إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أثر العمل الصالح -1-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أثر العمل الصالح -1-

    عنوان الموضوع : أثر العمل الصالح -1-
    مقدم من طرف منتديات أميرات

    أثر العمل الصالح
    في تفريج الكروب
    -1-


    أ.د. فالح بن محمد بن فالح الصغير
    الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


    بسم الله الرحمن الرحيم

    المقدمة

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على هادي الأنام وخاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
    فإن الأعمال الصالحة جميعها تشفع أحيانًا للإنسان في الحياة الدنيا، كما جاء في آيات وأحاديث كثيرة، وتفرج عنه بعض مآسيه ومعاناته، وتكشف عنه كرباته وآلامه، مع العلم أن الله تعالى ليس بحاجة إلى أعمال الإنسان وطاعاته وعباداته ولكنها رحمته وفضله على عباده.
    وهذا الكلمات عرض لتأثير العمل الصالح في تفريج الكربات بشقيها النفسية والمادية، أسأل الله تعالى أن ينفع بها إنه سميع قريب.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه 1 .

    أنواع الكربات
    أولاً: الكربات النفسية:
    وهي تشمل كل الأمراض النفسية والانفعالات العصبية التي تعصف بالإنسان خارج حدوده الطبيعية وتنزع منه الإرادة لضبط النفس وتقويم السلوك، وهذه الكروب كثيرة جدًا قد تفردت بها أبحاث ومحاضرات، إلا أننا يمكن أن نتطرق إلى بعضها التي كثر انتشارها وتوسعت دائرة المصابين بها، ومنها:
    1- الهم:
    وهو زيادة في التفكير المستمر بالأشياء، سواء كانت كبيرة وعظيمة، أو صغيرة وحقيرة، وكذلك التفكير المتستمر في كيفية حمل أثقال المستقبل ومسئولياته، وهو داء نفسي يدخل إلى النفس من خلال وساوس الشيطان للإنسان بعظم الأمور التي تحدث حوله وإن كانت صغيرة، ويعد الهم من الكروب التي يرزح تحت وطأتها الإنسان في فترات من حياته، لاسيما إذا صرف عن دين الله وابتعد عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، واتبع ما يوسوس إليه عدوه الأول، فعندئذ يبتلي الله تعالى هذا الصنف من الناس بكربة الهم عقوبة لمعصية أو ابتلاء للرجوع إلى الله تعالى واتباع نهجه.
    وكان السبيل لتفريج كربة الهم هو أن يقدم الإنسان بين يدي الله تعالى عملاً صالحًا خالصًا له عز وجل، أو يترك ما كان عليه من العصيان والتمرد، ويرجع إلى الله بالتضرع والتوسل إليه، وقراءة القرآن وكثرة الاستغفار، لعل الله أن يزيل عنه همه وتعود إليه عافيته وسويته، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من علاج هذا الكرب، ووسيلة الخروج منه عند نزوله بالإنسان، فقال عليه الصلاة والسلام: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب» 2 .
    وقد علمنا الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام دعاء في لحظات الهم والحزن فقال: «ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحًا» 3 .
    لذلك كان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من الهم كثيرًا ويحث على هذا الدعاء: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين وغلبة الرجال» 4 .

    2- الحزن:
    وهو ما يسمى الكآبة في علم النفس، ويكون في الغالب نتيجة حدث معين في الحياة أو مجموعة أحداث من: فقدان عزيز أو خسارة مالية، أو مرض، أو وضع اجتماعي غير مناسب، وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى تكوين الحزن لدى الإنسان وهو أمر طبيعي يعتري كل إنسان، وهو فطرة في النفس كامنة فيها إذا وجدت أسبابها، لا يستطيع أحد التخلص منه إلا بالعلاج القرآني والنبوي، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم: «إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» 5 ، وقبل ذلك اشتكى يعقوب عليه السلام حزنه إلى الله تعالى عندما فقد يوسف عليه السلام، وقال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) [يوسف: 86].
    إلا أن هذه الفطرة إذا استمرت لفترات طويلة واستسلم الإنسان لها في كل أوقاته، وازداد في التفكير على ما أصابه، فإنها تتحول إلى كربة نفسية يجب معالجتها كأي مرض آخر، وحينئذ تتحول إلى بوابة كبيرة يستطيع الشيطان أن يدخل إلى الإنسان من خلالها، ويفعل فيه ما يشاء من الوساوس وتزيين المعاصي والمنكرات له.
    ودرءًا لمنع وقوع الإنسان في دائرة الحزن الذي يتحول إلى مرض كانت الأحاديث الكثيرة التي تنهى عن المبالغة في الحزن عند نزول مصيبة أو غيرها، حتى لا يقع الإنسان في المنكرات، ويجزع من أمر الله تعالى، وقد علم عليه الصلاة والسلام أصحابه وأمته من بعده أن لا ينقطعوا عن الأعمال الصالحة التي تقوي من عزيمة الإنسان وإيمانه، وترضى بقدر الله وقضائه.
    فهذا هو نبي الله يعقوب عليه السلام الذي أصابه ما أصاب من غياب أحب ولده إليه وقرة عينه يوسف عليه السلام، لسنين طويلة ولا يعرف عنه شيئًا، ومن بعده ابنه الآخر عند سفره مع إخوته للتجارة إلى مصر، فقد حزن ولكنه لم يصبه الجزع، بل بقي على عهده مع الله تعالى، واشتد تعلقه بربه، وازداد يقينه بالله وحكمه، وصبر واحتسب، فقال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) [يوسف: 86]
    إلى الله وحده، لا إلى ملك ولا إلى صنم، ولا إلى معبود آخر غير الله، ولا إلى مخدرات أو مفترات أو منبهات، فكان ذلك سببًا للفرج العظيم والفرح الذي لا يوصف، عندما جاءه البشير بقميص يوسف عليه السلام؛ فكان ذلك خروجًا وعافية من كربته ومعاناته النفسية في فراقه ليوسف وأخيه، ورجع إليه بصره عليه السلام.


    =============
    1- أصل هذه الرسالة مستلة من كتاب (حديث الرهط الثلاثة الذين آواهم الغار- دراسة حديثية دعوية نفسية). واستلت لأهميتها [الناشر].
    2- «سنن أبي داود» رقم (1518)، ص (224)، ورواه ابن ماجه (3189)، ص (545).
    3- «مسند أحمد» رقم (4318)، ص (362).
    4- «صحيح البخاري» رقم (6369)، ص (1106)، و «صحيح مسلم» رقم (2706)، ص (1176).
    5- «صحيح البخاري»، رقم (1303)، ص (208، 209). و «صحيح مسلم»، رقم (2315)، ص (1022، 1023).

    >>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
    ==================================

    جــــزاكــــم الله خيــــراً وبــــارك فيــــكم

    __________________________________________________ __________
    شكرا جزيلا على المرور
    بارك الله فيكم
    وجزاكم الله خير

    __________________________________________________ __________

    اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحًا» 3


    .
    اللهم آمييييين بارك الله فيكم ونفع بعلمكم متابعين معكم واصلوا جزاكم الله خيرا وجعل عملكم هذا في موازين حسناتكم اللهم آمييين ....

    __________________________________________________ __________
    نسأل الله العظيم أن يبلغنا رمضان ويعيننا على الصيام والقيام
    وأن يجعلنا من عتقائه ومن المقبولين ))
    اللهم فرج همنا ....واهدنا الى صراطك المستقيم

    __________________________________________________ __________
    بارك الله فيكم
    وجزاكم الله خير
    شكرا على المرور

    أثر العمل الصالح
    في تفريج الكروب
    -5-

    2- الديون:
    وهي كربة تعتري بعض الناس في حياتهم لظروف معينة يمرون بها، وتشتد هذه الكربة ويزداد تأثيرها عندما يعجز المدين عن سداد دينه، فهو كما قيل: «هم في الليل وذل في النهار» وإن تراكم الأموال على الإنسان وكثرة المطالبة بها من قبل الدائنين يحرج المدين ويدخله في دوامة القلق والاضطراب، فلا يستطيع الخروج إلى الناس ومخالطتهم، وقد تؤدي هذه الحال به إلى أن يترك بلده وأهله وأحبته هروبًا من حقوق الناس عليه أو سعيًا للعمل في مكان آخر ربما يخفف عنه هذا الهم وهذه الأمانة، والدين من الأعباء والكربات التي لا تنفك عن الإنسان حتى بعد الموت، فإن هو نجا بنفسه منها في الدنيا فإنه لن تزول كربته في الآخرة لأنه حق العباد لذا كان الرسول r لا يصلي على من عليه الدين إلا أن يعفو عنه الدائن ويسامحه لعظم شأنه وحقه.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه فضلاً فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى وإلا قال للمسلمين: «صلوا على صاحبكم»، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته»(1).
    ويقول عليه الصلاة والسلام: «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين»(2).
    ومن أجل ذلك كان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله منه في دعائه ويقول:«اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين وغلبة الرجال»(3).
    وطريق الخلاص من هذا الكرب في الدنيا والنجاة منه يوم القيامة أن يخلص الإنسان في طاعته وعبادته لله تعالى، ويبادر إلى الأعمال الصالحة والاستغفار والأذكار بشكل دائم، ويتقي الله تعالى في أموره كلها، فهذا هو السبيل الأعظم لإزاحة هذا الهم عن كاهله وإبداله بالفرج واليسر والسداد يقول الله تعالى: }... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{[الطلاق: 2، 3].
    وقال الله تعالى عن نوح عليه السلام في مخاطبته لقومه:}فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا{ [نوح: 10-13].
    وعن علي رضي الله عنه أن مكاتبًا جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله r لو كان عليك مثل جبل صير دينًا أداه الله عنك، قال: «قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك»(4).
    ولا يعني هذا ترك الأسباب، بل عملها ضروري وتركها عجز وتخاذل ولكن للتأكيد على أثر العمل الصالح في حل هذه الكربة.

    3- الظلم:
    الظلم ظلمات يوم القيامة كما جاء في الحديث وهو كربة وبلاء، ظهر منذ أن خلق الله الإنسان، نتيجة لآفات النفس، ورغباتها وأهوائها، من الحسد والغرور والكبرياء، وكذلك الطمع والجشع وحب الذات وكراهية الغير، وغيرها من الأسباب، والمؤمن إذا أصابه شيء من كربة الظلم، بأي شكل من أشكالها من اعتداء أو تعذيب أو أخذ حق وغيره، يجب أن يسارع إلى الله تعالى، الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرمًا، ليرفع عنه هذه الكربة ويبدلها فرجًا وسرورًا، وعزة وانتصارًا، بشرط أن يعاون هذا التضرع إلى الله الاجتهاد في العبادة والإخلاص في الأعمال، وتصفية النية، وترك المعاصي، لقوله تعالى:}إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ{[الرعد: 11].
    فعندها يقبل الله تعالى دعوته ولا يرده خائبًا، بل سيعجل له بالفرج القريب والظفر الأكيد على عدوه وظالميه، يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه:«ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده»(5).
    وفي قوله r عندما بعث معاذًا إلى اليمن فقال:«اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب»(6).
    وإن طال الفرج أو تأخر قليلاً فلحكمة من عند الله تعالى لا يعلمها إلا هو، ربما يكون فيه خير للإنسان وذخر له يوم القيامة، وربما يجعل الله تعالى سعادة هذا الإنسان المبتلى بالظلم في تلك اللحظات التي يظلم فيها ويضطهد، لأنه سبحانه وتعالى يلقي عليه رداء السكينة والراحة النفسية، ويزيد من إيمانه ويقينه لأمر الله، لذلك كان بعض السلف الصالح يقولون: لو علمت الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه –يعني من الراحة النفسية- لجالدونا عليه بالسيوف.
    فعلى المظلوم المكروب أن يعود إلى ربه ويعمل صالحًا وسينتقم الله تعالى من الظالم ولو بعد حين، لأن عقوبات الظلم معجلة في الدنيا قبل الآخرة، والشواهد التاريخية والواقعية أكثر من أن تحصر، فهؤلاء رسل الله وأنبياؤه وقع عليهم ظلم من أقوامهم فانتصر الله لهم:}فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{[العنكبوت: 40].
    ووقع على كثير من سلف الأمة ما وقع كالإمام مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم كثير رحمهم لله، فكانوا أئمة يقتدى بأقوالهم، والذي يجب الحذر منه ألا يرد الظلم بظلم.




    =========
    (1) «صحيح البخاري»، رقم (5371)، ص (959)، و «صحيح مسلم»، رقم (1619)، ص (707).
    (2) «صحيح مسلم»، رقم (1886)، ص (845).
    (3) «صحيح البخاري»، رقم (6369)، ص (1106)، و «صحيح مسلم»، رقم (2706)، ص (1176).
    (4) «جامع الترمذي»، رقم (3563)، ص (812)، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
    (5) «سنن الترمذي»، رقم (1905)، ص (445)، ورواه ابن ماجه (3862)، ص (552).
    (6) «صحيح البخاري»، رقم (2448)، ص (395)، و«صحيح مسلم»، رقم (19)، ص (31).


يعمل...
X