبعد والتسلي واليأس وقطع الأمل يفيد في علاج هذا الأمر ؛ فكل بعيد عن البدن يؤثر بعده في القلب ، فليصبر على مضض الشوق في بداية الأمر صبر المصاب في بداية مصيبته ، ثم إن مر الأيام يهون ذلك ، قال زهير بن الحباب الكلبي :
إذا مــا شــئــت أن تــســلــــو حــبــيــبـــاً *** فــأكــثــر دونــــه عـــدد اللـــيـــالـــــي
فــمــا ســلــى حـبــيــبــــك غــيــر نـــــأيٍ *** ولا أبـــلــــى جــديـــــدك كـــابــتـــذال
فــمــا ســلــى حـبــيــبــــك غــيــر نـــــأيٍ *** ولا أبـــلــــى جــديـــــدك كـــابــتـــذال
16- البعد عن المثيرات عموماً :
فما أجدر بك أيها المبتلى ويا من يريد السلامة من هذا البلاء ، أن تبتعد عن جميع المثيرات التي تحرك فيك كوامن الشهوة ، وتدعوك إلى فعل الفاحشة ، فتبتعد عن الاختلاط بالنساء ، والمردان ، وعن مشاهدة الأفلام الخليعة ، وسماع الأغاني الماجنة ، وتقطعَ الصلة بمن يذكرك بالفاحشة ، فتتلف ما عندك من أشرطة ، وأفلام ، وصور ، ورسائل ، حتى لا تَضعف نفسُك برؤيتها .
ومن ذلك أيضاً تجنب الأطعمة التي تحتوي على بهارات وتوابل ؛ لكونها مثيرة ومهيجة . ومن ذلك تجنب الأماكن التي تذكرك بهذا العمل ؛ فالشيء إذا قطعت أسبابه التي تمده زال واضمحل .
17- الاشتغال بما ينفع وتجنب الوحدة والفراغ :
لأن العشق شغل الفارغ ، وما كن العشق إلا لأرعن بطالٍ ، فإذا تشاغل بما يوجب اشتغال القلب بغير المحبوب ، درس الحب ، ودثر العشق ، وحصل التناسي .
فبدل أن يجلس المرء وحيداً مسترسلاً مع أوهامه وجنوحاته – عليه – أن يشغل نفسه بما يعود عليه بالنفع ، أو بما يشغله على الأقل عما يضره ، فيشتغل بطلب العلم ، ومذاكرة الدروس ، وزيارة الأقارب ، وقضاء حوائج المنزل ، أو أن يلتحق بحلق تحفيظ القرآن الكريم ، والمراكز الصيفية .
أو أن يشتغل بالأمور بالأمور المباحة كالبيع والشراء وغير ذلك .
18 دفع الوساوس الشيطانية و الخواطر السيئة :
فعلى المرء المبتلى أن يدفع تلك الوساوس والخواطر التي يلقيها الشيطان في رُوعه ، وألا يسترسل معها وإلا قادته إلا الهلكات .
19- تقوية الإرادة وترك اليأس والقنوط :
فعلى من ابتلي بهذا البلاء ألا يستسلم لليأس والقنوط بل عليه أن يقوي إرادته ،
ويشحذ عزيمته ، ويصحو من رقدته ، ويدرك أن هذا العمل ليس ضربة لازب تزول ، ولا وصمة عار لا تنمحي ، بل عليه أن يدرك أن الإصلاح ممكن ، والتغيير وارد ، فما عليه إلا أن يأخذ بالأسباب ، ويغير ما بنفسه ، ويحسن ظنه بربه .
20- علو الهمة :
فعلو الهمة يستلزم الجد والإباء ، ونشدان المعالي وتطلاب الكمال ، والترفع عن الصغائر والدنايا ومحقرات الأمور .
والهمة العالية لا تزال بصاحبها تضربه بسياط اللوم والتأنيب ، وتزجره عن مواقف الذل واكتساب لرذائل وحرمان الفضائل ، حتى ترفعه من أدنى الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد .
فمن لم تكن له همةٌ أبيةٌ لم يكد يتخلص من هذه البلية ؛ فإن 1ا الهمة يأنف أن يملك رقَّه شيءٌ ، وما زال الهوى يذل أهل العز .
فأين هذا الذي يطلق العنان لشهواته ، ويرسف في أغلال رغباته من الإمام الشافعي رحمه الله الذي يقول : (( لو علمت أن الماء البارد يثلم مروءتي لما شربته )) فعلو الهمة مما يُفتخر به ، وسفول الهمة مما يعاب ويذم به .
قال منصور الهروي :
خـــلــقـــت أبــيَّ الــنــفس لا أتبع الهـوى *** ولا أســتَـقـي إلا مــــن المشرب الأصفى
ولا أحــمـــل الأثــقـــال فــي طــلـــب العلا *** ولا ابتغـــي معروف من سامحني خسفا
ولا أتـحــرى الــعـــز فــيــمــا يـــذلــنــــي *** ولا أخطِب الأعمـــــال كي لا أرى صرفا
ولـســت عــلــى طـبــع الــذبــاب متى يُذَذ *** عن الشيء يسقط فيـه وهو يرى الحتفا
ولا أحــمـــل الأثــقـــال فــي طــلـــب العلا *** ولا ابتغـــي معروف من سامحني خسفا
ولا أتـحــرى الــعـــز فــيــمــا يـــذلــنــــي *** ولا أخطِب الأعمـــــال كي لا أرى صرفا
ولـســت عــلــى طـبــع الــذبــاب متى يُذَذ *** عن الشيء يسقط فيـه وهو يرى الحتفا
إذا كان الأمر كذلك – فما أحرى – بمن ابتلي بهذا الداء أن يعلي همته ، وأن يأنف هذا الذل الذي لا يحتمله ذو مروءة ، أما من لا يأنف الذل ، وينقاد لموافقة هواه فذاك خارج عن المتميزين وصدق من قال :
إذا مــــــا عــــلا الـــمـــرء نــــــال الــعـلا *** ويــقــنــع بـــالـــــدون مــــن كان دونا
21- الحذر من العلاجات الغريبة :
فهناك من إذا وقع في البلاء وأراد التخلص منه ، يعمد إلى استخدام علاجات غريبة ، ومن ذلك استخدام النذر ، الإيمان المغلظة بأن لا يعود ، فتجد بعضهم – مثلاً – ينذر صيام خمسة أشهر أو إنفاق آلاف الريالات ، وقد ينفع ذلك في بداية الأمر ؛ لما فيه من تعظيم اليمين ، أو الخشية من لزوم النذر .
ولكن لا تلبث الشهوة أن تلقي بثقلها عليه ، فتهزم نفسه ، وتُنقض نذوره ، وأَيمانه ، فيقع في مستنقع الرذيلة الآسن .
وهناك من يلجأ إلى تناول الأدوية المسكنة للشهوة دون استشارة الطبيب ، مما يجعله يتعرض لمخاطر طبية وجسدية .
ألا فليحذر العاقل هذه العلاجات ؛ فله في غيرها سعة ومندوحة .
22- الحياء :
فالحياء كله خير ، والحياء لا يأتي إلا بخير ، والحياء خلق الإسلام ، والحياء شعبة من شعب الإيمان .
والحياء خلق يبعث على فعل الجميل وترك القبيح ، فإذا تحلى المرء به انبعث إلى فعل الافضائل وترك الرذائل .
فما أجدر بمن وقع في هذا البلاء أن يتحلى بالحياء ، وأن يسعى في اكتسابه ، ومن الأمور المعينة على اكتساب الحياء ما يلي :
أ - قراءة سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم - .
ب- قراءة سير الصحابة رضي الله عنهم وسير أهل الحياء عموماً .
ج – تذكر الثمرات الجميلة المترتبة على حياء ، وتذكر العواقب الوخيمة المترتبة على قلة الحياء .
د – الإمساك عما تقتضيه قلة الحياء من قول أو عمل .
هـ - مجالسة أهل الحياء ، ومجانبة أهل الوقاحة .
و – تكلف الحياء مرة بعد أخرى حتى يصبح سجية في الإنسان .
وإذا كان الحياء مطلوباً من كل أحد فهو من الصبيان الأحداث أولى وأحرى ، قال وهب بن مُنِّبهٍ رحمه الله : (( إذا كان في الصبي خصلتان : الحياء والرهبة رجي خيره )) وقال الأصمعي رحمه الله : (( من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه )) فاللهَ اللهَ أخا الإسلام بالحياء ، وليكن حليتك وزينتك ، واعلم أن معيار رجولتك ليس بكثرة الاختلاط ، ولا بإطلاق اللسان بسيئ العبارات ، وإنما معيارها حياؤك وأدبك وسمتك ووقارك .
23- الحرص على الستر والعفاف والبعد عن التكشف والتعري :
خصوصاً للأحداث في السن ؛ لأن ذلك مدعاة لفتنة الآخرين ، وتسلط الساقطين ، فما أجدر بك أخي الشاب أن تحرص على الستر والعفاف ، سواءً في الرياضة أو غيرها ، فالعورة عورة في الرياضة وغيرها .
24- الاعتدال في التجمل وترك المبالغة فيه خصوصاً من الأحداث :
فينبغي للأحداث أن يعتدلوا في التجمل ويتركوا المبالغة فيه ، فلا يليق بهم أن يبالغوا في الطيب ، ولا أن يبسوا الملابس الفارهة أو الضيقة ، كما يجدر بهم أن يترفعوا عن تقليد الكفار ، والتشبه بالنساء . وألا يكون همهم الأول الاهتمام بتسريح الشعر وتصفيف الطُرر ، وصرف الهمة للتأنق في الملبس ؛ حتى لا يتسببوا في فتنة الآخرين ؛ وليسلموا من شر المجرمين الذين يكيدون لهم ، ويتربصون بهم الدوائر .
25- الإقلال من المزاح :
فيجدر بالأحداث ألا يكثروا من المزاح ، وألا يمازحوا كل من هب ودب ؛ لأن كثرة المزاح تذهب بالمروءة وتسقط الهيبة وتجرئ السفهاء ، وما أجمل ما قيل :
فــإيــاك إيــاك الــمــزاحَ فـــإنـــه *** يــجــرئ عليك الطفل والدنس النذلا
ويـذهـب مـاء الــوجـه بـعـد بـهـائـه *** ويــــورثــــه مــن بــعـــد عــــزتــــه ذلا
ويـذهـب مـاء الــوجـه بـعـد بـهـائـه *** ويــــورثــــه مــن بــعـــد عــــزتــــه ذلا
وإذا أراد الإنسان المزاح فليكن مع الأصحاب الطيبين ، وليكن أيضاً بأدب واعتدال .
لا تـمـزحـن وإذا مــزحـت فلا يـكـن *** مـزحــــاً تـضـاف بــه إلـى ســـوء الأدب
26- محاسبة النفس :
فمن العلاجات النافعة أن يقف المبتلى بهذه الفاحشة مع نسه سواءً كان صغيراً أو كبيراً ، فاعلاً أو مفعولاً به .
فإن كان كبيراً فليسأل نفسه : ماذا أنتظر ؟ وإلى متى سأستمر ؟ أأنتظر عقوبة الله أن تحل بساحتي بعدما بلغت من الكبر عتياً ؟ أم انتظر الموت يهجم عليّ بكرة أو عشياً .
وإن كان صغيراً فليفكر في حاله ومآله فهل سيعمر طويلاً ؟
أم هل سيأتيه الموت وهو في عز شبابه مصراً على هذه الجريمة ؟
وإن قدر له العيش فهل سيستمر على هذا العمل ؟
وهل سيضيع زهرة شبابه في هذه الرذائل ؟
وكيف سيواجه الحياة بتلك النفسية المريضة ؟ وهل سيتزوج ؟
ومن الذي سيعطيه ؟ وما مصير هذه الزوجة إن قدر له الزواج ؟
وما مصير الأولاد إن قدر له أولاد ؟
وليسأل كل واحدٍ منهم نفسه هل هو في مأمن من الفضيحة ؟
أم هو في مأمن من الأمراض المستعصية التي تقلب عليه الحياة جحيماً ملهباً ؟
وهل سيكون معول هدمٍ لمجتمعه ؟
وسبباً لحلول اللعنة ونزول العقوبة ؟
ثم ما موقفه يوم العرض الأكبر على الله ؟
يوم تبلى السرائر لا تخفى منهم خافية ؟
فلعل هذه التساؤلات تقصرهم عن الاسترسال في الشهوات .
27- النظر في العواقب :
وذلك بأن يدرك أن هذه الشهوة الخاطئة والنزوة العابرة سيعقبها حسرة وندامة وخزي وعار وذلة وشنار ، وأن عِذابها سيصير عذاباً ن فتذهب اللذات وتبقى التبعات ، وتذهب الشهوة وتبقى الشقوة .
تــفــنــى اللــذاذات مــمــن نال صفوتها *** مـــن الـحـرام ويـــبــقـــى الإثـم والعار
تــبـقـى عــواقــب ســـوء فـــــي مغبتها *** لا خـيـر فـي لــذةٍ مــن بـعـدهـــــا النار
تــبـقـى عــواقــب ســـوء فـــــي مغبتها *** لا خـيـر فـي لــذةٍ مــن بـعـدهـــــا النار
28- ومن العلاجات أن يدرك المبتلى أن هذه الشهوة لن تقف عند حد :
فهي كمرض الجرب ، كلما زاد الإنسان في حكه كلما ازداد عليه الداء ، والعكس بالعكس . أضف إلى ذلك أن هذا المبتلى لن يقر له قرار ، ولن يهدأ ل بال ، ولن تقضى له لبانة ؛ لأنه كلما ظفر بمأرب تاقت نفسه إلى غيره ، فيقضي العمر في تعبٍ وعناء ، ونصب وشقاء .
وصدق من قال :
وإنـــك مــهــمـــا تــعـــط بـطـنـك سـؤله *** وفـرجـك نــالا مـنـتـهـى الـذل أجـمـعــا
29- مجالسة الأخيار ومجانبة الأشرار :
فمجالسة الأخيار من أهل العلم والفضل والزهد والعبادة ، تحيي القلب ، وتشرح الصدر ، وتنير الفكر ، ومجانبة الأشرار سلامة للدين والعرض .
30- عيادة المرضى ، وتشييع الجنائز ، وزيارة القبور، والنظر إلى الموتى ، والتفكر في الموت وما بعده ؛ فإن ذلك يطفئ نيران الشهوة .
31- عدم الاستسلام للتهديد ، والإبلاغ عمن هدَّدَ :
فينبغي لمن هُدد في عرضه ، وأريد منه أن يمكن من نفسه – ألا يستسلم – للتهديد ، وألا يصيخ السمع للوعيد ، بل عليه أن يتشجع ويدرك أن هؤلاء الخفافيش الأنذال جبناء أذلاء ؛ فبمجرد شعورهم بقوة ذلك الشخص ورجولته فإنهم سرعان ما يتوارون.
كما ينبغي لمن هُدد وأعيته الحيلة أن يعلم أن أباهُ وأخاهُ الأكبر ، أو من يثق به من المدرسين أو الأخيار أو غيرهم ؛ حتى يعينوه على هؤلاء الأشرار .
وليحذر كل الحذر من أن يستسلم لهم وينقاد لتهديدهم ، وإلا فسيجعلوه كالنعل يلبسونه كيف شاءوا متى شاءوا .
32- قراء القصص في العفة ، وقصص التائبين :
ففيها العبرة والترغيب في الفضيلة ، وفيها التنفير والترهيب من الرذيلة .
33- سماع الأشرطة الإسلامية النافعة :
ففيها العمل النافع ، والموعظة الموقظة ، والقصة المؤثرة ، بدلاً من سماع الأغاني الماجنة التي تهيج الغرائز وتحرك الكوامن .
34- عرض الحال على من يعين :
فمن الأدوية النافعة أن يعرض المبتلى حاله على من يتوسم فيه الخير والصلاح والعلم ، ممن لديهم اهتمامات بالشباب وأوضاعهم ؛ لعله يجد عندهم حلاً يخرجه من مأزقه ، ويعيده إلى رشده .
ومن ذلك أيضاً أن يعرض حاله على طبيب مختص ، فقد يدله على علاج نافع ، أو على طريقة معينة تعينه على كبح جماحه .
35- الدعاء :
فمن أكبر الأدوية التي تعين على التخلص من هذا البلاء الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل لا سيما في الأوقات والأحوال والأوضاع التي هي مظنة إجابة الدعاء ، كالدعاء بين الأذان والإقامة ، وفي ثلث الليل الأخير ، وفي السجود ، وفي آخر ساعة من الجمعة وغير ذلك من مظان إجابة الدعاء .
وأخيراً نسأل الله بمنه وكرمه أن يهدي شبابنا ، وأن يعيدهم إلى رشدهم ، وأن يجعلهم شجىً في حلوق الكافرين ، وقرة عين لوالديهم وللمسلمين ، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .