عنوان الموضوع : همُّ الخاتمة
مقدم من طرف منتديات أميرات
يقول الله-جلّ جلاله-وهو أصدق القائلين:{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[التوبة:105].
لنتدبَّر هذه الآية؛ أمرنا الله بالعمَل، فإنّا ما خُلِقنا عبثًا، خُلِقنا لنعبدَ الله، خُلِقنا لننفِّذَ أوامرَ الله، خُلِقنا لنقومَ بما أوجب الله علينا. تُعُبِّدنا بهذه الشّريعة؛ لنقومَ بحقيقَتِها عِلمًا وعمَلًا، ظاهرًا وباطنًا؛ لنكونَ مؤمنين حقًّا: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ}، والله عالمٌ ما العِباد عامِلون، ولكنّه -جلّ وعلا- لا يعاقِب العبد حتى تظهَر مخالفتُه وعصيانُه وتقومَ الحجة عليه: {فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
إنَّ مردَّكم إلى الله عالم الغيبِ والشهادة، استوَى في علمه ما خفيَ وما أُعلِن: {قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[آل عمران:29].
أيّها المسلم: عَملُك لا يكون عملًا حقّ، حتى يكون عملًا تواطَأَ عليه القلب واللسانُ والجوارح، عَمَل ظاهرٌ مع خلوِّ القلب منَ الاعتقادِ واليقين لا ينفع، اعتقادٌ لا يترجمُه عملٌ ظاهر لا ينفَع، فلا بد في العمَل من أن يكونَ الظاهر والباطن سواءً، ففي الباطنِ إخلاصٌ لله وقيامٌ بما أوجب الله وتعبُّدُ القلب لله ذِلّة واستكانة، وفي الظاهر القيامُ بالواجبات مع تركِ المحرّمات، هكذا العمل النافع، وهكذا العمَل المفيد، وهكذا ينبَغِي أن يكونَ المؤمِن عليه في حياته، فيقضِي عُمره وهو في خَير تعبُّدًا لله بكلّ جوارحه، ظاهرًا وباطنا.
أيّها المسلم: إنما الخوفُ على العبدِ أن يُظِهِرَ الخيرَ وهو مبطِن لضدِّه، وأن يُظْهِرَ التمسّك والصلاح وهو في قلبه على خلافِ ذلك، أعمالٌ صالحة مشوبَة بالرّياءِ والسّمعة، لغيرِ الله صلَّى، ولغيرِ الله أطاع، ولغيرِ الله تنسّك، ولغيرِ الله تعبَّد، فتلك الأمورُ لا بدَّ أن تخونَ صاحبَها أحوجَ ما يكون [إليها]؛ لِذاَ اشتدَّ خوفُ صالحي هذه الأمّة على أنفسهم، وخافوا على أعمالهم، فجَمَعوا بين الخوفِ من اللهِ وحسنِ العمل: {إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ*وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ*وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ*وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}[المؤمنون:57-60].
هؤلاءِ الصُّلَحاء خافوا على أعمالهم أن يعرضَ لها رياءٌ يبطِلها، أو يعرض لها ـ والعياذ بالله ـ شكوكٌ وارتيابٌ فتحبط الأعمال، خافوا على أعمالهم، ولم يثقوا بأنفسِهم، بل عظُم التجاؤُهم إلى الله، وقوِيَت الرغبةُ في الاضطرار بين يدَي ربهم، فهم دائمًا يقولون:{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران:8]، ويتذكرون قول الله لنبيه-صلى الله عليه وسلم-: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً*إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}[الإسراء:74، 75].
إن المؤمنَ يعمل، ولكن نصبَ عينيه خاتمةُ الأعمال، لا يدري ما يختَم له بِه، يخاف من تحوُّل منَ الإيمان إلى الكفر، ومن استقامةٍ إلى انحراف، ومن لزومِ الطريق إلى البُعد عنه، يرَى أناسًا اختلفت أهواؤهم، وتغيَّرت أفكارهم، وتنوَّعت آراؤهم، فهم يومًا دعاةٌ إلى الخير والصلاح، ويومًا ينقضونَ ما بنَوا ويبدِّلون ما قالوا بسوءٍ وأعمالٍ سيّئة. إذًا فهو يخاف على نفسِه أن يخدعَه الشيطانُ فيستولي عليه، فينسِيه ذكرَ الله، ويُصدّه عن سبيل الله المستقيم، فيختَم له بسوء، فيلقى الله على غيرِ هدًى، أعاذنا الله وإياكم من ذلك؛ ولذا قال الله لعباده: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران:102]، الزَموا الإسلام، واثبتوا عليه، واستقيموا عليه حتى يوافيَكم الموتُ وأنتم على الإسلامِ ملازِمين، غيرَ مبدِّلين ولا مغيِّرين.
واسمع ما قال الله عن نبيِّه يعقوبَ: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[البقرة:132]، الزَموا الإسلام علمًا وعملًا، واعمروا في الباطنَ والظاهر، وسَلوا الله الثباتَ على الحق؛ فإنّ الله بيده قلوبُ العباد يقلِّبها كيف يَشاء، وسيِّدُ ولد آدم سيّد الأولين والآخرين وإمامُ الأنبياء و المرسلين يقول دائما: (اللّهمّ مقلبَ القلوب، ثبِّت قلبي على دينك)، تسأله عائشة: هل تخاف يا رسول الله؟! فيجيبها قائلا: (إنَّ قلوبَ العباد بين أصبعين من أصابِع الرحمن، يقلِّبها كيف يشاء، إذا أراد أن يقلِبَ قلبَ عبدٍ قلَبَه).
أيّها المسلم: فمِن علامةِ توفيقِ الله لك ومِن علامة خاتمةِ الخير لك أن تُوَفَّقَ في بقيّةِ عمرِك لأعمالٍ صالحة، تستقيم عليهَا، تثبُت عليها، تمضي بقيّةَ عمرك عليها، يقول أنس-رضي الله عنه-: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمَله)، قالوا: كيف يستعمِلُه يا رسولَ الله؟! قال: (يوفِّقُه لعملٍ صالحٍ قبل الموت)، فيتداركه الله بتوبةٍ نصوح، فيبدّل سيِّئاته حسنات، ويتحلَّل من مظالم العباد، ويتوب إلى اللهِ مِن سيئاتِ الأقوال والأعمالِ، حتى إذا حضره الموتُ ودنا انتقالُ الروح من الجسد فإذا هو ثابتٌ على الحق، ثابتٌ على الهدَى، تُزَفّ له البشارة وهو على فراشه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ*نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ*نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}[فصلت:30-32]. هكذا أولياء الله الصادقون الذين أخلصوا لله أعمالهم، وصدقوا مع الله في تعامُلِهم، فلم يكن رياء ولا سمعة، ولا محبة للشهرة، ولا إرادة العلوّ في الأرض: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص:83].
إنَّ المسلمَ ينبغي دائمًا له أن يسألَ الله حسنَ الخاتمة، يسأل اللهَ أن يختمَ عمرَه بخير، وأن يجعلَ بقيّةَ عمرِه خيرًا من ماضِيه، فهو دائما يقول: اللّهمّ اجعل خير أعمارِنا أواخرَها، وخير أعمالِنا خواتيمَها، وخيرَ أيامنا يومًا نلقاك فيه.
أيّها المسلم: حُسن الخاتمة أقضَّ مضاجعَ الصالحين، وكدّر عليهم صفوَ حياتهم، لا والله، [ليس] سوء ظنٍّ بربّ العالمين، فحاشا ذلك، لكن اشتدّ خوفهم من أنفسهم أن يؤتَوا من قبَل أنفسهم من أعمال سيئةٍ استبطنوها ومعاصٍ واصلوها، يخافون أن لا يمَكَّنُوا مِن توبة، وأن تَستمِرّ بهم الشهواتُ والملذّات، فتنقضي الأعمارُ بلا فائدةٍ، فهم يخافون على أنفسهم، ويعلمون قولَ الله:{وَمَاأَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}[الشورى:30]، وقولَه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[يونس:44].
فاسألِ الله خاتمةَ خير، واسألِ الله أن تلقاه وأنت على الإسلام لم تبدِّل ولم تغيِّر، بل أنتَ مستقيمٌ على هذا الهدَى.
أيّها المسلم: أسبابُ الخاتمة الحميدةِ أمورٌ كثيرة، فأعظمها:
*تقوَى الله في السرِّ والعلانِية: (اتَّق الله حيثما كنت)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحشر:18]، تقوى حقيقيّة: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}[يونس:62، 63]، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}[الطلاق:2].
*الإخلاصُ لله في القولِ والعمل: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف:110].
*الاستقامة على الهدى ولزوم الطريقِ المستقيم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}[الفاتحة:6]، {فَاسْتَقِمْكَمَا أُمِرْتَ}[هود:112]، قال-صلى الله عليه وسلم- لرجل سأله، قال: قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: (قل: آمنتُ بالله، ثم استقم).
*تذكّر الموت وما بعدَه، فعَسى أن يكونَ في التذكُّر عبرة وعِظة. تذكَّروا الجنة ونعيمَها والنار وآلامها أغلالها.
*وأمرٌ آخر: استشعارُ قلبِك بكمال علمِ الله بك وكمالِ اطلاعِه على سرك وعلانيتك، وأنَّ الله لا يخفَى عليه شيء من أمرك: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا}[يونس:61].
*الإكثارُ من ذكرِ الله والالتجاءُ إليه دائمًا وأبدًا؛ فإنَّ الله من فضله أنّه لا يخيِّب رجاءَ من رجاه: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[الليل:5-7]، ولكن الخوف من معاصٍ أصرَرتَ عليها، أخفيتَها عن الناسِ والله مطَّلِع عليها: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}[النساء:108].
ومن أسبابِ [حسن] الخاتمة:
*الإكثارُ من تلاوة القرآن.
*والمحافظة على فرائض الإسلام بإخلاص ويقين، وربُّك لا يضيع أجرَ من أحسنَ عملًا.
ولِلخاتمةِ الحسنةِ علامات فمنها:
أن يُوفَّق العبدُ لأن تكون كلمةُ الإخلاصِ آخرَ ما يقول، فإنَّ من ختِم له بهذه الكلمة نال الفضلَ العظيم، وفي الحديث: (من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله دخلَ الجنة)، وفي حديث عِتبان: (فإنَّ الله حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه). وعند الاحتضار يوفِّق الله أهلَ الإيمان، فعندما يأتي ملكُ الموت لقبض تلك الروح التي طالما عمَّر بها الجسَد يكون آخر كلام العبد: "أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله"، فيا لها من كلمةٍ إذا وُفِّق لها في تلك الحالة العصيبة، إنها كلمةٌ تنجيه من النارِ، وتؤمِّنه من الخلودِ في النار، فيختَم له بخَير. إنَّ العبدَ عند الاحتضار تضعف قواه، وتقِلّ حيلته، ويجلب الشيطان عليه برَجله وجُنْدِه؛ عسى أن يظفرَ منه بخاتمةِ سوء، يحسِّن له الباطل، ويدعوه إلى مِلَل الكفر، والعبدُ في شدَّة ضعفٍ وأعظَمِ بلاء، يعالجُ مِن خروجِ الروح من جسده ما الله به عليم، ولكنَّا لا نعلَم ذلك والله يقول: {وَنَحْنُ أَقْرَبُإِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَ تُبْصِرُونَ}[الواقعة:85].
فالمؤمن يثبته الله على الحق، عمرٌ طالما عمِر في طاعةِ الله، قلبٌ طالما أخلَص لله العملَ، فيوفَّق عند الاحتضار، فينطِق بكلمة التَّوحيد، فيختَم له بها عملُه، فتلك النّعمةُ الكبرى والفضل العظيم: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء}[إبراهيم:27].
ومِن علامات حسنِ الخاتمة:
*ما جاء عنه-صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ المؤمِن يموت في عرقِ جبينه)، فيعرَق جبينُه عند احتضارِه، وهذه من علاماتِ الخير.
ومنها ما أخبر النبيّ بأنّ تلك الميتَة شهادة، فأخبر أنّ الميتَ بالطّاعون شهيد، والميت بالغَرَق والهدمِ شهيد، والميّت بداءِ البطن شهيد، كلّ تلك علاماتُ خير للمسلم بتوفيق الله له.
فاسأل الله خاتمةَ الخير، واحذَر أن تخونَك أعمالك في تلكَ اللّحظات، فيظهر على فَلَتات لسانك ما كنتَ تضمِره من سوءِ الاعتقاد، أو ما كنتَ تضمِره من محبّة المعاصي، أو ما كنتَ تضمِره من الظلمِ والعدوان، أو ما كنتَ تضمره من قلّةِ الإخلاص والرّياء، فيظهر ذلك على لسانِك عندَ الموت، فتلقى الله على غير هدى، أعاذنا الله وإياكم من ذلك. فاحذروا عواقب الذنوب، واستقِيموا على طاعةِ علاّم الغيوب، واتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتخلَّقوا بصالحِ العمل، واعلَموا أنَّ من شبّ على شيءٍ شابَ عليه، ومن شابَ على شيءٍ ماتَ عليه، ومن مات على شيءٍ بُعِث عليه.
ليس للموتِ مَرضٌ معلوم، وليس للمَرض سِنّ معلوم، وليس للموتِ وقتٌ معلوم، ولكنها آجالٌ بيَدِ الله، إذا حضَر الأجل فلا رادّ له: {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المنافقون:11]. فلنستعدَّ للقاء الله، ولنستعدَّ للأعمالِ الصالحة، ولنخلِص لله أقوالَنا وأعمالَنا، ولنسألِ الله الثباتَ على الحق والاستقامةَ عليه إلى أن نلقاه، ولنكثِر: "يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، يا مقلّب القلوب ثبت قلبي على دينك"، فإنَّ الله إذا أرادَ أن يقلِب قلبَ عبدٍ قلبه، فلا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.
نقلًا من موقع المنبر
للشيخ: عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ-حفظه الله-
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
مقدم من طرف منتديات أميرات
همُّ الخاتمة
يقول الله-جلّ جلاله-وهو أصدق القائلين:{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[التوبة:105].
لنتدبَّر هذه الآية؛ أمرنا الله بالعمَل، فإنّا ما خُلِقنا عبثًا، خُلِقنا لنعبدَ الله، خُلِقنا لننفِّذَ أوامرَ الله، خُلِقنا لنقومَ بما أوجب الله علينا. تُعُبِّدنا بهذه الشّريعة؛ لنقومَ بحقيقَتِها عِلمًا وعمَلًا، ظاهرًا وباطنًا؛ لنكونَ مؤمنين حقًّا: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ}، والله عالمٌ ما العِباد عامِلون، ولكنّه -جلّ وعلا- لا يعاقِب العبد حتى تظهَر مخالفتُه وعصيانُه وتقومَ الحجة عليه: {فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
إنَّ مردَّكم إلى الله عالم الغيبِ والشهادة، استوَى في علمه ما خفيَ وما أُعلِن: {قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[آل عمران:29].
أيّها المسلم: عَملُك لا يكون عملًا حقّ، حتى يكون عملًا تواطَأَ عليه القلب واللسانُ والجوارح، عَمَل ظاهرٌ مع خلوِّ القلب منَ الاعتقادِ واليقين لا ينفع، اعتقادٌ لا يترجمُه عملٌ ظاهر لا ينفَع، فلا بد في العمَل من أن يكونَ الظاهر والباطن سواءً، ففي الباطنِ إخلاصٌ لله وقيامٌ بما أوجب الله وتعبُّدُ القلب لله ذِلّة واستكانة، وفي الظاهر القيامُ بالواجبات مع تركِ المحرّمات، هكذا العمل النافع، وهكذا العمَل المفيد، وهكذا ينبَغِي أن يكونَ المؤمِن عليه في حياته، فيقضِي عُمره وهو في خَير تعبُّدًا لله بكلّ جوارحه، ظاهرًا وباطنا.
أيّها المسلم: إنما الخوفُ على العبدِ أن يُظِهِرَ الخيرَ وهو مبطِن لضدِّه، وأن يُظْهِرَ التمسّك والصلاح وهو في قلبه على خلافِ ذلك، أعمالٌ صالحة مشوبَة بالرّياءِ والسّمعة، لغيرِ الله صلَّى، ولغيرِ الله أطاع، ولغيرِ الله تنسّك، ولغيرِ الله تعبَّد، فتلك الأمورُ لا بدَّ أن تخونَ صاحبَها أحوجَ ما يكون [إليها]؛ لِذاَ اشتدَّ خوفُ صالحي هذه الأمّة على أنفسهم، وخافوا على أعمالهم، فجَمَعوا بين الخوفِ من اللهِ وحسنِ العمل: {إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ*وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ*وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ*وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}[المؤمنون:57-60].
هؤلاءِ الصُّلَحاء خافوا على أعمالهم أن يعرضَ لها رياءٌ يبطِلها، أو يعرض لها ـ والعياذ بالله ـ شكوكٌ وارتيابٌ فتحبط الأعمال، خافوا على أعمالهم، ولم يثقوا بأنفسِهم، بل عظُم التجاؤُهم إلى الله، وقوِيَت الرغبةُ في الاضطرار بين يدَي ربهم، فهم دائمًا يقولون:{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران:8]، ويتذكرون قول الله لنبيه-صلى الله عليه وسلم-: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً*إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}[الإسراء:74، 75].
إن المؤمنَ يعمل، ولكن نصبَ عينيه خاتمةُ الأعمال، لا يدري ما يختَم له بِه، يخاف من تحوُّل منَ الإيمان إلى الكفر، ومن استقامةٍ إلى انحراف، ومن لزومِ الطريق إلى البُعد عنه، يرَى أناسًا اختلفت أهواؤهم، وتغيَّرت أفكارهم، وتنوَّعت آراؤهم، فهم يومًا دعاةٌ إلى الخير والصلاح، ويومًا ينقضونَ ما بنَوا ويبدِّلون ما قالوا بسوءٍ وأعمالٍ سيّئة. إذًا فهو يخاف على نفسِه أن يخدعَه الشيطانُ فيستولي عليه، فينسِيه ذكرَ الله، ويُصدّه عن سبيل الله المستقيم، فيختَم له بسوء، فيلقى الله على غيرِ هدًى، أعاذنا الله وإياكم من ذلك؛ ولذا قال الله لعباده: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران:102]، الزَموا الإسلام، واثبتوا عليه، واستقيموا عليه حتى يوافيَكم الموتُ وأنتم على الإسلامِ ملازِمين، غيرَ مبدِّلين ولا مغيِّرين.
واسمع ما قال الله عن نبيِّه يعقوبَ: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[البقرة:132]، الزَموا الإسلام علمًا وعملًا، واعمروا في الباطنَ والظاهر، وسَلوا الله الثباتَ على الحق؛ فإنّ الله بيده قلوبُ العباد يقلِّبها كيف يَشاء، وسيِّدُ ولد آدم سيّد الأولين والآخرين وإمامُ الأنبياء و المرسلين يقول دائما: (اللّهمّ مقلبَ القلوب، ثبِّت قلبي على دينك)، تسأله عائشة: هل تخاف يا رسول الله؟! فيجيبها قائلا: (إنَّ قلوبَ العباد بين أصبعين من أصابِع الرحمن، يقلِّبها كيف يشاء، إذا أراد أن يقلِبَ قلبَ عبدٍ قلَبَه).
أيّها المسلم: فمِن علامةِ توفيقِ الله لك ومِن علامة خاتمةِ الخير لك أن تُوَفَّقَ في بقيّةِ عمرِك لأعمالٍ صالحة، تستقيم عليهَا، تثبُت عليها، تمضي بقيّةَ عمرك عليها، يقول أنس-رضي الله عنه-: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمَله)، قالوا: كيف يستعمِلُه يا رسولَ الله؟! قال: (يوفِّقُه لعملٍ صالحٍ قبل الموت)، فيتداركه الله بتوبةٍ نصوح، فيبدّل سيِّئاته حسنات، ويتحلَّل من مظالم العباد، ويتوب إلى اللهِ مِن سيئاتِ الأقوال والأعمالِ، حتى إذا حضره الموتُ ودنا انتقالُ الروح من الجسد فإذا هو ثابتٌ على الحق، ثابتٌ على الهدَى، تُزَفّ له البشارة وهو على فراشه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ*نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ*نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}[فصلت:30-32]. هكذا أولياء الله الصادقون الذين أخلصوا لله أعمالهم، وصدقوا مع الله في تعامُلِهم، فلم يكن رياء ولا سمعة، ولا محبة للشهرة، ولا إرادة العلوّ في الأرض: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص:83].
إنَّ المسلمَ ينبغي دائمًا له أن يسألَ الله حسنَ الخاتمة، يسأل اللهَ أن يختمَ عمرَه بخير، وأن يجعلَ بقيّةَ عمرِه خيرًا من ماضِيه، فهو دائما يقول: اللّهمّ اجعل خير أعمارِنا أواخرَها، وخير أعمالِنا خواتيمَها، وخيرَ أيامنا يومًا نلقاك فيه.
أيّها المسلم: حُسن الخاتمة أقضَّ مضاجعَ الصالحين، وكدّر عليهم صفوَ حياتهم، لا والله، [ليس] سوء ظنٍّ بربّ العالمين، فحاشا ذلك، لكن اشتدّ خوفهم من أنفسهم أن يؤتَوا من قبَل أنفسهم من أعمال سيئةٍ استبطنوها ومعاصٍ واصلوها، يخافون أن لا يمَكَّنُوا مِن توبة، وأن تَستمِرّ بهم الشهواتُ والملذّات، فتنقضي الأعمارُ بلا فائدةٍ، فهم يخافون على أنفسهم، ويعلمون قولَ الله:{وَمَاأَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}[الشورى:30]، وقولَه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[يونس:44].
فاسألِ الله خاتمةَ خير، واسألِ الله أن تلقاه وأنت على الإسلام لم تبدِّل ولم تغيِّر، بل أنتَ مستقيمٌ على هذا الهدَى.
أيّها المسلم: أسبابُ الخاتمة الحميدةِ أمورٌ كثيرة، فأعظمها:
*تقوَى الله في السرِّ والعلانِية: (اتَّق الله حيثما كنت)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحشر:18]، تقوى حقيقيّة: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}[يونس:62، 63]، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}[الطلاق:2].
*الإخلاصُ لله في القولِ والعمل: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف:110].
*الاستقامة على الهدى ولزوم الطريقِ المستقيم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}[الفاتحة:6]، {فَاسْتَقِمْكَمَا أُمِرْتَ}[هود:112]، قال-صلى الله عليه وسلم- لرجل سأله، قال: قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: (قل: آمنتُ بالله، ثم استقم).
*تذكّر الموت وما بعدَه، فعَسى أن يكونَ في التذكُّر عبرة وعِظة. تذكَّروا الجنة ونعيمَها والنار وآلامها أغلالها.
*وأمرٌ آخر: استشعارُ قلبِك بكمال علمِ الله بك وكمالِ اطلاعِه على سرك وعلانيتك، وأنَّ الله لا يخفَى عليه شيء من أمرك: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا}[يونس:61].
*الإكثارُ من ذكرِ الله والالتجاءُ إليه دائمًا وأبدًا؛ فإنَّ الله من فضله أنّه لا يخيِّب رجاءَ من رجاه: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[الليل:5-7]، ولكن الخوف من معاصٍ أصرَرتَ عليها، أخفيتَها عن الناسِ والله مطَّلِع عليها: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}[النساء:108].
ومن أسبابِ [حسن] الخاتمة:
*الإكثارُ من تلاوة القرآن.
*والمحافظة على فرائض الإسلام بإخلاص ويقين، وربُّك لا يضيع أجرَ من أحسنَ عملًا.
ولِلخاتمةِ الحسنةِ علامات فمنها:
أن يُوفَّق العبدُ لأن تكون كلمةُ الإخلاصِ آخرَ ما يقول، فإنَّ من ختِم له بهذه الكلمة نال الفضلَ العظيم، وفي الحديث: (من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله دخلَ الجنة)، وفي حديث عِتبان: (فإنَّ الله حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه). وعند الاحتضار يوفِّق الله أهلَ الإيمان، فعندما يأتي ملكُ الموت لقبض تلك الروح التي طالما عمَّر بها الجسَد يكون آخر كلام العبد: "أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله"، فيا لها من كلمةٍ إذا وُفِّق لها في تلك الحالة العصيبة، إنها كلمةٌ تنجيه من النارِ، وتؤمِّنه من الخلودِ في النار، فيختَم له بخَير. إنَّ العبدَ عند الاحتضار تضعف قواه، وتقِلّ حيلته، ويجلب الشيطان عليه برَجله وجُنْدِه؛ عسى أن يظفرَ منه بخاتمةِ سوء، يحسِّن له الباطل، ويدعوه إلى مِلَل الكفر، والعبدُ في شدَّة ضعفٍ وأعظَمِ بلاء، يعالجُ مِن خروجِ الروح من جسده ما الله به عليم، ولكنَّا لا نعلَم ذلك والله يقول: {وَنَحْنُ أَقْرَبُإِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَ تُبْصِرُونَ}[الواقعة:85].
فالمؤمن يثبته الله على الحق، عمرٌ طالما عمِر في طاعةِ الله، قلبٌ طالما أخلَص لله العملَ، فيوفَّق عند الاحتضار، فينطِق بكلمة التَّوحيد، فيختَم له بها عملُه، فتلك النّعمةُ الكبرى والفضل العظيم: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء}[إبراهيم:27].
ومِن علامات حسنِ الخاتمة:
*ما جاء عنه-صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ المؤمِن يموت في عرقِ جبينه)، فيعرَق جبينُه عند احتضارِه، وهذه من علاماتِ الخير.
ومنها ما أخبر النبيّ بأنّ تلك الميتَة شهادة، فأخبر أنّ الميتَ بالطّاعون شهيد، والميت بالغَرَق والهدمِ شهيد، والميّت بداءِ البطن شهيد، كلّ تلك علاماتُ خير للمسلم بتوفيق الله له.
فاسأل الله خاتمةَ الخير، واحذَر أن تخونَك أعمالك في تلكَ اللّحظات، فيظهر على فَلَتات لسانك ما كنتَ تضمِره من سوءِ الاعتقاد، أو ما كنتَ تضمِره من محبّة المعاصي، أو ما كنتَ تضمِره من الظلمِ والعدوان، أو ما كنتَ تضمره من قلّةِ الإخلاص والرّياء، فيظهر ذلك على لسانِك عندَ الموت، فتلقى الله على غير هدى، أعاذنا الله وإياكم من ذلك. فاحذروا عواقب الذنوب، واستقِيموا على طاعةِ علاّم الغيوب، واتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتخلَّقوا بصالحِ العمل، واعلَموا أنَّ من شبّ على شيءٍ شابَ عليه، ومن شابَ على شيءٍ ماتَ عليه، ومن مات على شيءٍ بُعِث عليه.
ليس للموتِ مَرضٌ معلوم، وليس للمَرض سِنّ معلوم، وليس للموتِ وقتٌ معلوم، ولكنها آجالٌ بيَدِ الله، إذا حضَر الأجل فلا رادّ له: {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المنافقون:11]. فلنستعدَّ للقاء الله، ولنستعدَّ للأعمالِ الصالحة، ولنخلِص لله أقوالَنا وأعمالَنا، ولنسألِ الله الثباتَ على الحق والاستقامةَ عليه إلى أن نلقاه، ولنكثِر: "يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، يا مقلّب القلوب ثبت قلبي على دينك"، فإنَّ الله إذا أرادَ أن يقلِب قلبَ عبدٍ قلبه، فلا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.
نقلًا من موقع المنبر
للشيخ: عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ-حفظه الله-
==================================
بارك الله فيك وفيما نقلت وجزاك الله خيرا
__________________________________________________ __________
اللهم اني اشهدك اني احبك فارحمني يا ارحم الراحمين
اللهم لا تعذب السنة عاشت على ذكرك وشكرك
شكرا ًلك
اللهم لا تعذب السنة عاشت على ذكرك وشكرك
شكرا ًلك
__________________________________________________ __________
وإياك إختي أمجاد جده
__________________________________________________ __________
جزاك الله خير
** اللهم انا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك حسن عبادتك وشكر نعمتك وأسألك قلبا سليما ولسانا صادقا وأسألك من خير ماتعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم انك أنت علام الغيوب **
** اللهم انا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك حسن عبادتك وشكر نعمتك وأسألك قلبا سليما ولسانا صادقا وأسألك من خير ماتعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم انك أنت علام الغيوب **
__________________________________________________ __________