إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السـِّــياج خاطرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السـِّــياج خاطرة

    عنوان الموضوع : السـِّــياج خاطرة
    مقدم من طرف منتديات أميرات

    السـِّــياج

    كانت الظلمة لا تزال مستعصية على الغروب ، زنزانتي تتلبسها العتمة التي احــتوتني ، أثرتُ أن أدعي تلك الخصوصية ، شعرتُ أنها تعنيني ، فقد أينعت أفكاري الجــنــونــية فيها ، تقلصت رائحة العدم في أرجائها ، كنت متيقناً أنها ستلفظني إلى زنزانة أخرى ، ربما أجدُ بها ذات الخصوصية .
    شعرت بأقدام تتلعثمُ في مشيها باتجاه زنزانتي ، صوتُ الأقدام خبا بــجوار بـــابـــي ، دخل السجان ، صرخ باسمي فالتفتُ للوجوه من حولي التي لا يعنيها الاسم ، نهضتُ من مكاني فأمسك بيديَّ وكبلهما بقيوده .
    أُدخلتُ إلى حجرة صغيرة يقبع داخلها ضابط ، وقفتُ بجانب الباب ، أنهيا إجراءات لم أجهد نفسي في معرفتها .
    اتجه بي للخارج وبيده الأُخرى ملفٌ محشوٌ بالأوراق ، أُخذتُ إلى عربة ذات سياج حديدي على النوافذ ، كان فيها من يؤنس وحدتي ، يفصلُ بيننا وبين السائق ومرافقه نفس السياج ، أيقنتُ حينها أنَّ زنزانتي ، عذراً من كانت كذلك ، قد لفضتني إلى بحر سيمجني إلى المجهول .
    أشعلتُ سيجارة كنت قد طلبتها من السائق فأعطانيها بكل ود ، رحتُ أتنفسها مخترقاً بنشوتها سياج العربة إلى عالم روحاني مختلف عن الحاضر الــمــقـــيــــت ، تمددتُ بعدها لأسبح في نوم تخللته انتباهات .
    انتبهتُ من العربة لأجدني في مكان يُشبه تماماً السجن الذي كنت أقبع فيه ، ربما أكثر اتساعاً منه ، خمنتُ أن تكون الزنزانات فيه أكثر اتساعاً أيضاً ، كانت تجمعني بمن في العربة قيود حديدية ، أُخرجنا بعد دقائق من توقفنا من الــــعـــربة ، كان السجّان يدخلنا واحداً تلو الأخر كلٌ إلى زنزانته ، انتهى الدور بي في واحدة لا تختلفُ عن زنزانتي ، أيقنت حينها أيضاً أنَّ مقاول الزنزانات شخص واحد .
    الوجوه لا زالت تحدِّق بي كأني زائر مرّيخي ، الأسرَّة مملوءة إلاّ واحداً ، فاتجهتُ إليه غير عابئ بالنظرات ، ارتميتُ عليه مُجهداً وغفوتُ غفوة أبدلت النشاط بالإجهاد ، كانت الوجوه لا تزال تتفرس في وجهي ، أشغلتُ نفسي بالتجول في أرجاء الزنزانة ، أمارسُ هوايتهم في التحديق بوجوههم ، وجـــــــدتُ الـــمـــتــعة في ذلك .
    كان يجلسُ بجانبي رجل يكبرني بكثير سناً ، يطالعُ المدى البعيد عبر سياج النافذة ، شعرتُ بأنَّه لا يألف السجن ولا يألفه ، رجلٌ أسمرُ الوجه ممتدُ القامة ذو شعرٍ أسود وذقن كث .
    بدأ حينها شيطاني المولود في أودية الــــظلال بممارسة هواية الــــــتطفل ، التفـتُ إليه وناديته يا عم .
    أشار بيده إلى صدره ، أومأ قائلاً : إياي تعني ؟
    بادرته قائلاً : نعم .. كنتُ قبل أن أبدأ الحديث معه قد أعددتُ للبداية ..
    قلتُ : ما اسم هذه المدينة ؟ مع أني كنتُ أعرفها .
    أجابني أنها تُدعى ( وعْرَه ) ، فــنما إلى ذاكرتي ما حــــصل في طــريــقــنــا إلــى هنا ، بأننا حين إحدى إنتباهاتي كُنّا نصعدُ جبالاً ، استملحتُ لذلك اسمها .
    شعرتُ حينها بشيطاني يتربع على عرش التطفل ، قمتُ بإعداد كوبين من الشاي دون شعور مني بالحرج لقرب وصولي ، أعددته تهيئةً لحوار جديد ، مددتُ إليه كوبه .
    بادرني بـ ( شكراً ) يا ولدي، بابتسامة مصطنعة يتساقط منها الذبول ، بدأته بالحديث عن زنزانتي والرحلة إلى هنا ، بأنني قد بنيتُ معها علاقة استصعبتُ أن أتركها إلى غيرها .
    قاطعني قائلاً : ماذا عن من أمضى عشرين عاماً في زنزانته ؟
    أردتُ سؤاله عن ذلك الشخص فقاطعني : أنا مثلاّ لم أتزحزح من مكاني هذا منذ عشـرين عاماً .
    شعرتُ بقشعريرة تتسرى في جسدي ، بزوبعة أسئلة تتلوى على شفاهي ، بادرته بعدها سائلاً : هل أمضيتَ تلك المدَّة في السجن ؟!!
    تنهدَ بحرقة تلمستها من الموقف ، أجابني بنعــم .
    أحسستُ بعدها بشيطاني وقد استنعج بعد استئساده ، بأنَّ شِباكَهُ لم تستقر إلاَّ حول جسدي لا جسده .
    حدَّق إلـيَّ وسألني عن سبب مجيئي إلى هنا ؟.
    وبانقياد مغرض أجبته : إنني اختلستُ أموالاً كانت في عهدتي من عملي فبتُّ سجيناً دون أن أتلذذ بها .
    بادرتُهُ قبل أن ينقطع الحديث عن سبب سجنه أيضاً ، حاول أن يتنصًّل عن إجابتي لكنني أصررتُ عليه بنظراتي .
    أجابني بعد صمتٍ قصير وقال : ارتكبتُ جريمة قتلٍ ‍، وصَمَتْ …
    انتابت أطرافي رعدة من كلماته ، لكني استرجعتُ رجولتي الذابلة وقُلتُ لماذا ؟.
    أجابني : قتلته لأجل قطعة أرضٍ كلٌّ منَّا يريـدُ ضمّها إلى أملاكه ، ذات صباحٍ مضيتُ متأبطاً شرّاً ، لم أبذل جهداً في إثارته ، لم أشعر إلاّ ويــــدي تـــمــتــدُّ لجيبي ، تُخرج مسدساً وتضغطُ على الزناد ، أرديته قتيلا ، جُررتُ بعدها وإلى الآن هنا .
    قال كلماته وانهار على سريره جسداً بلا حراك ويده على صدره متنفساً بصعوبة بالغة أسمعها من حشرجة صدره ، وتجاعيدُ وجهه تنقبضُ تارة وتــنــفـــرجُ أُخرى ، آثرتُ حينها أن أتركه ليرتاح بعد أن أحرق الأخضر واليابس من تطفلي بكلماته .
    مرَّ ذلك اليوم وقوافلُ الأفكار ترتحلُ بي من قفرٍ إلى قفرٍ ، حتى أنّي نسيتُ ما قذفتُ بسببه في السجن .
    في اليوم التالي ، كان الرجل يجولُ بنظراته إلى المدى البعيد ، بادرتُ لعمل كوبين من الشاي وأنا أُفكرُ أنه ينتظرُ ، سألتُ نفسي لم إلى الآن لم يُــنفذ فيه الحكم ؟ انتهيتُ من عمل الشاي ، مددتُ له كوباً ، أخذهُ متردداُ ، طفقتُ أرتشف من الشاي ، بادرتُهُ فجأة بسؤالي دون أن أُفكر في قسوة السؤال ، قلتُ له : كم حُكم عليك بالسجن ؟ مع تيقني أنَّ الحكم في هذه الأحوال هو الموت .
    فاجأني بإجابته : أنتظرُ الإعدام ، للرجل الذي قتلتُهُ ولدٌ بلغ الآن عشرين عاماً وسوف ينفذُ الحكم إذا لم يعفُ .
    شعرتُ بأنّه يموتُ مع كل دقيقة انتظار . مضت أيامٌ كنتُ قد تخلصتُ فيها من شيطاني تماماً ، وكذلك كان الرجل قد قذف بلُغته عبر سياج النافذة ليستردها حين يشاء .
    صبيحة يوم دخل سجانان واقتادا الرجل خارجاً ، شعرتُ أنّه الموت قد أتى يـــطــلبه .
    كان أبي قد قدم إلى المدينة ، قدّم إلى إدارة السجن تقريراً يتهمني فيه بالجنون ليس حباً في المرض لي ولكنها أحد الحلول لخلاصي من براثن السجن ، وبأنه قد أعاد الأموال التي اختلستها ، وحمل إلـيَّ فصلاً نهائياً من محل عملي وتنازلاً عن الإدعاء ، وخرجتُ ...
    سألتُ ضابطاً : إلى أين اقتادوا ذلك الرجل ؟.
    فأجابني بعدم مبالاةٍ : إنَّ حكم الإعدام سينفذُ فيه اليوم .
    كان أبي يُمسك بيدي وكأنني طفلٌ يخاف عليه أن يضيع في الزحام .
    قلتُ له : إنني أرغبُ بزيارة صديق لي هنا ، أقنعته بذهابه إلى القرية بصعوبة بالغة وبأني سألحقه في الغد ، وقد كنتُ عازماً على الذهاب لـــحـــضــور الــقصاص ، سألتُ عن الساحة حتى وصلتُ إليها ، كان هنالك جمعٌ غفيرٌ من الناس يحيطون بالساحة ، وأيضاً كثيرٌ من رجال الأمن يحيطون بها ، وبعد دقائق حضرتْ عربة إلى الساحة ، وأُخرج منها الرجل يتعثر في خطواته لــوســط الساحة ، جال بنظراته المتعثرة إلى الوجوه فاستوقفه وجهي ، أشار لرجل أمـــن وحدثه قليلاً ، فعرفتُ أنَّه استردَّ لغته الآن .
    أقبل رجل الأمن إلـيَّ ، قال بأنّه يريدني ، مضيتُ إليه .
    بادرني قائلاً : إنني منذ عشرين عاماً لم تتجول عيناي إلاّ من عبر ســيـــاج الــنــافذة، اكتشفتُ أنَّي فقدتُ بصري ، لم أستعده سوى اليوم .
    ثم أردف قائلا : استدعيتك كيلا تموت قصتي التي قلتها لأول مرة لك ، أستحق الموت ولم أعد أرهبه لأنّي ميتٌ منذ عشرين عاما .
    عُدتُ بعدها إلى مكـــــاني ، اقـــترب رجل تلبسه وحشٌ يحملُ في يده (….) وقف بجانب الرجل ، جثا الرجل على ركبتيه ، رفع الوحش (….) ، هوى بها على رقبته ، تدحرجَ واستقر رأسهُ بجانبي ، عيناه متجهةٌ إلى وجهي ، تجاعيدُ وجهه تنقبض تارة وتـنـفـرج أُخـــــرى . .

    >>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
    ==================================

    أشكرك اختي جنة الخلود على سرد القصة
    بس النهاية مؤلمة
    نحن بالقرب دائما

    __________________________________________________ __________
    مشكووووووووره اختي على القصه
    بس انا كنت نعسانه وما قراته واذا قمت قريته طيب
    مشكوووووره مررررررررره ثانيه

    __________________________________________________ __________


    __________________________________________________ __________


    __________________________________________________ __________





يعمل...
X