عنوان الموضوع : من هدي النبي.. في تربية الأبناء.جزءاول الأمومة
مقدم من طرف منتديات أميرات
لقد من الله تعالى علينا بنعمة الذرّية، وحذّرنا من الافتتان بها فقال: (إنّ من أموالكم وأولادكم فتنة).
وانتدبنا لنأخذ بحُجَز أهلينا عن النار فقال: (قوا أنفسكم وأهليكم نارًا)، وذلك من حقّ أهلينا علينا، وتمام رعايتنا لهم، وكلنا راع ومسؤول عن رعيته كما في الحديث.
ولأداء أمانة الرعاية لابد للأبوين من الحرص والعمل على تعليم الأبناء وتربيتهم، ولا يفوتنهما أنهما محاسبان على التهاون والتقصير في ذلك.
فقد روى الترمذي وأحمد وغيرهما بإسناد صحيح عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِى يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا «أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا».
قَالَتْ لاَ. قَالَ «أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ». قَالَ فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَتْ هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ.
والشاهد هنا أنّه رتب العقوبة على الأم وليس على البنت التي لبست المسكتين في يدها، ولعل هذا لإقرارها على المنكر أو تسببها فيه.
والتربية السليمة تبدأ منذ نعومة الأظفار، قال الإمام الغزّالي رحمه الله في (الإحياء): (ممّا يحتاج إليه الطفل أشد الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه، فإنّه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره من حَرَدٍ وغضب ة لِجاجٍ وعَجلةٍ وخفّةٍ وهوىًَ وطيشٍ وحدّة وجشع، فيصعب عليه في كِبره تلافي ذلك وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخةٍ له.
فإن لم يتحرّز منها غاية التحرّز فضحته لابدّ يومًا ما، ولذلك نجد أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم، وذلك من قِبَل التربية التي نشأ عليها).
وحدّث ولا حرج عن هدي النبي صلى الله عليه وسلّم في التربية، لتر مدرسةً متكاملة المناهج، راسخة الأصول، يانعة الثمار، وافرة الظلال في التربية والتنشئة الصالحة، حيث اعتنى بهم بنفسه، وأوصى بهم خيرًا في العناية والرعاية.
ومن عنايته صلى الله عليه وسلم بتعليم الأطفال دعاؤه بالعلم النافع لبعضهم كما في مسند أحمد ومستدرك الحاكم بإسناد صححه ووافقه الذهبي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: إَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِى- أَوْ عَلَى مَنْكِبِى شَكَّ سَعِيدٌ- ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِى الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ».
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال:
تشجيعه على طلب العلم، وإفساح المجال أمامه لمخالطة من يكبرونه سنًّا في مجالس العلم:
روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ- رضى الله عنهما- قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم جُلُوسٌ إِذْ أُتِىَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ». فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِى النَّخْلَةَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «هِىَ النَّخْلَةُ».
وروى البخاري وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضى الله عنهما- قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ – قيل إنّه عبد الرحمن بن عوف-: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا، وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ. قَالَ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ، وَدَعَانِى مَعَهُمْ قَالَ وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّى فَقَالَ مَا تَقُولُونَ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ) حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نَدْرِى. ولَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا. فَقَالَ لِى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) قَال عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ.
وفي حضور الناشئ مجالس من يكبرونه سنًا وقدرًا تكريم له ينبغي ألا يعدِم التأدّب والتخلّق فيه، ومن أدبه في مجلسهم أن لا يُطاولهم أو يتعالم بينهم، أو يتقدّمهم بحديث أو كلام.
روى مسلم في صحيحه أن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قال: لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلاَمًا فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ فَمَا يَمْنَعُنِى مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ أَنَّ هاهنا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّى.
وفي هذا المعنى يرد قول الحسن البصري في وصيّته لابنه رحمهما الله: (يا بني! إذا جالست العلماء فكن على السمع أحرص منك على أن تقول، وتعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن الكلام).
مع أنّ حسن الإصغاء والاستماع أدبٌ رفيعٌ في حق الكبار والصغار جميعًا، وقد أحسن من قال: المتحدّث حالب، والمستمع شارب، فإذا كفيت مؤونة الأولى فأحسن الانتهال منها.
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال:
تهيئته لما ينبغي أن يكون عليه، أو يصير عليه في كبره كالقيادة والريادة والإمامة، وكفى دليلًا على ذلك تأمير رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد ذي السبعة عشر ربيعًا على جيش يغزو الروم في بلاد الشام، وفيه كبار الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، وبعثه معاذ بن جبل رضي الله عنه أميرًا على اليمن وهو في التاسعة عشرة من العمر.
ومن هذا القبيل ما يدل عليه ما رواه البخاريّ في صحيحه عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أنه قال: َلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم حَقًّا فَقَالَ «صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا فِى حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا».
فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّى، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّى، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ. فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِى قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَىْءٍ فَرَحِى بِذَلِكَ الْقَمِيصِ.
فانظروا رحمكم الله كيف حفظ من أفواه الركبان قسطًا من كتاب الله فاق ما حفظه بنو قومه رغم تلقيهم عن خير الخلق صلى الله عليه وسلّم، والأغرب من ذلك أنّه تصدّر لإمامة قومه في الصلاة رغم حداثة سنّه إلى حدّ لا يُعاب عليه فيه انحسار ثوبه عن سوأته.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
مقدم من طرف منتديات أميرات
لقد من الله تعالى علينا بنعمة الذرّية، وحذّرنا من الافتتان بها فقال: (إنّ من أموالكم وأولادكم فتنة).
وانتدبنا لنأخذ بحُجَز أهلينا عن النار فقال: (قوا أنفسكم وأهليكم نارًا)، وذلك من حقّ أهلينا علينا، وتمام رعايتنا لهم، وكلنا راع ومسؤول عن رعيته كما في الحديث.
ولأداء أمانة الرعاية لابد للأبوين من الحرص والعمل على تعليم الأبناء وتربيتهم، ولا يفوتنهما أنهما محاسبان على التهاون والتقصير في ذلك.
فقد روى الترمذي وأحمد وغيرهما بإسناد صحيح عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِى يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا «أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا».
قَالَتْ لاَ. قَالَ «أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ». قَالَ فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَتْ هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ.
والشاهد هنا أنّه رتب العقوبة على الأم وليس على البنت التي لبست المسكتين في يدها، ولعل هذا لإقرارها على المنكر أو تسببها فيه.
والتربية السليمة تبدأ منذ نعومة الأظفار، قال الإمام الغزّالي رحمه الله في (الإحياء): (ممّا يحتاج إليه الطفل أشد الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه، فإنّه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره من حَرَدٍ وغضب ة لِجاجٍ وعَجلةٍ وخفّةٍ وهوىًَ وطيشٍ وحدّة وجشع، فيصعب عليه في كِبره تلافي ذلك وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخةٍ له.
فإن لم يتحرّز منها غاية التحرّز فضحته لابدّ يومًا ما، ولذلك نجد أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم، وذلك من قِبَل التربية التي نشأ عليها).
وحدّث ولا حرج عن هدي النبي صلى الله عليه وسلّم في التربية، لتر مدرسةً متكاملة المناهج، راسخة الأصول، يانعة الثمار، وافرة الظلال في التربية والتنشئة الصالحة، حيث اعتنى بهم بنفسه، وأوصى بهم خيرًا في العناية والرعاية.
ومن عنايته صلى الله عليه وسلم بتعليم الأطفال دعاؤه بالعلم النافع لبعضهم كما في مسند أحمد ومستدرك الحاكم بإسناد صححه ووافقه الذهبي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: إَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِى- أَوْ عَلَى مَنْكِبِى شَكَّ سَعِيدٌ- ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِى الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ».
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال:
تشجيعه على طلب العلم، وإفساح المجال أمامه لمخالطة من يكبرونه سنًّا في مجالس العلم:
روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ- رضى الله عنهما- قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم جُلُوسٌ إِذْ أُتِىَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ». فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِى النَّخْلَةَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «هِىَ النَّخْلَةُ».
وروى البخاري وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضى الله عنهما- قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ – قيل إنّه عبد الرحمن بن عوف-: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا، وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ. قَالَ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ، وَدَعَانِى مَعَهُمْ قَالَ وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّى فَقَالَ مَا تَقُولُونَ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ) حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نَدْرِى. ولَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا. فَقَالَ لِى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ قُلْتُ لاَ. قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) قَال عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ.
وفي حضور الناشئ مجالس من يكبرونه سنًا وقدرًا تكريم له ينبغي ألا يعدِم التأدّب والتخلّق فيه، ومن أدبه في مجلسهم أن لا يُطاولهم أو يتعالم بينهم، أو يتقدّمهم بحديث أو كلام.
روى مسلم في صحيحه أن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قال: لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلاَمًا فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ فَمَا يَمْنَعُنِى مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ أَنَّ هاهنا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّى.
وفي هذا المعنى يرد قول الحسن البصري في وصيّته لابنه رحمهما الله: (يا بني! إذا جالست العلماء فكن على السمع أحرص منك على أن تقول، وتعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن الكلام).
مع أنّ حسن الإصغاء والاستماع أدبٌ رفيعٌ في حق الكبار والصغار جميعًا، وقد أحسن من قال: المتحدّث حالب، والمستمع شارب، فإذا كفيت مؤونة الأولى فأحسن الانتهال منها.
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال:
تهيئته لما ينبغي أن يكون عليه، أو يصير عليه في كبره كالقيادة والريادة والإمامة، وكفى دليلًا على ذلك تأمير رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد ذي السبعة عشر ربيعًا على جيش يغزو الروم في بلاد الشام، وفيه كبار الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، وبعثه معاذ بن جبل رضي الله عنه أميرًا على اليمن وهو في التاسعة عشرة من العمر.
ومن هذا القبيل ما يدل عليه ما رواه البخاريّ في صحيحه عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أنه قال: َلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم حَقًّا فَقَالَ «صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا فِى حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا».
فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّى، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّى، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ. فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِى قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَىْءٍ فَرَحِى بِذَلِكَ الْقَمِيصِ.
فانظروا رحمكم الله كيف حفظ من أفواه الركبان قسطًا من كتاب الله فاق ما حفظه بنو قومه رغم تلقيهم عن خير الخلق صلى الله عليه وسلّم، والأغرب من ذلك أنّه تصدّر لإمامة قومه في الصلاة رغم حداثة سنّه إلى حدّ لا يُعاب عليه فيه انحسار ثوبه عن سوأته.
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________