وتسألني: لِـمَ البُعاد؟
أحار في الجـواب، فللبُعد أسباب شتى..!
نبتعد.. لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمرنا بالبُعد، وأوصانا بعدم الاقتراب!
نبتعد.. لأننا مازلنا في طريقنا نحو غايتنا، مررنا من هنا اضطرارًا، مجرد عابري سبيل!
نبتعد.. فالتجربة قد انتهت، والعِبرة قد تجلَّت!
نبتعد.. لكي ننتشل أنفسنا مِن وَهم جميل أُغْـرِقنا فيه، أو ربما أَغرقْنا أنفسنا بأيدينا فيه!
نبتعد.. لـنَخـرُج من عالَمهم، ونُـخـرِجَـهـم مِن عالَمنا!
نبتعد.. علَّهم يقدِّرون نعمة وجودنا بينهم ومعهم!
نبتعد.. حفاظًا على لقاء آخر أنقى وأدوم!
نبتعد.. عندما نكتشف أن تلك المشاعر التي نَبَتت ـ على استحياء ـ في قلوبنا لم تكن حقيقـيّـة، فقد سُقيت بماء الكذب والـمـواراة!
نبتعد.. عندما ندرك أن رفيق الـدَّرب أضعف من أن يتحـمَّـل تبعاته!
نبتعد.. عندما نشعر أنه لا معنى لوجودنا هنا، فليس لنا دور نؤديه، أو مهمّة ننجزها!
نبتعد.. عندما تصمتْ مشاعر الطرف الآخر، فينفر منا، يُلمّح لذلك ـ رأفـةً بقلوبنا ـ ولا يصرِّح، فنحزم أمتعتنا ونغادر بسلام!
نبتعد.. عندما تصمت مشاعرنا نحن، نبحث عن تلك الرعشة التي تصيبنا لمجرد ذكر اسمهم، عن نبضة القلب المختلفة، فلا نجدها!
نبتعد.. عندما نبحث عن قاسم مشترك يجمعنا لكن دون جدوى، فالأهداف مختلفة، والرؤى مختلفة، والأحلام مختلفة!
نبتعد.. عندما نشكَ بأمانتهم، بصدقهم، بكل الوعود التي ألقوها على مسامِعنا جُـزافًا!
نبتعد.. عندما تعجزنا الـحِـيَـل، وتأبى أخلاقنا أن نسلك طريق المُداهنة والـنِّـفـاق!
نبتعد.. عندما تكون أهدافنا أكبر من واقعهم، وأسمى من معانيهم!
نبتعد.. عندما يضيّقون علينا الخناق بأنانيتهم، قسوتهم، جفائهم، فتضيق علينا الدنيا بما رحبت!
نبتعد.. عندما نفتقد بريق البَسمة يشع مِن عيونهم، وإن ارتسمت ـ مجاملةً ـ على محيَّاهم!
نبتعد.. عندما نتأكد أنهم لا يشبهون نصفنا الآخر!
نبتعد.. عندما نوقن أننا لا نشبه نصفهم الآخر!
نبتعد.. عندما نشعر أن المكان ضاق بوجودنا!
نبتعد.. عندما نخشى على أحلامنا مِن أن تبدّدها يدهم الغادرة، وكلمتهم المُخادعة!
نبتعد.. عندما تنتابنا الظنون، نسألهم علّنا نرتاح، فيرفضون أن يجيبوننا!
نبتعد.. عندما تزلزل الصَّدمة كياننا!
نبتعد.. ليكونوا أقـوى، فوجودنا يعلّمهم التواكل!
نبتعد.. لنكون أقـوى، فوجودهم يكبّلنا!
نبتعد.. لنختبر مدى صدقهم!
نبتعد.. إذا عَيِيت قلوبنا ولم تعد قادرة على المواجهة!
نبتعد.. بـحـثًا عن مُتنفّس نقي يبقينا على قيد الحياة!
نبتعد.. مُداراةً لضعفنا، وقلة حيلتنا!
نبتعد.. طلبًا لهدوء تاه وسط الضجيج!
نبتعد.. رغبةً في التّعرف على كل ما هو جديد!
نبتعد.. لأن المكان لم يعد يليق بنا!
نبتعد.. حفاظًا على ماء وجوهنا!
نبتعد.. لتغدو الصورة أوضح!
نبتعد.. لنمنحهم فرصة الاختيار دون ضغوط!
نبتعد.. ورعًا!
نبتعد.. رحـمـةً، فقربنا يسبّب لهم الألم!
نبتعد.. تواضعًا!
نبتعد.. انتقامًا!
نبتعد.. ثأرًا لكرامتنا!
نبتعد.. خـوفًا!
نبتعد.. خـجـلا!
نبتعد.. حـيـاء!
نبتعد.. غـيـرةً!
نبتعد.. دَلالاً!
نبتعد.. لنظل في ذاكرتهم أننا الأجمل!


نقترب.. نبتعد، تُـرى هل هي أقـدار أم اخـتـيـار؟!


يا مَن أرهقتهم الحيرة: أنقترب أم نبتعد؟
ها هي بعض أسباب البُعد بين أيديكم، فاختاروا منها ما شئتم وابتعدوا.. إن كنتم تستطيعون!

كلماتك جميلة اختي وقفت حائرة امامها
فاسباب البعد متنوعه و كثيرة و مهما اخترنا البعاد أو هو من اختارنا فبالنهاية نقاسي آلامه و تظل الذكريات هي الدواء ..
رائعه اختي رجاء سلمتِ و سلم قلمكِ الذهبي
تحياتي و تقديري ..